‫الرئيسية‬ مقالات كتب عماد الدين يعقوب: حكومة منفى… آخر الأوراق في يد الكفيل
مقالات - ديسمبر 13, 2024

كتب عماد الدين يعقوب: حكومة منفى… آخر الأوراق في يد الكفيل

مع تزايد التضييق من جانب الجيش والقوات المتحالفة معه على ميليشيا آل دقلو في الميدان، وتوالي الهزائم والنكبات التي تُمنى بها الميليشيا بشكل يومي في جبهات القتال في دارفور والخرطوم بحري والجزيرة، ومع إستمرار الحكومة في كشف وفضح دويلة الشر في مجلس الأمن الدولي بالأدلة الدامغة على تورطها في تقديم السلاح للميليشيا وتزويدها لهم بالعتاد العسكري بما في ذلك الطائرات المسيرة، ووسط بوادر الخلافات البينية التي ضربت الميليشيا وجناحها السياسي تقدم حول كيفية إدارة العمل السياسي والعسكري والموقف العسكري الميداني الضعيف للميليشيا، وسط كل هذا الركام من الفشل (التقدمي) عادت الأصوات التي تنادي بتشكيل حكومة منفى إلى الصراخ مرة أخرى بعد أن تم اسكاتها في اجتماعات عنتيبي من قبل الهيئة القيادية لتنسيقية تقدم.

ويأتي هذا الصراخ من قبل الجناح السياسي للميليشيا نتيجة للضربات المتلاحقة التي تلقتها الميليشيا على الأرض، ويبدو أن هذه الضربات قد أربكت حسابات الكفيل الذي اوجعته هذه الضربات وهو يرى عملاءه عاجزين تماماً عن تحقيق أهدافه رغم انفاقه السخي عليهم ومده لهم بالسلاح والعتاد لاقتحام الفاشر والسيطرة على ولايات دارفور كلها وولاية الجزيرة، لكن دون جدوى بل يكون مصير هذه الإمدادات إما التدمير وإما الاستيلاء عليها من قبل الجيش والقوات المشتركة.

فخطة دويلة الشر الراعي الرسمي للميليشيا وأذنابها في تقدم تقوم على تمكين ميليشيا آل دقلو من الاستيلاء على مدينة الفاشر وبالتالي بسط سيطرتها الكاملة على إقليم دارفور و تشكيل سلطة فيها تمهيداََ لإعلان انفصال دارفور ومن ثم حشد الدعم الدولي لتأييد فكرة تقرير المصير لدارفور، دويلة الشر تبحث عن أرض تقيم عليها دولة آل دقلو ومع فشل مخططها الذي كان يهدف لاستيلاء الميليشيا الإرهابية على كامل الدولة السودانية تقاصر طموحها بسبب صمود الجيش والقوات المشتركة والنظامية الأخرى التي استطاعت بجدارة واقتدار كسر القوة الصلبة للميليشيا وتشتيت ما تبقى منها ومقتل كبار قادتها الميدانيين وهلاك جل القيادات الوسيطة لها فتبدد حلم الكفيل وأصبح مخططه هشيماََ تذروه الرياح.

تريد دويلة الشر من وراء تشكيل حكومة منفى نزع الشرعية عن الحكومة السودانية وقد حاولت من قبل عبثاََ وبلا جدوى الترويج في الأوساط الإقليمية والدولية لفكرة عدم الاعتراف بالحكومة وسعت إلى ضرب سياج من العزلة عليها ووصفها بأنها أحد طرفي النزاع، حتى أن مندوبها بمجلس الأمن الدولي وبكل وقاحة لا تنقصها سذاجة زعم وهو يخاطب المجلس بأن مندوب السودان بالأمم المتحدة لا يمثل السودان بل يمثل الجيش وكأنه يستدرك على المنظمة الأممية في أعلى هرمها التنظيمي أنه فات عليها أن السودان صار أرضاً بلا حكومة وأن المندوب المعتمد لديها رسمياََ يمثل الجيش السوداني، وعليها طرده!!

إذن من الواضح أن الدعوة إلى تشكيل حكومة منفى في هذا التوقيت هي آخر ورقة في يد دويلة الشر لإنقاذ وإنفاذ مخططها الرامي إلى تقسيم السودان خدمة لاهدافها الخبيثة وستلقي بكل ثقلها لتحقيقه بعد أن أيقنت بأن الميليشيا عاجزة تماماً عن القيام بهذه المهمة.

لكن وكعادة دويلة الشر فهي دائماً تبني خططها على افتراضات هي أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع وتعتمد على سيناريوهات لا يمكن تحقيقها إلا في مجال السينما والدراما، وتفكر بطريقة تشابه أسلوب النشطاء والهواة وليس بطريقة رجال الدولة..

فالحالة السودانية لا يجدي معها تشكيل حكومة منفى، فحالات تشكيل حكومات منفى عالمياََ وتاريخياََ على قلتها لم تحقق نجاحاً إلا في حالات نادرة جدأ، ليس من بينها ما يماثل الحالة السودانية، فآخر حكومة منفى ناجحة كانت خلال الحرب العالمية الثانية عقب غزو ألمانيا والإتحاد السوفيتي لبولندا في العام 1939 مما اضطر الحكومة البولندية آنذاك الهروب من بولندا إلى المنفى وواصلت من منفاها أعمالها ونضالها ضد الاحتلال.

فهناك عوامل عديدة يلزم توافرها لنجاح حكومة المنفى، وأهم هذه العوامل أولاََ أن تكون هذه الحكومة تمتلك الشرعية بأيٍّ من طرق اكتساب الشرعية وقائمة بالفعل وتباشر أعمالها السيادية والدستورية قبل حدوث الأزمة، وهذا لا ينطبق على الحالة السودانية، فحمدوك كان رئيساََ للوزراء غير منتخب وتقدم باستقالته طوعاََ مسبباََ ذلك بعجزه عن إدارة التناقضات بالبلاد ومن ثم غادر السودان مطلع العام 2022.

وباشرت مؤسسات الحكومة أعمالها بصورة عادية بموجب تكليف من أعلى سلطة سيادية في البلاد وهي مجلس السيادة، وكان قائد الميليشيا حميدتي يتبوأ منصب نائب رئيس مجلس السيادة ويباشر مهامه بهذا الوصف لأكثر من عام كامل قبل أن يقود محاولة انقلابية للاستيلاء على السلطة في 15 أبريل 2023 باءت بالفشل وهرب على أثرها قائد الإنقلاب والمتآمرين معه من الطاقم الوزاري والسيادي إلى خارج البلاد، فكيف لمن صنع الأزمة بمحاولة الاستيلاء على السلطة وتسبب في إشعال الحرب أن يحتج ويطالب بالعودة إلى السلطة وهو نفسه الذي أطاح بنفسه من السلطة!!!

العامل الثاني الذي يبرر تشكيل حكومة منفى هو أن تكون هناك سلطة إحتلال أجنبية يستحيل معها على الحكومة الشرعية ممارسة مهامها وهو غير متوفر في حالة السودان فليس هناك سلطة إحتلال وإنما هي سلطة وطنية شرعية مكتملة الأركان ومعترف بها دولياََ وبها تمثيل دبلوماسي أجنبي وأممي، ولها تمثيل دبلوماسي خارجي طبيعي مع دول أجنبية وتمارس مهامها السيادية والسياسية والتنفيذية والاقتصادية والدفاعية والعدلية

بصورة سلسة وعادية..

العامل الثالث والأخير الذي يبرر تشكيل حكومة منفى هو حدوث حالة فوضى عارمة في الدولة وتعرض مواطنيها لانتهاكات ومذابح متعمدة وممنهجة على يد السلطة الحاكمة القائمة، وهو ما ليس له وجود في الحالة السودانية بل الصورة معكوسة تماماً حيث تمارس ميليشيا آل دقلو المتحالفة مع تقدم التي تنادي بتشكيل حكومة منفى ومن ورائهم دويلة الشر، أبشع صور الإنتهاكات والجرائم ضد الإنسانية في حق المواطنين والنهب والسلب والاغتصاب والترويع والإذلال والابادة الجماعية والقتل على الهوية، بينما تعمل الحكومة القائمة على الدفاع عن المواطنين عبر مؤسساتها الدفاعية ويلوذ المواطنين الهاربين من مناطق سيطرة الميليشيا حيث الإنتهاكات والقتل، يلوذون بالمناطق التي تسيطر عليها الحكومة حيث يجدون الأمن والأمان والاستقرار والإطمئنان، فمن من تريد الميليشيا وحليفتها تقدم حماية المواطنين.. ؟؟

إنه من المنطقي إذا أرادت تقدم وذراعها العسكري حماية المدنيين أن توقف انتهاكاتها وحملات القتل الممنهجة التي تقوم بها وتكف أيديها عنهم وتسكت بندقيتها وعدوانها عليهم إذا كانت صادقة بالفعل في ادعائها بحماية المدنيين.

قادة تقدم يدركون تمام الإدراك أن تشكيل حكومة منفى سيزيد الوضع المعقد تعقيداََ وقد يقود البلاد في المحصلة النهائية إلى التقسيم، لكنهم أصبحوا بيادق يحركها الكفيل بين أصبعيه متى شاء وكيفما شاء وحيثما شاء فهم أقنان وأرقاء عنده ابتاعهم بدراهم وقطع ألسنتهم بنصل المال وخطف أبصارهم ببريق ووهج الدولار وأمات ضمائرهم وملأ قلوبهم بالخوف منه فخافوه أكثر من خالقهم ورضوا بأن يكونوا طوع رغباته ويصطفون معه ضد وطنهم وضد أهلهم وكل ذلك في مقابل مال مهما كثر فهو زهيد وزائل وممحوق..

ونختم بالقول أن ورقة حكومة المنفى هي آخر الأوراق التي يقامر بها الكفيل وهي ورقة خاسرة بائرة بإذن الله..

حتى وإن أعلنوها فستولد ميتة وسيبقى السودان صامداََ حراََ أبياََ، وستبقى تقدم وميليشيا آل دقلو رمزاََ للخيانة والخيبة والعمالة وسيسجل التاريخ ذلك كله في صفحاته للأجيال القادمة لتميز الخبيث من الطيب، والشريف من الوضيع، والوطني من العميل..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بعد اتهامها بدعم متمردي إفريقيا الوسطى.. دعوات لتصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية

اصدرت وزارة الخارجية بيانا دعت فيه لتنصيف الدعم السريع جماعة ارهابية وفيما يلي نص البيان &…