‫الرئيسية‬ مقالات أصل_القضية الكيانات العربية والإسلامية: صمتٌ طويل … وصبرٌ فارغ محمد أحمد أبوبكر
مقالات - ‫‫‫‏‫9 ساعات مضت‬

أصل_القضية الكيانات العربية والإسلامية: صمتٌ طويل … وصبرٌ فارغ محمد أحمد أبوبكر

أصل_القضية  الكيانات العربية والإسلامية: صمتٌ طويل … وصبرٌ فارغ  محمد أحمد أبوبكر

باحث بمركز الخبراء العرب

“المنظمات لا تُقاس بعدد المؤتمرات، بل بعدد اللحظات التي تصنع فيها فارقًا.”

 

في عالم يضجّ بالصراعات، تمتلك الأمة العربية والإسلامية “روافد مؤسسية” ضخمة: من جامعة الدول العربية إلى منظمة التعاون الإسلامي، ومن المجالس الاقتصادية إلى الروابط الدينية والعسكرية، لكن حين تئنّ غزة تحت الحصار، وينهض السودان وسط الركام، وتُضرب إيران من السماء، لا تجد من تلك الكيانات إلا بيانات شجب خجولة أو صمتًا مهيبًا كجنازات الصالحين.

 

غزة: الوجع الذي لا يغيّبنا… لكن لا يحرّكنا:

لأكثر من سبعة عقود، بقيت غزة جرحًا مفتوحًا في الوعي العربي والإسلامي.

لكن ما يثير الذهول، أن الردود الرسمية للمنظمات العربية والإسلامية باتت باهتة إلى حد فقدان التأثير.

هل باتت غزة مجرد “حدث مكرر” في أجندات الكيانات الكبرى؟

أم أن لغة البيانات المُعلّبة غلّفت قسوة الواقع بطبقة من المجاملة السياسية؟

وحين سقطت القنابل على رؤوس الأطفال، لم تسقط معها ولا حتى قاعة اجتماع واحدة.

 

السودان: من بين الرماد تنهض فكرة:

في المقابل، يقف السودان اليوم في موقع بالغ الحساسية:

يخوض صراعًا داخليًا مريرًا، لكنّه لا يزال يرفع رأسه عاليًا في وجه التهميش الإقليمي والدولي.

وبدل أن يغرق في تفاصيل أزمته، يخرج من بين الدمار حاملاً مشروعًا، يحمل اسمًا جميلاً وعميقًا:

“الجسر والمورد”.

 

هذه ليست مجرد وثيقة دبلوماسية، بل رؤية استراتيجية ترى أن السودان يمكنه أن يكون نقطة التقاء بين شتات الأمة:

* من شمالها إلى جنوبها، بين عربها وأفارقتها،

 

* بين آمال شعوبها ومحدودية مؤسساتها.

 

السودان يُعيد تعريف الفكرة:

أن تكون “فاعلًا” لا “مفعولًا به”،

أن تتحول من عبء سياسي إلى جسر حضاري،

ومن متلقٍّ للمبادرات إلى مورد للأفكار والمواقف والمبادآت.

 

إيران: العدوان الصامت على السيادة الإسلامية:

رغم كل التباينات السياسية، تبقى إيران دولة مسلمة، ذات سيادة.

وحين تعرّضت لهجوم جوي مباشر من العدو الصهيوني، كان اختبار المنظمات الإسلامية والعربية قاسيًا… وفاشلًا.

فلم تُعقد قمة طارئة، ولم تُفعّل آليات الرد الجماعي، ولم تُستنهض الشعوب إلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وهنا، لا نتحدث عن الدفاع عن إيران كدولة، بل عن الدفاع عن مبدأ السيادة، عن رمز الكرامة، عن وحدة المصير أمام الغطرسة الصهيونية.

 

قراءة تحليلية في صمت المؤسسات:

هل السبب عجز تنظيمي؟

أم ضعف الإرادة؟

أم أن هذه الكيانات لم تُخلق أصلًا لتكون أدوات فاعلة، بل مجرد ديكور سيادي يعبّر عن وحدة شكلية؟

 

التحليل الاستراتيجي يكشف ثلاث علل مزمنة:

١. المركزية المُفرطة:

القرار بيد العواصم لا بيد المؤسسات، مما يجعلها رهينة التوازنات السياسية لا المبادئ.

 

٢. الجمود الهيكلي:

رغم تغير شكل العالم، ما تزال آليات عمل هذه الكيانات تُدار بعقلية الخمسينيات.

 

٣. فقدان الرؤية الرسالية:

لا توجد هوية استراتيجية موحدة، بل أجندات متفرقة تضعف منسوب الفاعلية وتُفرغ التضامن من محتواه.

 

السودان كرافعة استراتيجية لإعادة التوازن:

من هنا، يتقدّم السودان لا كدولة تصرخ طلبًا للمساعدة، بل كصاحب مشروع بديل:

مشروع “الجسر والمورد” الذي يدعو لإعادة تعريف العمل العربي والإسلامي المشترك، ليس من خلال مؤسسات جديدة، بل من خلال رؤية جديدة.

 

* يربط السياسة بالوجدان.

 

* يوائم بين القانون الدولي وأخلاقيات العلاقات الدولية.

 

* يوظف قوة الجغرافيا لاختراق الجمود الدبلوماسي.

 

نحو يقظة جماعية… تبدأ من الهامش:

يعلّمنا السودان – بتجربته القاسية – أن التغيير لا يصدر من العواصم الكبرى دائمًا.

بل أحيانًا، من أطراف الخريطة…

من الخرطوم التي تحترق وتفكر،

من غزة التي تُقصف وتقاوم،

من شعوب قررت ألا تنتظر قرارًا جماعيًا لتتحرك.

 

أصل القضية،،،،

هذا المقال ليس دعوة لتفكيك المنظمات العربية والإسلامية، بل لإعادة شحنها بالمعنى، والرؤية، والإرادة.

هو نداء استراتيجي:

 

* أن تُستعاد غزة من شاشات الأخبار إلى قاعات القرار،

 

* أن يُنصت للسودان كصوت عاقل وحكيم، لا فقط كملف إنساني،

 

* أن تُعاد هيكلة الفعل الإسلامي من الرد إلى المبادرة.

 

> وربما… تكون الخرطوم، وغزة، وطهران، ثلاث نقاط في خارطة الوجع… لكنها أيضًا بدايات ممكنة لخارطة وعي جديد.

 

وذاك الوعي، قد لا تصنعه البيانات… بل تصنعه الأمم حين تقرر أن تنهض.

‫شاهد أيضًا‬

الوطني يهاجم الحرية والتغيير ويدعو لحكومة تنفيذية وطنية شاملة

في ندوة سياسية بعنوان “الوضع السياسي الراهن ورؤى المستقبل”، انتقد المهندس سامي…