نقطة إرتكاز  د.جادالله فضل المولي  يكتب: الحرب الإيرانية الإسرائيلية: نيران الشرق التي تلامس حدود السودان

اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل لم يكن مفاجئاً بقدر ما كان متوقعاً في ظل سنوات من التراشق السياسي والتصعيد غير المعلن. وبينما يتواجه العملاقان في صراع مفتوح على السيادة والهيبة، تنفتح أبواب الجحيم على المنطقة بأسرها. ليس لأن الصواريخ عابرة للحدود، بل لأن التوازنات كلها تتصدع في الطاقة، في التحالفات، في الأمن، بل وفي معنى الدولة ذاتها.

السودان، الجريح يقف في الزاوية المنسية من الخريطة فإن نيران الحرب لا تحتاج إلى استئذان،ارتفاع أسعار النفط يثقل كاهل الاقتصاد المنهار، وحركة الموانئ تتباطأ، والدعم الإنساني العالمي سوف يتجه نحو ساحات أكثرضجيجاً والأسوأ من ذلك ،أن الفوضى الإقليمية تفتح شهية القوى الخارجية للعب من وراء الستار داخل بلد يعاني أصلاً من حرب مشتعلة ومأساة إنسانية متصاعدة. ليست الحرب الإيرانية الإسرائيلية حدثاً بعيداً عن السودان بل صدى لما يمكن أن يتحول إلى زلزال إقليمي لن ينجو من ارتداداته أحد، خاصة من كانت أرضه رخوة وسياسته غارقة في التصدع.

ولأن السياسة لا تعترف بالفراغ، فإن أي غياب سوداني عن المشهد الدبلوماسي يُتيح للآخرين رسم خريطته. في هذا السياق، تصبح خيارات السودان محدودة، إلا إذا قرر أن يتعامل مع الحرب بوعي استراتيجي، يوازن بين الحياد الحكيم وحماية مصالحه الداخلية فالأزمة ليست فقط في السلاح الذي يتطاير فوق المضايق والسماء،بل في الوعي الذي يتبدد حين لا نعرف موقعنا من خارطة الصراع.

تبقى الحقيقة الكبرى أن السودان، المنهك بالحرب، يحتاج إلى سلام داخلي يُحصّنه من ارتدادات الخارج، فالأمن يبدأ من الداخل، والسيادة لا تُصان إذا كانت الأبواب مشرعة لغير أصحابها.حفظ الله السودان وشعبه.

meehad74@gmail.com