‫الرئيسية‬ مقالات الدعارة الإلكترونية… سرطان خفي ينهش جسد المجتمع لواء شرطة م  محامٍ ومستشار قانوني د. حاتم محمود عبد الرازق
مقالات - ‫‫‫‏‫8 ساعات مضت‬

الدعارة الإلكترونية… سرطان خفي ينهش جسد المجتمع لواء شرطة م  محامٍ ومستشار قانوني د. حاتم محمود عبد الرازق

الدعارة الإلكترونية… سرطان خفي ينهش جسد المجتمع  لواء شرطة م  محامٍ ومستشار قانوني  د. حاتم محمود عبد الرازق

في العصر الرقمي الذي نعيشه، لم تعد الجرائم مقتصرة على الشوارع أو الزوايا المظلمة، بل تسللت بخبث إلى الشاشات والهواتف، متنكرة في صور براقة وعروض مغرية. ومن أخطر هذه الجرائم المستترة، ظاهرة الدعارة الإلكترونية، التي أصبحت تستهدف الرجال والنساء على حد سواء، لا تفرق بين الأعمار ولا الخلفيات، وتمارس سطوتها عبر الاحتيال العاطفي والمادي والنفسي.

 

الاستدراج المقنَّع: وعود العمل والمال

 

تبدأ القصة غالبًا بعروض مغرية: عمل كموديل، أو فرصة شهرة على وسائل التواصل، أو وعود مالية ضخمة مقابل ما يُوصف بـ”خدمات بسيطة”.

يُطلب من الضحية في البداية إرسال مقاسات الجسد، ثم تُطلب صور “عادية” بحجة الاستخدام المهني، قبل أن تتحول الطلبات تدريجيًا إلى صور أكثر خصوصية، ويُغرى الضحية بالهدايا والمال لكسب ثقته وبناء وهم الأمان.

 

وهكذا، تنجرف الضحية شيئًا فشيئًا، حتى تقع في الفخ.

 

الابتزاز: من الصور إلى الفضيحة

 

ما إن تُرسل الصور الحساسة، حتى تنقلب الوعود إلى تهديدات.

يُهدد الضحية بنشر الصور، بل يُستخدم الذكاء الاصطناعي، لا سيما تقنيات “التزييف العميق” (Deepfake)، لمعالجتها وتزوير مقاطع إباحية واقعية ومخلة بالآداب.

ويُخير الضحية: ادفع، أو تُفضح.

 

وقد قادت هذه الممارسات الخبيثة إلى مآسٍ إنسانية حقيقية، منها:

 

حالات انتحار لفتيات لم يحتملن الخوف من الفضيحة.

 

شباب دخلوا في دوامة الإدمان للهروب من الواقع.

 

أسر تفككت بسبب انهيار أحد أفرادها.

 

ضحايا انخرطوا في طريق الدعارة الفعلية بعد الانكسار النفسي الكامل.

 

هذا الخطر كالسرطان.. صامت لكنه قاتل

 

ما يجعل الدعارة الإلكترونية أكثر خطورة هو انتشارها السري.

فهي لا تُمارس في العلن، ولا يمكن رؤيتها بسهولة، بل تعمل في الخفاء، تتغذى على الجهل، وتنتشر بصمت في المجتمعات، مستهدفة الضعفاء، والمراهقين، والحالمين بالفرص والمال السريع.

 

كيف نحمي أنفسنا ومجتمعنا؟

 

للوقاية من هذا الخطر الداهم، نضع بين أيديكم مجموعة من الموجهات والإرشادات المهمة:

 

1. وعي قبل الوقوع

 

نشر الوعي بخطورة عروض العمل الإلكترونية المشبوهة.

 

التحذير من إرسال أي صور أو معلومات شخصية أو حساسة لأي جهة غير موثوقة.

 

2. لا تنخدع بالواجهة اللامعة

 

المال السهل والشهرة السريعة غالبًا ما يخفيان وراءهما خداعًا.

 

أي جهة تطلب صورًا خاصة أو معلومات حساسة دون سياق رسمي وموثق، يجب الحذر منها فورًا.

 

3. افحص قبل أن تثق

 

لا تثق بأي حساب مجهول يعرض عليك فرصًا براقة، مهما بدا مهذبًا أو مقنعًا.

 

تحقق دائمًا من خلفية أي جهة تدّعي أنها شركة أو وكالة.

 

4. أبلِغ فورًا – لا تسكت

 

لا تتردد في الإبلاغ عن أي محاولة استدراج أو ابتزاز.

 

الأجهزة المختصة في معظم الدول تتيح قنوات مخصصة وسرية للتبليغ عن الابتزاز الإلكتروني.

 

5. الدعم يصنع الفارق

 

لا تترك الضحايا وحدهم، بل ساعدهم على تجاوز الأزمة.

 

وفّر لهم دعمًا نفسيًا وقانونيًا واجتماعيًا.

 

الأسرة يجب أن تكون مأمنًا، لا مصدر خوف وتهديد إضافي.

 

خاتمة

 

إن الدعارة الإلكترونية ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل أداة مدمّرة تهدد مستقبل الأفراد واستقرار الأسر وبنية المجتمع.

وإن التوعية، والوقاية، والتكاتف المجتمعي، هو السلاح الأهم في مواجهتها.

 

فلنكن جميعًا درعًا حصينًا ضد هذا السرطان الخفي.

‫شاهد أيضًا‬

هل تستوعب بعض المكونات في الشرق : حكومة “الأمل” .. كفاءات مستقلة .. أم محاصصات؟ تقرير- حاتم أبوسن 

في 19 يونيو الجاري، قال رئيس الوزراء كامل إدريس إنه قرر تشكيل حكومة من 22 وزيراً من الكفاء…