للحقيقة لسان رحمة عبدالمنعم تهديدات كيكل.. (منطق الهمباتي)
في مشهد يعكس اضطراب البوصلة الوطنية، خرج قائد ما يُعرف بـ”درع السودان”، أبو عاقلة كيكل، بتصريحات أقل ما توصف به أنها متهورة، تُثير الفتنة،وتستفز الذاكرة الجماعية لشعب الجزيرة واهل السودان الذين تطاردهم مخاوف استنساخ حميدتي جديد، كيكل الذي تحدث في مؤتمر قيل إنه يناقش قضايا الزراعة والري، جعل من منصة التفكير منبرا للتهديد والوعيد، متوعداً بأخذ “حقوق الجزيرة” من وزير المالية الدكتور جبريل ابراهيم”غصبا عن أي زول”.
لنتفق بداية على أن الجزيرة تستحق، بل وتستحق أكثر، فهي الأرض التي رفدت السودان بخير الزراعة والعلم، وهي القلب الأخضر الذي إن توقف عن النبض، اختنقت شرايين الاقتصاد، لكن هل تأخذ الجزيرة حقها بالبلطجة؟ هل تُنزع حقوقها بتهديد السلاح؟ كلا، الجزيرة تأخذ حقها بقوة القانون، وليس بقوة الذراع.
كيكل، الذي سوّق لنفسه كمدافع عن الجزيرة، نسي – أو تناسى – ما فعله هو وقواته التي انضوت لاحقا تحت راية الجيش: من فظائع وانتهاكات في حق إنسان الجزيرة، أيام كانت سيوف الهمجية مشرعة، والبنادق تُطلق على الأبرياء قبل أن تُصوّب إلى العدو. المغفرة لا تعني النسيان، والتغاضي في سبيل وحدة الصف لا يعني تبييض صفحات سوداء لم تُفتح ملفاتها بعد.
المؤسف – والمثير للسخرية في آن – أن من يتحدث عن الحقوق بلغة التهديد، يُلقب بـ”اللواء ركن”، وهو لم تطأ قدماه يوماً قاعات كلية القادة والأركان، ولا يعرف من العلوم العسكرية إلا ما التقطه في ساحات الارتجال، كيف لرجل بلا تدريب نظامي أن يُمنح رتبة عليا، ويتحدث بلغة اللوائح والتكتيك والحقوق؟ إنه زمن غريب، بل عجيب، تُمنح فيه الرتب بلا مؤهلات، وتُرفع فيه الشعارات بلا مرجعيات.
ثم يتحدث كيكل عن جهات “تحمل الأموال بالدفارات”، دون أن يذكر أين كان هو حين كانت المليشيا التي ارتبط بها تُحمل الغنائم من بيوت المدنيين؟ أين كان صوته حين كانت الجزيرة تنزف ويُهجّر أهلها؟ أم أن ذاكرته لا تستحضر سوى اللحظة التي قرر فيها أن ينقلب من جلاد إلى مُدّعٍ للعدل؟
إن مشروع الجزيرة لا يُموّل بالابتزاز، بل بإعادة الاعتبار له في الموازنة العامة، ضمن رؤية وطنية تحترم المؤسسية، وتُعلي من شأن الزراعة لا من شأن الزاعقين في المؤتمرات، وإن كان من توصيات تُرفع للمجلس السيادي، فعليه أن يُوصي بتحقيق شامل في ممارسات “درع السودان” قبل أن يُمنح قادته سلطة القرار في مصير الجزيرة.
رسالة كيكل، وإن حملت عنوان “الحقوق”، فهي في مضمونها تكرار لنهج حميدتي ذاته: التهديد، الابتزاز، والتلويح بالقوة ،لم يتعلم من الدرس، ولا من المصير الذي آل إليه المشروع القديم: الفوضى التي تأكل أصحابها.
وإذا كان كيكل يتحدث عن إنصاف الجزيرة، فليعلم أن الحقوق لا تُنتزع عبر المنابر المليئة بالضجيج، بل تُؤخذ عبر التخطيط والاحتكام للمؤسسات، وهو بصفته قائد قوات مقاتلة لا يملك لا رؤية زراعية ولا خطة اقتصادية، لا يمكنه أن يتحدث باسم مشروع الجزيرة الذي يتطلب فهماً عميقاً لتحديات الري والزراعة والبنية التحتية لا تهديدات بالاقتحام والانتزاع، التلويح بالسلاح لا يُعيد للجزيرة حقوقها، بل يكرّس لنهج ميليشياوي جرّبناه من قبل ونعرف إلى أين أوصل البلاد، الجزيرة اليوم تحتاج من يحمي ترابها لا من يُهدد الدولة باسمها، وتحتاج من يزرع فيها أملاً لا من يحصد فيها الفتنة..
بالواضح فتح الرحمن النحاس هذه الصناعة رديئة الصانع والخام.. نسف الفوضي بداية التعافي.. إستغلال ضائقة الحياة خيانة..!!
أقبح وأحط مظاهر حقبة قحت المقبورة، كانت هي تلك (التظاهرات المتناسلة) التي أضحت حينذاك (عنو…