نقطة إرتكاز د.جادالله فضل المولي يكتب : قحت… من واجهة التغيير إلى مرآة التدهور السياسي

في تاريخ السودان السياسي لم تشهد الساحة حالة من الانكشاف الأخلاقي والسياسي كما ظهر في سلوك ما يُعرف بـقوى إعلان الحرية والتغيير (قحت) بمسمياتها المختلفة تقدّم، صمود، والمجلس المركزي، وهي تسميات قد تعبّر أكثر عن اضطراب نفسي من كونها دلالة على ثبات سياسي. فكل تسمية جديدة كانت محاولة للهرب من الفشل السابق، أو إعادة تسويق مشروع مأزوم.
من المؤسف أن تتحوّل فئة تزعم تمثيل الثورة المصنوعة إلى واجهةلقوى الهيمنة الخارجية تتلقّى التوجيه من خلف الأسوار الدبلوماسية، وتظن أن إدارة وطنٍ بحجم السودان تتم بـ”الريموت” من أبوظبي، باريس أو واشنطن. لم يكن الانفتاح على الخارج في ذاته خطراً، بل الخطر تمثّل في ارتهان الإرادة الوطنية لأجندات لا ترى في السودان إلا ورقة في لعبة المصالح.
في ذروة التحديات الوطنية، حين احتاج السودان إلى وحدة الموقف وصيانة المؤسسة العسكرية، اختارت قحت الانحياز ضد الجيش، وشرعنت تمرد الميليشيات ووقعت إتفاق سياسي بعتبارها الجناح السياسي وروّجت روايات تُضعف المؤسسة الوحيدة القادرة على حفظ ما تبقّى من كيان الدولة. بدا جلياً أن همّها الأكبر لم يكن بناء الدولة، بل تفكيكها طمعاًفي سلطة سريعة، ولو على الأطلال.
لكن ذاكرة الشعوب لا تُشترى. فقد لفظ الشارع السوداني هؤلاء بعدما اكتشف زيف شعاراتهم وارتباك خطابهم ومحدودية مشروعهم. سقطت الهالة الثورية، وباتت قحت أشبه بجثة سياسية لا تُحرّكها إلا قنوات التملق السياسي أو دعم الخارج. وما تبقّى منها لا يحمل قدرة على الإقناع، ولا احتراماً من الداخل.
اليوم، يُدرك السودانيون أن مشروع التغيير الحقيقي لا يمكن أن يُبنى على الإقصاء، ولا على الشتم، ولا على التصفيق للعواصم الأجنبية. بل لا بد من عقد وطني جديد، تكون فيه القوى السياسية مؤهلة فكرياً وأخلاقياً للقيادة، لا مجرد واجهات مأجورة أو أدوات مؤقتة.
سينظر التاريخ يوماً إلى ما فعله هؤلاء في لحظة كان بالإمكان فيها إنقاذ السودان من أتون الانهيار، فاختاروا الخيانة على المسؤولية. وسيبقى اسمهم شاهداً على لحظة انكسار سياسي وأخلاقي نأمل ألا تتكرر.
أما السودان، فماضٍ رغم كل الجراح،بثقة جيشه وشجاعة شعبه، وسيظل مَن خانه موضع اللعنة والمراجعة لا في ضمير الناس، بل في أرشيف أمة تتعلم من كل سقوط.حفظ الله السودان وشعبه.
meehad74@gmail.com
واقع معاش الشائعات والافتراءات خطر يهدد مدينة النهود قبل وبعد سقوطها لازم ابراهيم لازم
انتشرت الشائعات بشكل كثيف في مدينة النهود، وبرزت بشكل أكبر بعد سقوطها. في البداية، كانت ال…