أحداث مثلث جبل عوينات، وصلاح الآباء في السودان. عادل عسوم
كلما نظرت في حال وطننا السودان وحال قيادات قحت/تقدم/… وطفابيع اليسار الخاوي وجدانهم من القيم والذين لايرجى منهم صلاحا لوطن ولا شعب، ثم قارنت بماهو عليه وطننا الآن وفي البال المآلات المحزنة التي آلت اليها العديد من الدول من حولنا؛ يتاكد لي حقا وجود سر إلهي يحفظ هذا السودان ويعصمه عن التفكك وانهيار الدولة والزوال، والعجيب أننا أضعف حالا من العديد من دول أصيبت بتلك القواصم من حيث الأنثروبولوجيا والLinguistics/اللسانيات وتعدد الاثنيات والثقافات وتعداد الحركات المسلحة، مما يكون سببا في اذكاء روح التشاكس والخلاف الموصل إلى سقوط الدولة ونقض غزلها وذهاب ريحها…
هاهو بحمد الله جيش السودان ومعه المستنفرين من شرفاء الوطن والقوات المشتركة يكتب الله لهم الانتصارات تلو الانتصارات، وهاهي مدن السودان وقراه تتزين عرائسا لتستقبل أهلها في حبور والألسنة تسبح الله وتحمده…
وبالأمس سمعنا بما حدث في منطقة المثلث بين السودان ومصر وليبيا وماحدث من تناعم استخباري بين السودان ومصر وما ترتب على ذلك من تفاهمات عسكرية ستكون مآلاتها بإذن الله تأمين الحدود وقطع يد كل طامع ومتمرد، والأمر لايقتصر على الحدود مع مصر، فالٱيجاب قد ظهر من تشاد وكذلك من دولة جنوب السودان، وهاهي الحكومة الاثيوبية تأمر الطفابيع بالمغادرة، أما أريتريا فمافتئت تصون أواصر الجوار.
انظروا بالله عليكم لحال أهلنا طوال حرب امتدت سنوات، وقد كتب العديد من السودانيين وغير السودانيين يبدون دهشتهم كيف للاقتصاد هذا البلد أن لاينهار، وكم من دول انهار اقتصادها وانهارت وسقط علمها المرفوع فوق السارية عندما نابها ربع ماناب السودان!
وقد قال أحدهم:
لا أجد تفسيرا لعدم انهيار الاقتصاد السودان الا القول بأن (السامري) يعيش في السودان ويدير اقتصاده ههة.
أحسب السبب في الحفاظ على السودان وأهله -والله أعلم- صلاح للآباء والأجداد والله حسيبهم.
وصلاح الآباء وتأثيره على الخلف وان تتالت الأجيال مذكور في الكتاب والسنة، ومعلوم كذلك لدى الأمم والأديان من قبلنا.
ورد في تفسير البغوي، وتفسير الخازن: (أنه كان في بني إسرائيل رجل صالح له ابن طفل، وله عِجْلة أتى بها إلى غيضة، وقال: اللهم إني أستودعك هذه العجلة لابني حتى تكبر، ومات الرجل، فصارت العجلة في الغيضة عوانا، وكانت تهرب من كل من رآها).
القصة طويلة، وهي أيضا من الاسرائيليات، وختامها أن الله حفظ العجلة إلى أن كبرت وقدر تعالى بأن يجعل من شروط البقرة التي يراد شراؤها وذبحها لتضرب ببعضها جثة القتيل، مطابقة لسمات هذه البقرة، فتم بيعها بملء جلدها ذهبا!
إنه صلاح الأب، وقيل أيضاً إنه بر الابن بأمه الصالحة.
وهناك آية كريمة أخرى في سورة الكهف تجسد العنوان أكثر:
{فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} الكهف 77.
الحديث هنا عن نبي الله موسى والرجل الصالح ولعله الخضر عليهما السلام كما تفيد العديد من المصادر، وقد ابان الرجل الصالح/الخضر عليه السلام لموسى عليه السلام لاحقا بأن:
{وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا} 82.
قال الشيخ الشعراوي في تفسير هذه الآية:
إنها قرية لئيمة، ووجد العبد الصالح في القرية جدارا يريد أن يسقط وينقض فأقامه، واعترض موسى؛ لأن عنده حفيظة على أهل القرية فقد طلبا منهم طعاما فلم يطعموهما، وقال سيدنا موسى: إنك لو شئت لاتخذت عليه أجرا، لأن أهل القرية لئام، وما كان يصح أن تقيم لهم الجدار إلا إذا أخذت منهم أجرا.
لقد غاب عن موسى ما لم يغيبه الله سبحانه عن العبد الصالح،
ياترى لو أن الجدار وقع وهم لئام لا يطعمون من استطعمهم، ثم رأوا الكنز المتروك لليتامى المساكين، فلا بد أنهم سيغتصبون الكنز. إذن فعندما رأيت الجدار سيقع أقمته حتى أواري الكنز عن هؤلاء اللئام، إذن المقصد هو نفع اليتيمين، والعبد الصالح وموسى عليها السلام أقاما الجدار بأسلوب يجدد عمرا افتراضيا للجدار بحيث إذا بلغ اليتيمان الرشد يقع الجدار أمامهما؛ ليرى كلاهما الكنز، فتم بناء الجدار على مثال القنبلة الموقوتة بحيث إذا بلغا الرشد ينهار الجدار ليأخذا الكنز. إنه توقيت إلهي أراده الله؛ والسبب في كل ذلك كما ذكرت الآية الكريمة أن والد اليتيمين كان صالحا، اتقى الله فيما تحت يده فأرسل الله له جنودا لا يعلمهم ولم يرتبهم ليحموا الكنز لولديه اليتيمين!.
إنتهى قول الشعراوي رحمه الله.
أنه صلاح الآباء ياأحباب -وان علا في الأجداد- يكون له أثره الموجب على الأبناء والأحفاد، وقد ورد بأن سعيد بن المُسَيب رحمه الله قال: (إني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي)، يريد بذلك أن يصل إلى مرتبة الصالحين فينال بصلاحه صلاح أبنائه من بعده، ومما يُذكر في امتداد أثر صلاح الآباء على الأبناء ما يذكره الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين اذ يقول: (رُويَ أن الإمام الشافعي لما مرض مَرَض موته، قال: مروا فلانًا يُغسلني، فلما بلغه خبر وفاة الإمام الشافعي حضر هذا الرجل، وقال ائتوني بوصيته، فإذا فيها على الشافعي سبعون ألف درهم دَيْنًا، فقضاها عنه، وقال: هذا غسلي إياه. وقال أبو سعيد الواعظ: لما قدِمتُ مصر بسنين طلبتُ منزل ذلك الرجل، فدلوني عليه، فرأيتُ جماعة من أحفاده وزرتهم، فرأيت عليهم سيما الخير وآثار الفضل، فقلت: بلغ أثر الخير إليهم، وظهرت بركته عليهم).
انها معية الله وتسخيره لمن/ما يسعى إلى نفعنا دون علمنا أو توقعنا، وذاك لعمري يعزز في النفس اليقين بأن الأمن الرزق والتوفيق بيد الله يجند لأجله جنوده الكُثُر وان كانوا أنبياء وصالحين، فيرزقنا من حيث لانحتسب…
حكى لي قريب لي في إحدى قرى الشمالية بأنه كان في القرية المجاورة لأهله أحد الطارئين عليها ولم يكن من أهلها، لكنه تزوج من القرية وأنجب عددا من البنات ولم يُرزق بولد، وكان الرجل فقيرا، وقد عهدت عنه الاستقامة والتدين، فتولى أمر مسجد القرية/الخلوة وكذلك الأذان للصلوات، وكان بيتهم من الصغر والضيق بمكان دون بقية دور القرية، ولم يكن لديه أرض يفلحها إنما كان يعمل اجيرا يفلح للناس أرضهم بمقابل مادي، ثم توفى الله الرجل، وبقيت البنات وامهن، وتخرجت كبرى البنات وعملت معلمة في المرحلة الابتدائية آنذاك، هذه الأسرة أصبحت من الثراء بمكان (فجأة)، وباعوا بيتهم الصغير في القرية وانتقلوا إلى العاصمة حيث ابتاعوا بيتا بجوار بيت أسرة قريبي هذا في أحد احياء العاصمة، وقدر لقريبي هذا ان يتزوج من هذه المعلمة، وعندما سألها عن سبب النعمة التي هبطت عليهم فجأة؛ قالت كانت هناك صخرة ناتئة في طرف قصي من بيتنا القديم، هذه الصخرة ظلت على حالها لعقود من قبل ان يأتي والدي إلى القرية ويتزوج الوالدة ويشتري هذا المنزل الصغير، وعندما كبرنا امتلأت بئر المرحاض فلزمنا حفر بئر جديدة، لكننا لم نجد من يحفرها لارتفاع التكلفة بسبب هذه الصخرة لكونها المكان الأوحد للبئر الجديدة، وظللنا نرتاد منازل الجيران لقضاء الحاجة لأشهر، ولك أن تتخيل الإحراج الذي كنا نشعر به لأجل ذلك ونحن بنات، فما كان منا جميعا إلا أن قررنا حفر البئر لوحدنا بعيد مغرب كل يوم كي لايشعر الجيران بذلك، خشية الاثقال عليهم بالمساهمة المالية او حتى بالمساعدة، وعندما وصل الحفر إلى منتصف البئر الجديدة؛ إذا بنا نجد عرقا من الذهب يزن الكثير.
إنها معية الله وحفظه يا أحباب، وليس بالضرورة أن يكون الأمر كنزا من الكنوز، فهناك الكثير من آلاء الله وعطاياه يدخرها لنا ويلهمنا للحصول عليها.
اعجبني ايراد متداول في القروبات قبل ايام يقول:
لنستشعر قول الله تعالى: {وتولّنا فيمن تولّيت} في الدعاء؟!
فقد تولى الله تعالى أمر يوسف عليه السلام فأحوج القافلة في الصحراء للماء ليخرجوه من البئر! ثم تولى ٲمره كذلك فأحوج عزيز مصر للأولاد ليتبناه!
ثم تولى أمره
فأحوج الملك لتفسير الرؤيا ليخرجه من السجن!
ثم تولى أمره أيضا ولكن هذه المرة أحوج مصر كلها للطعام ليصبح هو عزيز مصر!
إذا تولى الله أمرنا سخر لنا أسباب السعادة من حيث لاتحتسب…
اللهم تولنا فيمن تولّيت
اللهم ألق علينا محبة من عندك وبارك لنا في آلائك واجعلنا لك من المخبتين.
اللهم احفظ بلادنا من كل سوء، ولاتحقق لليسار فيها غاية، ولاترفع لهم راية، انك ياربي ولي ذلك والقادر عليه.
adilassoom@gmail.com
الخرطوم تنهي الإجازة المفتوحة للمعلمين وتعلن مصفوفة العودة للعمل
أعلنت وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم مصفوفة إجراءات عودة المعلمين والعاملين بالقطاع…