الصمت الذكي أمام عدسة الهاتف. بقلم / محمد فتح الرحمن بشير

باتت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة يومية للتعبير، التواصل، وحتى التأثير. غير أن هذا “الفضاء المفتوح” يختلف تمامًا عندما يدخل إليه جندي يرتدي الزي الرسمي، فهنا يبدأ الخطر ، وتنشط تحذيرات الأمن، وينتقل الجندي من “مواطن مستخدم” إلى عنصر حساس في منظومة وطنية أمنية.
فهنا الكاميرا قد تفضح أكثر مما توثق
فالجندي في بث مباشر قد لا يُدرك أحيانًا أن خلفه تظهر خرائط ومعلومات ومدلولات يعرفها اصحاب التخصص …
حتى حركة الغيوم أو الصوت في الخلفية قد تُحلل من قبل العدو وتُستخدم لاستخراج الموقع الجغرافي الدقيق!
وهنا ياتي دور الذكاء الاصطناعي في خدمة العدو
إذ باتت أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على تحليل الصور والفيديوهات لاستخراج معلومات تكتيكية،من عدد للجنود، ونوع المركبات، وحتى الحالة النفسية للقوات نفسها ..
وهنا يظهر خطر الاستهداف المباشر …
في عدة حروب حديثة، تم استهداف مواقع عسكرية بسبب بث مباشر على فيسبوك أو تيك توك نشره جندي بحسن نية، لكنه أنهى حياة رفاقه دون قصد..
أو بجهالة..
الجيوش المحترفة، تتبع سياسات صارمة منها:
منع استخدام الهاتف الذكي داخل الثكنات أو أثناء المهام القتالية.
و منع النشر أو التصوير دون إذن مكتوب من القيادة.
وهنا يأتي دور المحاسبة الفورية لأي ظهور لايف أو تصوير غير مصرح به.
ولا ننسى وجود وحدات مراقبة إلكترونية تتابع حسابات الجنود النشطة.
بعض الدول تُدرّب الجنود على ما يُسمى “الوعي السيبراني العسكري”، لتوعيتهم بمخاطر النشر، وكيفية التصرف إذا طُلب منهم الإدلاء بتصريحات أو صور.
ففي زمن الإعلام المفتوح لا بد من الاتي… لا تفتح كاميرتك قبل أن تستأذن قيادتك
الكاميرا في الجيش ليست مجرد أداة، بل قد تكون سلاحًا بيد العدو دون أن تدري.
فكل ما تنشره يُقرأ بعين فاحصة ومدربة ..
فالعدو لا يشاهد فقط… بل يُحلل، يُخطط، ويضرب.
وتجنب التصوير حتى في أوقات الفراغ داخل المواقع العسكرية …
اللقطة التي تبدو بريئة قد تحمل في طياتها معلومات تكشف نقطة تمركز حساسة.
فلا تتحدث عن المهام أو التنقلات حتى لأقرب الناس إليك عبر الإنترنت
ما تظنه “مجرد دردشة” قد يكون اختراقًا ناعمًا.
ولابد من الحرص على الإبلاغ عن أي زميل يستخدم السوشال ميديا في وقت حساس
فالحماية واجب جماعي، والخطأ الفردي قد يكلّف حياة الجميع.
وهنا من الضروري إنشاء وحدات “إعلام حربي رقمي”، تدرب الجنود على كيفية التعامل مع الإعلام الحديث.
لتحديث لوائح الانضباط لتشمل منصات السوشال ميديا، واعتبار أي نشر غير مصرّح به “مخالفة جسيمة” يعاقب عليها ..
ختاما تتحرك المعلومة باسرع من الرصاصة، فيصبح الجندي الذكي هو من يُمسك بزناد الوعي، لا الكاميرا.
ولعل أعظم شرف للجندي ليس فقط في حماية الأرض، بل في صيانة الأسرار… وحراسة المعلومات.
فالمعركة الحديثة لا تُخاض فقط بالبندقية، بل بالصمت الذكي أمام عدسة الهاتف.
هل تستوعب بعض المكونات في الشرق : حكومة “الأمل” .. كفاءات مستقلة .. أم محاصصات؟ تقرير- حاتم أبوسن
في 19 يونيو الجاري، قال رئيس الوزراء كامل إدريس إنه قرر تشكيل حكومة من 22 وزيراً من الكفاء…