نقطة إرتكاز د.جادالله فضل المولي يكتب: جبر الخواطر… عبادة القلوب في زمن الانكسار السوداني

في زمنٍ تتكاثر فيه الجراح وتضيق فيه السبل، يبقى جبر الخواطر أعظم ما يُقدمه الإنسان لأخيه الإنسان. ليس رفاهًا ولا ترفاً، بل عبادة خفية لا تُرى بالعين، لكنها تُحس بالقلب وتُخلّد في الذاكرة. جبر الخواطر هو فن إصلاح النفوس، وتطييب القلوب بالكلمة الطيبة، واللمسة الحانية، والدعم المادي والمعنوي، وهو خلق إسلامي رفيع يدل على سمو النفس وسلامة الصدر.
في السودان، حيث الأزمات تتوالى من حرب ونزوح وفقر وانقطاع الخدمات، يصبح جبر الخواطر ضرورة يومية لا تُحتمل تأجيلاً. فحين يُهجر الناس من ديارهم، وتُفقد الأرواح، وتُكسر البيوت، لا يبقى للإنسان سوى كلمة تواسي، ويد تمتد، وقلب يحتضن. السوداني بطبعه كريم، لكنه اليوم يُختبر في عمق إنسانيته، حين باتت المواساة ليست خياراً بل واجباً، وجبر الخواطر ليس سلوكاً فردياً بل مقاومة جماعية للانهيار.
من يسخّره الله لجبر الخواطر، يعيش بركة الإحسان، ويُفتح له باب الخير من حيث لا يحتسب. في الأسواق، في مراكز النزوح، في طوابير الخبز والدواء، ترى من يواسي بكلمة، ومن يقتسم لقمة، ومن يربّت على كتفٍ منهك. هذه الصور ليست عابرة، بل هي تجليات لخلقٍ نبويٍ عظيم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ملازماً له، يسعى لجبر القلوب وإدخال السرور على الناس، حتى في أشد لحظات الضيق.
جبر الخواطر في السودان اليوم هو صدقٌ في المشاعر يُلبَّس ثوب الرحمة، بعيد عن المجاملة والنفاق. هو أن ترى في وجه الآخر ألمك، وفي حاجته مسؤوليتك، وفي حزنه دعوتك للإنقاذ. هو أن تُدرك أن الكلمة الطيبة قد تُحيي قلباً مكسوراً، وأن الإشارة بلطف قد تُعيد الأمل لمن فقده.
في واقعنا السوداني، حيث كسر الخواطر بات سهلاً بفعل الظروف، يصبح جبرها فعلاًبطولياً. هو أن تُقاوم القسوة باللين، واليأس بالأمل، والانكسار بالاحتضان هو أن تُعيد للناس إنسانيتهم حين تُسلب منهم، وأن تُثبت أن الخير لا يُهزم مهمااشتدت العواصف.
جبر الخواطر ليس شعاراً، مثل شعار لا للحرب بل مشروع حياة. وهو اليوم في السودان، ليس فقط عبادة، بل ضرورة وطنية، تُعيد للناس توازنهم، وتُرمم ما تهدم في دواخلهم. فليكن كل واحد منا جابراًللخواطر، لأن في ذلك نجاة جماعية،وعبور نحو وطنٍ لا يُبنى إلا بالرحمة حفظ الله السودان وشعبه من كل فتنة ومن كل طامع في أرضه وكرامته
meehad74@gmail.com
حسن النخلي يكتب التحليق وسط الزحام _ خير الوري
ياخير من سري بين البرية والوري نور إنبري مسك وعنبرة فاق حلمك الأم الرؤوم وفي الشجاعة والإق…