“نظرة أغلب السودانيين لحرب السودان تشبه نظرة مشجعي الفرق العالمية في مباراة “الكلاسيكو”. بقلم/عباس حمدون محامي وناشط حقوقي
بين “جخمناكم” و “البل القادم” و “قول باع” ومافي حاجة اسمها أسير، يضيع وطن وتسيل دماء سودانية. كل هذا سيصبح من قصص التاريخ في المستقبل.
بين ليلة وضحاها، أصبح المجتمع السوداني ينتظر نتائج كل معركة ليتفاخروا بإحراز “الأهداف” في مرمى الخصم. هذه الأهداف تعني قتل الآخر بالرصاص أو غيره. وأصبحت للمعارك محترفون يسددون الأهداف بطرقهم الخاصة، مخالفين القانون الدولي والإنساني.
وبهذا، ينقسم المشجعون إلى ثلاثة أقسام:
1. مشجعو أصحاب الأرض: دائمًا ما يكون مشجعو أهل الأرض أكثر من مشجعي الفريق الذي يلعب خارج أرضه. هذا بسبب غياب الوعي العام، لأن مثل هذه المباراة لا ينتصر فيها أحد. هي مجرد حماس زائف يصيب الحاضرين، ويتحول هذا الحماس إلى ندم في المستقبل عندما نجدها مكتوبة في صفحات التاريخ، بغض النظر عن وحشية الفريق المنافس في تحقيق الأهداف.
2. مشجعو الفريق الذي يلعب خارج ملعبه: هذا الجمهور متحمس ومحب لتشجيع فريقه، ويستمتعون جدًا بإحراز الأهداف. يمتلك هذا الفريق لاعبين محترفين وشرسين في المباريات، وهذا يرجع إلى غياب الوعي الاجتماعي بين السودانيين، ودور الدولة في تأسيس أسس العقد الاجتماعي بين الناس.
3. مشجعون يحضرون داخل الملعب ولا يشجعون أحد (أصحاب الوعي): هؤلاء يحضرون المباراة وعددهم قليل، لكنهم لا يستمتعون بالأهداف من أي جانب. بل يحتقرون الأهداف ويتعجبون من طريقة التسديد، ويفكرون دائماً متى تنتهي المباراة. النتيجة بالنسبة لهم صفر، حتى لو انتهت المباراة لصالح أحد الفرق. يستشهدون بالمباراة التي أقيمت في رواندا في التسعينات بين فريقين كبيرين في العاصمة. كانت النتيجة مذهلة من كثرة الأهداف، ورغم ذلك كانت النتيجة صفر عندما علموا أن المنظمين أقاموا الحدث بدون كأس للمنتصر. (ومباراتنا هذه أيضاً نظمت بدون كأس، لأن الكأس موجودة في خزائن الدول الأجنبية). وبعدها أصبحت تلك المباراة في تاريخ رواندا الأليم، وكانت سبباً في نهضة البلاد اقتصادياً واجتماعياً، واستقرارها السياسي، بأمر القانون ووعي شعبها. لذلك، يحتاج المجتمع السوداني إلى عقد اجتماعي فيما بينهم، لينظموا حياتهم وأفكارهم وينقلونها من حضن القبيلة والحزب إلى المصلحة العامة التي تضمن حقوق كل الشعوب داخل الدولة. من عصر تمجيد الشخصيات إلى عصر بناء المؤسسات، ومن نظرة الدولة القديمة لأقاليم السودان بنظرة رجعية إلى عصر الدولة الوطنية العادلة والمساواة بين الأقاليم. نتمنى تطبيق حكم ديمقراطي فدرالي حقيقي ينهي مشاكل الأقاليم مع الدولة المركزية. والسلام على من اتبع الحق.
ابشر الماحي الصائم يكتب خطى كتبت علينا
اذا منحت (حقيبة وزارية) فأنت يومئذ قد منحت ،، سلطة ،، وإذا كانت هذه الحقيبة هي وزارة ايراد…