مؤتمر بالقاهرة يبحث فرص التعاون الاقتصادي والثقافي بين دول بريكس
مصر في بريكس: خطوة نحو مستقبل اقتصادي واعد
انضمام مصر لبريكس: هل يكون المفتاح للتوسع في الأسواق العالمية؟
القاهرة :أفراح تاج الختم
مع انضمامها رسميًا إلى تكتل “بريكس” بداية العام الحالي، تقف مصر على أعتاب مرحلة جديدة تفتح أمامها أبوابًا واسعة للتكامل الاقتصادي والتعاون الدولي
يأتي الانضمام في ظل رئاسة روسية للتكتل، ويُمثّل فرصة استراتيجية لتعزيز مكانة مصر الاقتصادية عالمياً، والاستفادة من شبكة العلاقات متعددة الأطراف بين الدول الأعضاء.
في عالم يسعى نحو التعددية القطبية، يُعد انضمام مصر خطوة حاسمة نحو تحقيق نمو مستدام عبر تبني سياسات جديدة تدعم الإنتاج الصناعي والزراعي، وتُعالج الاختلالات الاقتصادية مثل العجز التجاري والتضخم. ولكن ماذا يعني الانضمام إلى “بريكس” لمصر على أرض الواقع؟ وكيف يمكن أن يتحول التكتل إلى منصة لدعم الاستثمارات ونقل التكنولوجيا وتسويق المنتجات المصرية عالميًا؟
في مؤتمر استضافته القاهرة، اجتمع خبراء الاقتصاد والمختصين لمناقشة تلك الأسئلة، مع التركيز على وضع استراتيجية متكاملة لاستفادة مصر من عضويتها في “بريكس” وتعزيز دورها في رسم خريطة الاقتصاد العالمي الجديدة.
عقد مركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية، بالتعاون مع سفارة روسيا الاتحادية بالقاهرة، والبيت الروسي، والمؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم، ومؤسسة شرف للتنمية المستدامة، ومؤسسة صالون الاتحاد المصري، برعاية كل من شركة “آي آر إم” ومكتب محاسبون ومراجعون قانونيون، مؤتمرًا بعنوان “بريكس: آفاق التعاون الاقتصادي والثقافي”، تحت شعار “عضوية مصرية ورئاسة روسية”، وذلك يوم الاثنين الماضي بمقر البيت الروسي بالقاهرة.
ناقش المؤتمر سبل تعزيز التعاون بين دول بريكس في مختلف المجالات، بدءًا من الاقتصاد والاستثمار والسياحة، وصولًا إلى التعاون المالي والقانوني والإعلامي والثقافي والتعليمي، وحتى التنمية المستدامة. كما شهد عرضًا للأوراق البحثية المقدمة من باحثين وخبراء، تلاها نقاشات مستفيضة حول الملفات والقضايا المرتبطة بهذه الأبعاد.
انضمام مصر إلى بريكس: خطوة استراتيجية
شهدت بداية العام الحالي تحولًا في مسيرة تكتل بريكس بانضمام خمسة أعضاء جدد، من بينهم مصر، بالتزامن مع رئاسة روسيا للتكتل، التي جاءت على رأس أجندتها الجهود المبذولة لدمج الأعضاء الجدد في بنية التعاون متعدد الأطراف.
عوامل قوة بريكس في النظام العالمي
تطرقت السفيرة جيلان علام، مساعدة وزير الخارجية الأسبق لشؤون المنظمات الدولية، إلى ثلاثة عناصر قوة أساسية لبريكس:
الدور الأساسي: وجود الصين وروسيا، العضوين الدائمين في مجلس الأمن، يمنح بريكس أهمية استراتيجية.
القدرات النووية: امتلاك أربعة من دول بريكس (الصين، روسيا، الهند، باكستان) للأسلحة النووية يضفي عليها ثقلًا سياسيًا عالميًا.
المساحة الجغرافية: مساحة الدول الأعضاء في بريكس هائلة، حيث تبلغ مساحة روسيا وحدها 17 ضعف مساحة مصر، ما يمنحها نفوذًا كبيرًا على الساحة العالمية.
“بريكس كوينز”: اقتراح عملة رقمية موحدة
ناقشت السفيرة جيلان موضوع العملة الموحدة لبريكس، مشيرةً إلى صعوبة إيجاد عملة واحدة. وطرحت اقتراحًا شخصيًا لها بتطوير عملة رقمية تُدعى “بريكس كوينز” تجمع العملات المحلية لدول بريكس، معتبرةً أن ذلك يسهم في تسهيل عمليات التعاون والتجارة والسياحة والاستثمار بين الدول الأعضاء. ودعت الأكاديميين المصريين لدراسة الاقتراح .
الانضمام المصري لبريكس: مكاسب وتحديات
أكد الدكتور سعيد عبد الخالق، عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، أهمية انضمام مصر إلى تكتل بريكس، مشددًا على أن انضمامها لا يمنعها الانضمام إلى تكتلات أخرى تحقق مصالح البلاد. وأشار إلى أن التركيز يجب أن يكون على التنمية الذاتية وتوسيع قاعدة الإنتاج السلعي، باعتبارها البداية الحقيقية لتحقيق التنمية المستدامة.
وأوضح عبد الخالق أن توسيع قاعدة الإنتاج السلعي يعتبر الأساس للاستفادة من أي تكتلات اقتصادية، حيث يُسهم في معالجة عجز الميزان التجاري مع الدول الشريكة، إذ تستورد مصر حاليًا أكثر مما تصدر. وأضاف أن زيادة الإنتاج، خاصةً في قطاعي الزراعة والصناعة، يتطلب الاهتمام بالتعليم والصحة لتحقيق إنتاجية أعلى وتنمية بشرية مستدامة.
وحول استفادة مصر من بريكس، دعا إلى التركيز على تقديم اقتراحات عملية ودراسات بحثية لاستثمار فرص التكتل في تسويق المنتجات، ونقل التكنولوجيا، وتعزيز التعاون التكنولوجي.
كما أكد عبد الخالق على أهمية معالجة التضخم باعتباره المفتاح لجذب الاستثمار، وبالتالي توسيع قاعدة الإنتاج وتحقيق المزايا المرتبطة به.
رؤية دولية لتحديات بريكس
من جانبه، أوضح الدكتور إيغور ماتفيق، أستاذ مشارك بكلية العلاقات الاقتصادية الدولية في الجامعة المالية الحكومية بروسيا عبر مداخلته اسفيريا” عبر زووم ، أن بريكس تمثل منصة حقيقية للتعاون بين الدول غير الغربية، وتشكل قاعدة للحوار السياسي والجهود الدبلوماسية والتجارية بين هذه الدول.
وأشار ماتفيق إلى وجود مخاوف من هيمنة الولايات المتحدة على النظام العالمي وسعيها للحفاظ على مركزها كقوة قطبية وحيدة. كما تحدث عن مخاوف من سياسات الدول الغربية التي تسعى للحفاظ على هيمنتها الاقتصادية على حساب الدول النامية.
وأشار إلى التحديات التي تواجه بريكس ككل، بما في ذلك الضغوط من الدول الغربية، النزاعات الإقليمية، والعقوبات الاقتصادية، فضلًا عن الاتجاهات المختلفة داخل التكتل وتباين المصالح بين الأعضاء، مثل التنافس بين الصين والهند.
وأكد ماتفيق أن انضمام مصر إلى بريكس خطوة استراتيجية، رغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها، مع وجود آفاق واسعة للتعاون.
الإعلام كرافعة لتطوير بريكس
تناولت ورقة الخبير الإعلامي هاني الجمل دور إعلام بريكس في تعزيز عالم متعدد الأقطاب، حيث اقترح إنشاء غرف أخبار تعاونية عابرة للحدود، ودعا إلى أن تعمل وسائل إعلام بريكس كمراكز أبحاث لتطوير أهداف التكتل.
التوصيات الختامية للمؤتمر
اختتم المؤتمر بمجموعة من التوصيات البارزة، شملت:
اقتصاديًا: الدعوة إلى دورية انعقاد المؤتمر، تنظيم فعاليات متخصصة، بناء شراكات مع المجتمع المدني، تعميق التعاون في الأمن الغذائي والطاقة، وإنشاء مركز بحثي لدراسة تحديات المياه.
ثقافيًا وسياحيًا: نشر إصدارات مركز دراسات روسيا وبريكس، تعزيز التعاون السياحي عبر تسهيل التأشيرات وفتح خطوط طيران مباشرة، وتنظيم فعاليات ثقافية مشتركة.
إعلاميًا: إنشاء وكالة أنباء بريكس، تفعيل التعاون الإعلامي، تعزيز دور مراكز الفكر والبحث، تنظيم دوري أو أولمبياد بريكس، وتطوير التعاون في الترجمة والتعليم.
يمثل المؤتمر منصة هامة لتعزيز التعاون بين دول بريكس في مواجهة التحديات العالمية، مع التركيز على الدور المحوري لمصر كعضو جديد في التكتل.
الامين العام للحركة الاسلامية:لن تهزّنا روايات أصحاب الغرض الكذوب
قال الشيخ على كرتي الامين العام للحركة الاسلاميةموقنين بعِظَم التكليف وثقل حمولته، مؤمنين …