أصل_القضية محمد أحمد أبوبكر – باحث بمركزالخبراءالعرب حين تلبس الذئاب ثياب الحملان الرباعية والخراب المؤجل: السودان بين وعي الانتصار وابتزاز التسوية

@Asll_Alqadiya*
🧭 تمهيد الرؤية | حين يُستدعى الذئب مجددًا إلى حظيرة الوطن
لم تكن عودة “الرباعية الدولية” إلى السودان إلا صدىً لواقع انقلب على رؤوس صُنّاعه.
فهذه القوى استخدمت – الإمارات – كونها دولة وظيفية في المنطقة لتحقيق مصالح لم تعد تخفي أطماعها خلف قفازات الدبلوماسية، بل تعود اليوم بعد أن انكشفت أوراقها، وافتُضح دورها في تفكيك السودان دولةً ومجتمعًا ومؤسسات.
■لقد أدركت الرباعية أن مشروعها، الذي بدأت هندسته منذ ٢٠١٣م عبر “التمرد الناعم” و”المليشيا المموّلة”، قد بدأ يتهاوى بفعل ما تحقق من تقدم عسكري حاسم على الأرض… وأن الجيش الوطني بات قاب قوسين أو أدنى من انتزاع قراره كاملاً، بلا وصاية ولا مساومة.
كيف كان ذلك ؟؟؟!!
نجيب عليه فيما يلي :
🛑 الإمارات… المايسترو في سمفونية الخراب
منذ سقوط الإخوان في مصر، بدأت الإمارات في تصدير فوبيا الإسلاميين إلى السودان. لكنها لم تفعل ذلك مواجهة، بل عبر اختراقات ناعمة و”رعاية للانقلابات المؤجلة”.
فأشعلت فتيل الفوضى في ٢٠١٣م، ثم استخدمت “عاصفة الحزم” لتدريب مليشيا الدعم السريع خارج الدولة والاقتراب من قيادتها وتفريخه ليوم “الزينة”.
●ثم كانت ثورة ديسمبر ٢٠١٨، فرصة لا تُفوت لإزاحة البشير – وهو ما تحقق بدعم إماراتي مباشر – لكن السودان لم ينل الحرية، بل دخل في دوامة اللايقين، واللادولة، واللاحكم.
●ثم جاءت اللحظة الأخطر: دعم تمرد ٢٠٢٣م، بالسلاح والموقف السياسي والمال.
فالإمارات لم تكن “طرفًا متعاطفًا”، بل فاعلاً وظيفيًا يسعى لتحويل السودان إلى منصة خدمات لا أكثر.
🕳️ ما بين “صمود” و”تأسيس”:
قوى مدنية بواجهة وطنية… ودور خفي في الخيانة الدولية
لا تكتمل خريطة المؤامرة دون الإشارة إلى بعض القوى المدنية الداخلية، التي ترتدي عباءة الثورة والشعبوية وتدعي انها حاملة لواء التغيير، بينما تُمارس – في الخفاء – دور الوسيط الوظيفي للرباعية، وتُمهد الأرض لاتفاقات تنزع السيادة باسم “الانتقال الديمقراطي”.
فما يُعرف “صمود” و”تأسيس”، لا تعدو أن تكونا – في عين كثير من السودانيين – سوى امتداد ناعم للمشروع الدولي، تحاولان إحياء اتفاق جدة الذي نفذه الجيش على الأرض عنوة واقتدارًا لا تفاوضًا واستسلامًا، ثم عاد الخارج لمحاولة تقنينه سياسيًا عبر مسميات وهمية.
وعندما سعت الرباعية مجددًا من بوابة جنيف، جاء الرد السوداني حاسمًا:
●لا شرعية لمن يحاول تجاوز الميدان، ولا قيمة لمشاريع تتجاهل من يدفع ثمن بقاء الدولة.
وهنا تتضح معادلة دقيقة:
■الجيش يُقاتل المليشيا على الأرض، بينما بعض القوى المدنية تُقاتل مشروع السيادة على الطاولة، بتسهيل رجوع الخارج، والتغاضي عن جرائم التمرد، وتلميع الفوضى بلغة “التوافق”.
🔻المساءلة والانتهازية الدولية
إن عودة الرباعية لا يجب أن تُقرأ فقط في إطار حسن النوايا أو المساعي الحميدة، بل ينبغي مساءلتها ضمن سياق دولي مزدوج المعايير، شهدناه في تعاطي المجتمع الدولي مع الحرب في السودان منذ يومها الأول.
لقد بدا واضحًا أن القوى الغربية – خاصة واشنطن ولندن – لا تريد للحرب أن تُحسم، ولا للسودان أن يستعيد عافيته بمعزل عن وصايتها.
فالرباعية – برغم بياناتها وتصريحاتها – لا تسعى جديًا لإيقاف الحرب، بل لإدارتها بما يخدم مصالحها. هي لا تشعل النار مباشرة، لكنها تمنع إطفاءها.
فمن خلال تحايلها السياسي، وتعطيلها المستمر للمسارات الوطنية، وتدويرها المتكرر للفشل عبر مبادرات متقاطعة ومجتزأة – مثل جدة ثم جنيف – فإن الرباعية تطيل أمد الحرب بطريقة ناعمة.
هي تعمل على إدامة حالة “اللاحسم”: لا حرب شاملة تُنهي التمرد، ولا سلام شامل يعيد الدولة.
وذلك لحرمان الجيش من نصر كاسح، ولإبقاء السودان في حالة إنهاك تمنعه من اتخاذ قرارات سيادية مستقلة، ثم فرض “حل تفاوضي” تصنعه النخب المدنية الموالية لها عبر أدوات ناعمة كالمسارات الإنسانية والعدلية.
إنها انتهازية دولية فاضحة، تُلبِس أجندات الهيمنة ثياب الحياد، وتستخدم شعارات “حماية المدنيين” كوسيلة للالتفاف على إرادة السودانيين، بعد أن عجزت في فرضها بالقوة.
🔻 من التحفز إلى التوجس: هل تنجح الرباعية في إعادة تدوير الخراب؟
الرباعية – بمفاهيم العلاقات الدولية – ليست منصة حياد، بل نموذج للنفوذ الانتقائي، تحركه المصالح قبل المبادئ.
ومع انكسار أدواتها (الدعم السريع)، وفشل خطابها (الانتقال المزيف)، بدأت تبحث عن نافذة عودة… لكنها وجدت بابًا مغلقًا بإرادة سيادية ووعي شعبي لم يعد يُخدع بالشعارات.
فالتحفز الذي كان يُعامل الرباعية على أنها “وسيط ثقيل الظل”،
تحوّل اليوم إلى توجس استراتيجي واعٍ، يرى في هذه العودة محاولة جديدة لتفخيخ المشهد من بوابة “الحلول الدبلوماسية المفخخة”،
خاصةً مع بروز تغيرات إقليمية لافتة، من بينها تقارب بعض القوى الغربية مع الجيش بعد تقدماته، وتبدل أولويات واشنطن في المنطقة على ضوء الفشل في احتواء التمرد.
⚖️ الشرعية التفاوضية في ميزان القانون الدولي… ومأزق الدولة بلا مؤسسات
في ظل غياب البرلمان المنتخب، وتعليق المحكمة الدستورية، وغياب التفويض الشعبي، تصبح أي محاولة لإبرام اتفاقيات سياسية كبرى مع جهات خارجية – سواء تحت مسمى “سلام”، أو “تسوية”، أو “انتقال” – محفوفة بعيوب قانونية جسيمة.
🔻 وفق المادة ٢ من ميثاق الأمم المتحدة، لا يجوز لأي طرف خارجي التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة، إلا بدعوة رسمية من سلطة شرعية أو تفويض من مجلس الأمن.
🔻 وبحسب المادة ٤٦ من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات (١٩٦٩):
> “يمكن لدولة ما أن تطعن في صحة موافقتها على الالتزام باتفاقية إذا ثبت أن هذه الموافقة قد أُعطيت خرقًا لقانونها الداخلي المتعلق بالاختصاص في إبرام المعاهدات.”
وبذلك، فإن أي اتفاق يتم توقيعه الآن من قِبل سلطة انتقالية غير منتخبة، أو قوى مدنية لا تملك تفويضًا دستوريًا، يعد اتفاقًا باطلًا سياسيًا، قابلًا للطعن، وغير ملزم للشعب السوداني على المدى البعيد.
وغياب البرلمان لا يعني فقط غياب التشريع، بل انعدام الرقابة، مما يحوّل الاتفاقات المصيرية إلى صفقات مغلقة تخضع لموازين المصالح لا مصلحة الدولة.
🌐 عودة الذئب… متى ولماذا؟ قراءة في التوقيت والمصالح الدولية
عودة الرباعية لم تكن مصادفة، بل استجابة لمعادلات متغيرة ومعقدة في الإقليم:
■انتصارات الجيش الميدانية أسقطت الرهان القديم.
■الانكشاف الأخلاقي والحقوقي للدعم السريع أفقد الرباعية أوراق التفاوض.
■نُذر تقارب غربي مع الجيش السوداني دفعت الإمارات وحلفاءها لتدارك اللحظة عبر محاولات التفاف ناعمة.
فالخيارات أمام الرباعية اليوم محدودة:
●إما الاعتراف بفشلها.
●أو إعادة التموضع عبر أدوات مدنية مبرمجة مسبقًا لإعادة إنتاج “الخراب المُقنّن”.
ولذلك بدأت أحاديث عن مؤتمرات سلام ومساعدات إنسانية، لكنها لا تخفي رغبة في إعادة تعويم وكلاء المشروع الدولي بعد سقوطهم شعبياً وميدانياً.
🔮 مآلات وسيناريوهات: ما بعد انكشاف النوايا
١. التسوية المسمومة: إحياء مشروع “الدمج السياسي” لحماية بقايا مليشيا سقطت عسكريًا لكنها ما زالت تُستخدم وظيفيًا.
٢. الضغط مقابل الاعتراف: فرض قوى مدنية مختارة خارجيًا، تحت لافتة الشراكة، مقابل تقويض القرار الوطني.
٣. التحوّل إلى خيار الجسر والمورد: ترسيخ السيادة وبناء نموذج تفاوضي جديد على أساس النصر الوطني، لا الارتهان الدولي.
📌 ما يجب أن يثبته السودان على الطاولة
وفقًا لفلسفة “استراتيجية الجسر والمورد”، فإن التفاوض ليس بابًا للابتزاز، بل منصة لتتويج النصر وحماية الدولة.
ولذلك، لا بد من تثبيت خمسة ثوابت تفاوضية:
١. السيادة الكاملة وغير القابلة للتجزئة أو التفاوض.
٢. رفض دمج المليشيا أو إعادة إنتاجها بأي غلاف مدني.
٣. إعادة تعريف التحالفات على أساس المصالح الوطنية لا الإملاءات الدولية.
٤. دعم الجيش كمؤسسة مركزية للقرار لا كقوة معرقلة.
٥. مراجعة العلاقة مع الإمارات… إما على قاعدة الندية أو لا قاعدة على الإطلاق.
💥 السودان ليس ساحة… بل صاحب سيف
الرباعية التي دعمت التمرد، وتواطأت على الخرطوم، ووضعت مشروع الدولة على مقصلة الابتزاز،
تعود اليوم بثوبٍ نظيف ولسانٍ ناعم… لكنها لم تغسل آثار الدم، ولم تعتذر عن الخراب.
وهنا أصل القضية ،،،
من دعم الانهيار لا يملك شرعية بناء المستقبل.
ومن نجا بوطنه من الحرب، لا يفاوض على نصره… بل يُعلنه حجر الأساس لعهدٍ جديد، تُكتبه الأرض، ويحرسه الوعي، وتُرسم ملامحه بإرادة لا تُشترى.
وزير التربية يقف على إجراءات امتحانات الشهادة الثانوية
عطبرة : 5minute-news وقف وزير التعليم والتربية الوطنية د. التهامي الزين حجر صباح اليوم علي…