نقطة إرتكاز د. جادالله فضل المولي يكتب: حرق المؤسسات القضائية: محاولة لطمس هوية السودان القانونية

في مشهد يُدمي القلوب، تعرض مبنى السلطة القضائية بمافيه الإرشيف والمكتبة بأنواعها بمدينة الخرطوم، أحد أعرق رموز العدالة السودانية، تم حرقه متعمداً على يد المليشيات المدعومة إماراتياً. هذا المبنى لم يكن مجرد هيكل من الطوب والإسمنت، بل كان ذاكرة الأمة السودانية، وأرشيفاً قانونياً يُوثق تاريخ القضاء الممتد لأكثر من قرن. هذه الجريمة تُعد فصلاً جديداًمن فصول تدمير الدولة السودانية ومؤسساتها السيادية، وتُثير تساؤلات حول دوافعها وأبعادها.

إذاًماهي رمزية مبنى السلطة القضائية في السودان؟.وُضع حجر أساس مبنى السلطة القضائية في عام ١٩٠٤م، وتم افتتاحه رسمياًفي٢٤ فبراير ١٩٠٨م تطور ليصبح معلماً قضائياً مركزياً في الدولة السودانية، يُمثل إرثاً قانونياً وثقافياً للسودان.يحتوي هذا المبنى العظيم على سجلات القضاء لأكثرمن قرن،تضم أحكاماً كتبهاعمالقةالفكرالقانوني والفقهي ويضم أرشيف ضخم من المكاتبات الرسمية والمراسلات القانونية التي تُوثق تطور الفكر القضائي في السودان.

إذاًماهي الدوافع والأبعاد للحريق؟ حرق المبنى يُظهر رغبة المليشيات في محو رموز الدولة السودانية ومؤسساتها السيادية. تُعد هذه الجريمة جزءاً من استراتيجية لتدمير الهوية الوطنية وإضعاف الدولة.فقدتم اختيار هذا الهدف بعناية وطريقة إحراقه تُشير إلى تخطيط دقيق واختراق استخباراتي خارجي. لايستبعد ان يكون هنالك دعم لوجستي من أجهزة استخبارات إماراتية وإسرائيلية لتوجيه ضربات نحو مؤسسات الدولة السودانية.

من لأهمية بمكان توثيق هذه الجريمة ضمن الملفات التي ستُعرض أمام المحاكم الدولية مستقبلاً. ومحاسبة المتورطين في حرق هذا الإرث التليد،يُعتبر جريمة ضد الإنسانية، لا يمكن أن تسقط بالتقادم بأي حال من الأحوال. الحفاظ على ما تبقى من إرث السودان القانوني والثقافي يُعتبر مسؤولية وطنية ودولية.
إعادة بناء المؤسسات القضائية يُعد خطوة أساسية لاستعادة هيبة الدولة السودانية.

السودان بحاجة إلى تكاتف الجهود الوطنية والدولية لمواجهة هذه التحديات والعمل نحو بناء مستقبل أكثر استقراراً وأماناً. حفظ الله السودان وشعبه.