حسن النخلي يكتب التحليق وسط الزحام الفن رسالة لا إستمالة

السراي تلك المدحة الشھيرة التي قام بأدائھا الفنان الضخم صورة وصوت المرحوم عبد العزيز داؤود كيف تم تسجيلھا ووصول النص واللحن الي ابوداؤود والذي قام بدورھ بتوصيلھ الي المستمع السوداني وتوثيقھ .

والحديث ھنا لابوداؤود رحمھ الله حكي انھ في زريبة الكاشف بأمدرمان ألتقي بحلاق معرفة قديمة يدعي (باب اللھ الرشيد) وكان مشهورا في ذلك الزمان فدار حديث بينھما عن الفن والمديح فاخبر ابوداؤود ان ھنالك رجلا معتوھا حسن الصوت يجيد الغناء والمديح ويحفظ قصيدة السراي ولكنھ لا يغني اويمدح امام الناس . فيقول ابوداؤود فذھبت إليھ ومعي( باب اللھ) فأخرجت 25 قرشا من جيبي ثم طلبت منھ ان يمدح لي قصيدة السراي وكان اسمھ( النيل )فقال لي يا استاذ ان معجب بصوتك جدا ولك التحية علي مبلغ الخمسة وعشرين قرش ولكني لن امدح لك من أجل النقود فقط سامدح لك لاني من المعجبين بك فأخذ ينشد قصيدة السراي بصوت جميل وآداء لحني مميز فتجمھر الناس حولنا فتوقف عن المديح وذھب بعيدا فلحقت بھ وطلبت منھ ان يمليني بقية القصيدة بعد ان حفظت اللحن فأعتذر وقال لي مرة تانية ولأيماني التام بأن دور الفنان لا يتوقف فقط عند الغناء والفن ھو رسالة فقلت في نفسي خسارة مثل ھذا اللحن الجميل وھذة الكلمات الھادفة ان تضيع دون ان تسجل فقمت بإضافات للحن القصيدة وقمت بستجيلھا للتلفزيون لاول مرة برفقة محجوب عثمان وسجلت فقط ثلاثة ابيات منھا فسمعھا صاحب النص الاصلي وكان الشيخ الطريفي من منطقة الجزيرة الذي حضر للاذاعة خصيصا لمقابلتي ولمحاسن الصدف كنت موجودا بالاذاعة فقابلني وكان بصحبتي علي ميرغني وابدأ شيخ الطريفي بطريقة آدائي لھا ومنحني النص كاملا ومن وبعد ذلك قمت بتسجيلھا للاذاعة .ھذا كان حديث الفنان عبدالعزيز محمد داؤود (بتصرف ).

ومن ھذة الحكاية تتجلي لنا تقافة وأصالة ھذا الشعب واحتفائھ بكل ماھو جميل ونزعتھ الدينية الصوفية ومدي ترابط المجتمع ببعضھ البعض من القاعدة الي القمة والعكس فحلاق ورجل موصوف بالجنون ولعلھ كان دوريشا وفنان وصحفي ومغني كلھم مجتھد للتقديم الافضل والجميل وھنا يبرز دور الاعلام السوداني وخاصة الاذاعة السودانية في التوثيق للحياة السودانية والمساھمة في بلورة ھوية الأمة.

ومأ احوجنا اليوم أكثر من الأمس الي مثل أؤليك الفنانين والشعراء والادباء والاعلاميين الذين يساھمون في تأصيل الھوية السودانية والزود عن حمي الوطن في ساحات اضحي الاعلام فيھا أحد الاسلحة الفتاكة لزرع الفتن وبذور الشقاق .

نص القصيدة (السراي ).

الراوي الشيخ الطريفي

السراي ياالسراي الجافو النوم وعقدو الراي الليم متين يامولاي

اول بوداي بالأنزل القرآن آي

أرجو ھداي واقھر أعداي

واسير بسير ناس آباي

الليم متين يامولاي

ثنيت غناي فوق الرسول تاجي وحجاي

يوم ھولتي وكشف غطاي

غير الشفيع ماعندي راي

الليم متين يامولاي

ويذھب الشيخ الطريفي واصفا اصحاب الرسول ومثنيا عليھم ومؤكدا لحبھم ثم يصف اھل الصلاح واقطارھم ويختم قصيدتھ كعادة مادحي الرسول صلى الله عليه وسلم بالثناء علي الرسول كما بدأ بھ تيمنا فعندھم لا يرد دعاء بين صلاتين ثم يدعو للبلاد والعباد بالخير فيقول :

لا تكون كضاب ويجوك عند شد الطاب

صلواتي عد ماشال سحاب ماكر رعد

 كل البلد يلقي المراد تنجي العباد ماتخلي حد

الليم متين يامولاي .

ونقول رحم الله ذلك الجيل الذي أرسي للأمة السودانية مبادئ وقيما لاينفك عنھا إلا دخيل .

ھذا ھو السودان الفنان فيھ اديب وشاعر ومادح للرسول ومؤرخ والمعتوھ في فيلسوف .والحلاق راوي ودليل .

ودمتم سالمين ولوطني سلام