وقفات، وتدبرات رمضانية. العام 1446 اليوم السادس عادل عسوم الصيام بين دونية الجسد وعلوية الروح

الإنسان روح من الله وجسد من الطين…
والجسد بيت ومطية ووعاء…
والروح ساكنه وراكب مسافر…
وقد خلق الله البيت لمصلحة الساكِن، فما أعجب الذين أهملوا فجعلوا من ذواتهم خداما للوعاء، أهملوا أرواحهم وعبدوا أجسادهم، فللجسد وحده يعملون، ولإشباع غرائزهم الدنيا ينشطون، ولسان حالهم قول الشاعر:
إنما الدنيا طعام وشراب ومنام
فإذا فاتك هذا فعلى الدنيا السلام
هؤلاء وصفهم الله تعالى بقوله: {أرأَيتَ مَنِ أتَّخَذ إِلَهَهُ هَواه أَفَأَنتَ تكونُ عليهِ وَكِيلاً أَمْ تَحسَب أنَّ أكثرَهم يَسمَعُون أو يَعقِلون * إِنْ هم إلاَّ كالأنعامِ بَلْ هم أضلُّ سبيلاً} الفرقان 43، 44.
قال الدكتور يوسف القرضاوي رحمه الله:
لن نستطيع أن نُدرِك سِرَّ هذا الصوم إلا إذا أدركْنا سِرَّ هذا الإنسان… فَما الإنسان وما حقيقته؟
هل هو الجُثَّة القائمة وهذا الهَيكل المُنْتَصِب؟ هل هو هذه المجموعة مِن الأجهزة والخَلايَا واللحْم والدَّمِ والعظْم والعصَب؟ إن كان الإنسان هو ذلك فما أحقَره وما أصغرَه!
انتهى.
للجسد مطالب من جِنس عالمه السفلي، وللروح مطالب من جنس عالمها العلوي، فإذا أَخضع الإنسان أشواق روحه لمطالب من جِنس غريزته في عقله استحال من كائن وضيئ إلى حيوان ذميم وشيطان رجيم:
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته
أتطلب الربح مما فيه خسران؟
أقبل على النفس واستكمل فضائلها فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
أما إذا عرف الإنسان قيمة نفسه وأَدرك سر الله فيه، فيصبح ملاكا أو خيرا من الملاك:
قال الله تعالى:
{إنَّ الذين آمَنُوا وعمِلوا الصالحات أولئك هم خَيْرُ البَرِيَّة} البينة 7.
لذلك فرض الله الصيام ليتحرر الإنسان مِن سلطان غرائزه، ويتحرر من سجن جسده، ويتغلب على نزعات شهوته، ويتحكم في مظاهر حيوانيته،
فليس عجيبًا أن ترتقي روح الصائم وتقترب من الملأ الأعلى، ويقرع أبواب السماء بدعائه فيفتحها الله له، ويدعو ربه فيستجيب له يقول تعالى: لبَّيْك عَبدِي لبَّيْك.
قال نبينا صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا تُرَدُّ دعوتهم: الصائم حتى يُفطِر، والإمام العادِل، ودعوة المَظلوم…)
قال الغزالي:
قال أبي حامد الغزالي:
أعلم أن الصوم ثلاث درجات؛ صوم العموم، وصوم الخصوص، وصوم خصوص الخصوص.
أما صوم العموم فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة كما سبق تفصيله. وأما صوم الخصوص فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام.
وأما صوم خصوص الخصوص فصوم القلب عن الهمم الدنية، والأفكار الدنيوية، وكفه عما سوى الله عز وجل بالكلية، ويحصل الفطر في هذا الصوم بالفكر فيما سوى الله عز وجل واليوم الآخر وبالفكر في الدنيا، إلا دنيا تراد للدين.
آمنت بالله.
وإلى اللقاء في مقال اليوم السابع إن شاء الله.
adilassoom@gmail.com
السودان يدين الهجوم على قطر
اصدرت وزارة الخارجية بيانا صحفيا ادانت فيه الهجوم على دولة قطر الشقبقة وفيما يلي نص البيان…