إخفاقات زيارة رئيس مجلس الوزراء للقاهرة… بين الهرجلة وسمسرة الإعلام محمد صلاح ابورنات

زيارة رئيس مجلس الوزراء إلى القاهرة وهي أول زيارة خارجية له في ظل ظرف استثنائي وحرب مفتوحة كان يفترض أن تكون حدثا مفصليا في مسار التواصل الإعلامي والسياسي للسودان. القاهرة ليست مدينة عادية بل عاصمة تعج بمكاتب الإعلام العربي والعالمي من رويترز والـ BBC وحتى القنوات المصرية المؤثرة في الرأي العام الإقليمي لكن ما حدث أضاع نصف الفرصة على الأقل بسبب سوء الإعداد وضعف الرؤية الإعلامية.

المؤتمر الصحفي الذي كان من المفترض أن يكون منصة لتوصيل رسائل السودان جرى ترتيبه بعشوائية وتحول إلى جلسة باهتة في منزل السفير بحضور محدود وغير مدروس. الأسوأ أن من رتب هذا اللقاء لا يحمل أي صفة رسمية تخوله إدارة حدث على هذا المستوى وجاء ترتيبه أقرب إلى سمسرة صحفية منه إلى عمل إعلامي احترافي. الدعوات ذهبت في معظمها لأشخاص من دوائر العلاقات العامة والمعارف الشخصية بدلًا من أن تشمل الصحفيين المؤثرين والمراسلين الدوليين الذين يمكن أن ينقلوا صوت السودان للعالم.

أما زيارة القهوة التي تحولت إلى مشهد جانبي مثير للسخرية فقد جسدت بوضوح غياب الأهداف الإعلامية. فبدلا من استثمار وقت رئيس الوزراء في لقاءات مع مؤسسات صحفية أو قنوات كبرى جرى إهدار الوقت في نشاط لا يحمل أي قيمة إعلامية سوى كونه مكانا مألوفا لبعض المنظمين النتيجة انشغل الرأي العام باللقطة الجانبية بدلا من جوهر الزيارة.

الإعلام ليس نزهة ولا مجالا لتصفية الحسابات أو إرضاء الأصدقاء. هو سلاح استراتيجي في زمن الحرب وكان يجب أن يدار بعقلية تخطط للوصول إلى أكبر عدد من المنابر والشرائح. المؤسف أن البطانة الإعلامية الضيقة التي أدارت المشهد منعت عن السودان فرصة ثمينة لإبراز مواقفه وملفاته أمام العالم.

إن تكرار هذا النهج من المجاملة والسمسرة سيؤدي إلى إهدار كل زيارة أو حدث قادم ويجعلنا نخسر المعركة على مستوى الصورة والرأي العام حتى لو كسبنا جولات ميدانية أو سياسية. المسؤولية هنا ليست على رئيس الوزراء وحده بل على كل من يحيط به ويقدم له المشورة أو يدير جدول أعماله