بين يدي الشاعر الملهم محمد احمد الحبيب عادل عسوم
(1)
الحديث عن المضامين الشعرية الكامنة في سرابات وعراجين ثمار قصائد الوريف محمد احمد الحبيب لحديث يحتاج الى تهيئة لتسفار في عوالم لاتشبه إلا عوالم التساب عندما وصفها صديقي الجميل ود بادي حين قال:
هوى يا وليد …
حصل شارفت دغشا بدرى
فوق حجرة مخانق النيل
فى سنة تساب والشرقي
حزم القيف وطفح الكيل
وشفتا الهيبة فوق اسيادا
والشخرى البكتل الحيل
وشفتا الجارى يحفر فى جرف كوكبنا
بس داير يشقو عديل
يجيك بي صدرو متحزم ومتلقف
صفوف فى صفوف
يحاكى الخيل ومويتو الهايجي
تبلع جب
وتجغم فى مدالق السيل
…
حقا لا اجد وصفا للحال بين يدي الشروع في تلك العوالم إلا وصفا مثل هذا الوصف الذي يجعل المرء (يشيل نفسو ومايختو) كلما ولج إلى دنيا قصيدة من قصائده…
وصدق نبينا صلوات الله وسلامه عليه حين قال إن من الشعر لحكمة!
(الحبيب) لم اتشرف بلقياه لكنني شرفت بقصائده منذ نهاية السبعينات من فيه صديقي وزميل دراستي الراحل الجميل سيف الأراك (قدقود) اذ مافتئ أبو التي تي يردد صوته الحنين م ظهراني جبال الأراك فيرتد صداى الصوت البديع من ذرا جبل ود الكرسني في البركل عندما يصدح في اذن الزمان بأن:
يامعالم باقي في تمر الحبيب
ويارفاقي البيكم الخاطر يطيب
فقد شهدت ابتدارات تغنيه بها في حوش (شفخانة الأراك) حيث كنت في معية الوالد رحمه الله حين كان يعمل مساعدا طبيا في الأراك التي احب…
يااااه
يالهذه القصيدة الماتعة التي تحتشد بالكثيف من (الأنسنة)!.
فجمال الشعر ووضاءته تتمثل دوما في القدرة الباذخة على تشكيل الوجدان والارتقاء به من خلال تحشيد القيم والتوصيف تفكرا في في الكون وضربا للأمثال التي تذخر بها قصائد الحبيب والتي كم اتبين تأثيرها في أجيالنا الناشئة ممن يعمرون ارض منحنى النيل بل والكثير منهم طلبة وطالبات في عاصمة سوداننا الجميل.
وتتوالى السنون لتأخذني المدينة في زخم حراكها فإذا باعجابي يزدام باشعار بالحبيب مع اضطراد النضج دون أن يخصم ذلك من ولعي بلفيف من قصائد الغناء الحديث ومن بينها أغاني الراحل زيدان الذى غنى ماتعته (في الليلة ديك) فإذا بي اجد تطابقا عجيبا لبيت مدهش للحبيب حين يصف ذات الحظة التي غنى لها زيدان وحبيبة القلب قد اضحت لسواه فكتب الحبيب:
حسيت إني فقد هنايا إلي الأبد
في لحظة عن ساعة الصفاح لمان عقد!
ياااااه
لعمري إنه الفقد الذي يبكي الرجال بدمع الدم!!!
وتظل حبال فكري مشدودة إلي مراسي الحبيب فأجده حاضرا في العديد من أشعار (الاخوانيات) ولعلي اضرب منها بمثال دون حصر عندما رد على صديقي الجميل حاتم الدابي الذي كتب:
ياليل مرة حن في حالي
أرحم قليبي زدت أنينو
ليه كل ليلة تبقا ليالي
ياليل قولي صباحك وينو؟
فاذا بالحبيب يرد عليه لافض فوه:
يـا ليـل لاتـطـول خليـنـي لـي الـيـل العـلـي كتفيـنـو
من دون الخلوق شاغلني زولاً ما اشوف يوم شينو
يا نفسي المباري الفاضي ضاع مستقبلـي وتكوينـو
دايماً جاري فوق الماضي يا مغشوشة وينك ووينو
يـا حاتـم نصيحتـك انــت كانت والجرح فـي حينـو
لـكـن مــا سمعتـهـا كـنــت
مجـنـونـاً مـبــاري كنـيـنـو
جنـاً كـان مـزازي فــؤادي
مـاخـلاهـو يـفـتـح عـيـنـو
دايماً كـان بيشغلـو غـادي
من رزقو التحت كرعينـو
قلبـاً فيهـو صـوت الريـبـة
زي بهماً رضيع في طنينو
ساعـة اماتـو عنـد الغيبـة
تـرجــع لـلـمـراح ودريـنــو
النيـل يانـي مــن عشـاقـو
مخلوق من رمالو وطينـو
مفتون بي جمـال اوراقـو
والخضـرة العلـي شطينـو
قالـولــي الصـبـر يغنـانـي
صابـر مـا حسبتـا سنينـو
فوق جبـل الصبـر لاقانـي
متـلـمـي الـفـقـر بـعـويـنـو
ضوقـنـي الـزمــان الـمُــرة
لا من تـب قنـع مـن زينـو
وانبلـج الصبـاح فـد مــرة
قبـال مــا نجـومـو يبيـنـو
الـدحـر الـظــلام فـجـاهـو
يادوب لسه فـي عشرينـو
القـلـب اعـتـرف بـهـواهـو
والــزول اعتـرافـو بديـنـو
…
ياااااه، ما ابدعك يالحبيب وانت تصف مكنونات النفس البشرية بكل هذه الإجادة والتمكن من مهاوي الأحرف وجزالة لهجتنا المزدانة بكل جماليات اللغة العربية من جناس وطباق ومعنى قريب وآخر بعيد حيث تخلو اشعارك من كثيف الكلمات غير العربية التي اجدها تقعي بالعديد من أغنيات الطنبور حيث تخفى المعاني على أجيالنا الناشئة وكمثال دون حصر قصيدة احفظها لود الدابي الكبير كم يجد في ثناياها الجيل الذي انتمي اليه من امتاع وذلك عندما يغنيها الملك صديق احمد فيقول:
ياقصيبة التقنت الملياني كليق
ماقطع تربالا من سيقانا متيق
قبسه من الخدره ماطلاها كاويق
النداها تملي نازل فوقا زيق زيق
مالوت قندولا دابة عويدا فتيق
وان كرب فيضانة برضو شرابا كريق
انتي ماب يدوكي فتال اللباسيق
ولا الاجير في الساقي نعلينو البشانتيق
انتي زولك مسرو مزروب بالكوانيق
يرقل ارقوق تورو يجدع مويتو دفيق
عالي قيساب قمحو يفرج همو والضيق
…
بل يعمد الحبيب الى كلمات بديعة لاتنفصم عن فصاحة العربية حيث لها وصل بأصوات الأفعال ومثال لذلك كلمة (أفي) الحميمة، اذ لا يعمد الى (تقعر) ممل او (تحدر) مخل، انما يعمد دوما الى وسطية لهجتنا التي تكسبها (الامالة) حنية موغلة في الجمال! فإذا به يرسم لوحات بهية بكلمات تمزج مابين الأمكنة والأزمنة فإذا بالمباني والمعاني تتداخل فيما بينها فتحار وأنت تغوص في لججها هل انت في حلم أم في صحو!
والختام عن الحبيب حري به أن يعنى ب(عابراته) التي اضحت فينا كما المعلقات لاتكاد النفس تجد نفسها إلا منساقة سوقا الي حفظها والقرار الى لججها وهي البحار الملأى بالأحجار الكريمة واللؤلؤ والمرجان، فكم حار الناس في سبب إختيار الحبيب لهذه المفردة المدهشة (عابرة) ولعلي ممن فكر في ذلك كثيرا فاذا بي (اركن) إلي تفسير مرده الحزن النبيل الذي اكتنف جل -ان لم يكن كل-قصائد (العابرات) اذ احسب ان المرد لدى الحبيب هو (العبرة) التي تسد الحلق نتاج جور الحبيبة فاذا بفتحة (عين) العبرة تتمدد وتستطيل لتصبح (ألفا) في ثنايا كل قصيدة لعابرة وهي تتزيا بقرمصيص قاني من الحزن النبيل وعلى الرأس منها ضريرة الفقد الأليم.
adilassoom@gmail.com
في رحاب الوطن لنبتعد عن الطريقه الاعيسرية يا رئيس الوزراء كتب /اسامه مهدي
أمام السيد رئيس الوزراء البروف كامل ادريس تحديات كبري خاصه بعدما قدم خطابه من الشعب الي ال…