نقطة إرتكاز د.جادالله فضل المولي يكتب: السودان: يد امتدت بالخير، فكانت المكافأة جُرحاً
بدايات الوفاء في سبعينيات القرن الماضي، كانت لإمارات مجرد صحراء ممتدة تبحث عن ملامح المستقبل ، بينما كان السودان دولة ذات عمق حضاري ومعرفي،تحمل خبرات تُشكل حجر الأساس في بناء الدول.في إحدى الزيارات التاريخية، جلس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى جانب الرئيس جعفر نميري ، ونظر إلى شوارع الخرطوم النظيفة، إلى هندستها المعمارية، إلى نظامها القانوني الراسخ ، حيث قال أريد أن تكون أبوظبي مثل الخرطوم، منظمة ونظيفة، بناؤها متين، وشوارعها تخبر العالم أننا حضارة ناشئة تتجه نحو المستقبل.
ابتسم نميري، وقال بكل إخلاص السودان سيقف معكم،وسنعطيكم من خبراتنا كل ما تحتاجونه لبناء نهضتكم. ومن هنا بدأ التعاون التاريخي ، حيث لم يكن السودان مجرد داعم، بل كان معلماًحقيقياً للإمارات في تشكيل هويتها السياسية والعمرانية والعسكرية. ضباط سودانيون ساهموا في تأسيس الجيش الإماراتي ، فكانوا حجر الأساس في بناء القوة العسكرية للدولة الناشئة. قضاة سودانيون وضعوا أسس القضاء الإماراتي ، فكانوا عقول العدالة التي نظمت الحياة القانونية للدولة الوليدة.خبراء سودانيون عملوا في أبوظبي لوضع الخطط العمرانية، فجاءت المباني والشوارع مستلهمة من الخرطوم، كما طلب الشيخ زايدكان السودان يضع أساساً لدولة تحمل فضل نهضتها له ، لكن الأيام كان لها وجه آخر تخبئه في المستقبل.
لم يتغير الزمن فتغير الحكام فكانت خيانة اليد الممتدة ، واختلفت المصالح، لكن السودان بقي واقفاً بقلب مفتوح تجاه الإمارات، متوقعاً أن الذكرى الجميلة ستظل تُحافظ على قوتها لكن مع مرور الزمن، بدأ السودان يكتشف أن الجميل الذي قدّمه لم يكن في ذاكرة البعض، بل تحول إلى تهميش ونكران للفضل.لم تعد الإمارات تذكر السودان كأحد الأعمدة التي بنت نهضتها ، بل تعاملت معه كأنه مجرد دولة هامشية لا تستحق الاعتراف بمساهماتها.لم يكتفِ الأمربالنكران بل تحوّل إلى استهداف ، فقد قام ابن زايد بدعم مليشيا آل دقلو وأشعلت الفوضى داخل السودان. وفي اللحظة التي كان السودان يحتاج فيها إلى الدعم، لم يأتِه من الإمارات إلا أطنان المتفجرات والأسلحة التي مزقت شعبه .
السودان الذي صاغ دستور الإمارات،الذي أسس جيشها الذي نظم عدالتها ، هو نفسه السودان الذي تلقى الضربات الموجعه بدلاً من الشكر، وواجه الخيانة بدلاً من الوفاء كان الأمر وكأنه مشهد سينمائي مأساوي ، حيث يعود البطل ليرى أن كل ما بناه قد تحول إلى رماد، وأن اليد التي امتدت لإنقاذ أصبحت اليد التي تزرع الجراح.
إن دروس التاريخ لا تُنسى ،لكن السودان لم يكن يوماً دولة تسقط في لحظة واحدة، فهو بلد علّم الشعوب، ولم يكن بحاجة إلى من يُعيدتعريفه. السودان وقف أمام تلك الخيانة، ليس ليبكي على الماضي، بل ليراجع حساباته ، ليُدرك أن الزمن يُغيّر النفوس، وأن العلاقات لا تُبنى على الذكريات فقط، بل على المصالح. التاريخ يكتب كل شيء، والسودان يعلم أن يوماً ما ستفتح الكتب لتشهد كيف أن دولة امتدت بالخير، فكان رد الجميل جُرحاً غائراً. لكن هناك قاعدة لا تتغير في صفحات الزمن لا يدوم إلا الصحيح، ومن يزرع الخيانة لن يحصد سوى العزلة.
يابن زايد البِرُّ لا يبلى، والإثم لا يُنسى، والديان لا يموت، فكن كما شئت، كما تدين تُدان .والدائرة سوف تدور. حفظ الله السودان وشعبه.
meehad74@gmail.com
شظايا الحروف… يكتبها خليل فتحي خليل شعب السودان اقوي (رغم المر مر العيد).؟
في ظل الاوضاع التي يعيشها الوطن الحبيب السودان في كل الاتجاهات جاء العيد وحزن النفوس مستقر…