وهج الكلم د حسن التجاني خروج رفاة جاسم تجدد الاحزان ….!!

لم اغادر الخرطوم اثناء فترة الحرب الاولي…كنت مرابطا بين الحي الراقي جنوب الخرطوم ..االطائف.. الشجرة الثورة التي استقر بي الحال هناك بها فترة طويلة …خلال وجودي هناك يوميا عند الصباح اتلقي اتصالا هاتفيا او رسالة من الشهيد المهندس جاسم عثمان الذي كان يرابط هناك في امبدة الي جانب والده بارك الله في عمره الذي كان يعاني من مرض السكري .
* الو جاسم صباح الخير …اهلين سعادتك ..اخباركم كيف والوالد كله تمام سعادتك بس الحال مابسر ….كيف الكلام ده يا جاسم ؟ الدعامة ديل يا سعادتك بقوا كتار بالحيل …وربنا يستر …
* استمرينا علي هذا الحال اكثر من كذا شهر …رسائل وتقارير متبادلة عن الوضع الامني يوميا صباحا… وحتي تلك اللحظة لم يظهر الدعامة بهذه الوحشية والعنف وقلة الادب التي فتح طريقها لهم المتعاونين من حثالة المجتمعات وارشادهم لمنازل الضباط والعسكريين واعيان البلد.
* كنت اتابع حركات المليشيا من اماكن مختلفة واشاهد توهانهم خلال حركتهم التي لا تتوقف ليلا ولا نهارا بين الاحياء لكنهم كانوا يضلون الطريق فهم لا يعرفون الخرطوم ولا حتي امبدة ولا شرق النيل كنا نشاهد معهم اجانب في بداية المعركة وهؤلاء هم المرتزقة
* كنت اتحرك في مناطقهم في كافوري وبحري عبورا لامد درمان مجبرا بحثا عن طريق فكل الطرق كانت مغلقة واصطدمت بهم عدة مرات لكن لان اولادي كانوا دائما معي اجد مخرجا من قبضتهم فكانوا في بداية مشوارهم ليسو بشراستهم التي انتهجوها اخيرا قتلا وسفكا واغتصابا ونهبا وسرقة واستهبالا.
* قلت للشهيد جاسم تقبله الله امين يا جاسم ياخ بعد ده نمرق الوضع بقي مكشوف ونحن بقينا مستهدفين ليس من المليشيا فحسب بل حتي من مدمني المخدرات ومجرمي الاحياء المتعاونين معهم خلينا نمرق ونتخارج …قال لي انت عارف يا سعادتك ….هكذا هو حديثه كان معي قمة في الانضباط والذوق والهدوء …المشكلة انا ما بقدر اسيب الوالد لوحده …قاطعته وان فعلت فانت ليس من اخوتي لا اقصد ذلك …قال لي الوالد رافض يطلع وانا بيني بينك ما متشجع اصلا للخروج واهو الحياة ماشة …قلت ليه ياجاسم اطلع كفاية ان شاء الله تجيني في بورتسودان هناك نتكاتف سوا او في حلفا الجديدة بس اتخارج….كان كل همه ان يبقي لجانب والده حتي لو ادي ذلك للمجاذفة بحياته …وقد كان.
* جاسم عثمان والدته متوفية من زمن وكل بقية الاسرة من اخوان واخوات خارج السودان الا جاسم الذي ظل ملازما لوالده الذي هو بمثابة الاب والصديق
والزميل وكل شئ…لم يكن مجرد والد فحسب…
* اعترض العقيد جاسم قطيع المليشيا وهم يتزاحمون لشفشفة منزل اين عمه القريب منهم وتصدي لهم وصدهم…ولكن خيانة المتعاونيين هم الذين تبرعوا للدعامة بادق تفاصيل جاسم فعادوا له بقوة مددجة بالسلاح وقاموا علي الفور باغتياله في الحال برصاصة مباشرة ووقع جاسم صريعا وفارقت روحه الطاهرة الدنيا بكل وسخها وقرفها وفتنها وعزابها وقهرها …ذهب جاسم باذن الله شهيدا لربه لينعم بدار النعيم دارالخلود …بعيدا عن كل اوباش البشر وحقدهم وغلهم
وحسدهم …لعنهم الله اين كانوا واين حلوا .
* امس تجددت الاحزان وانفتح الجرح الغائر وادمت القلوب وتدفقت الدموع …تجدد الحزن لان جاسم كان لم يقبر بعد …فمازالت حتي امس (خمشة )تربته لم تغلق حفرة قبره الا بعد ان تزينت بجثمانه مقابر حمد النيل امبده مقبرة القبب التي كان يحبها ويألفها وكثيرا يزورها ايام الجمعة والعطلات…ذهب اليها امس جثمانا فكانت (خمشته) من تربتها .
* وداعا جاسم لم تكن انت الاول من شهداء الشرطة ولم تكن الاخير
وستظل الشرطة تقدم الشهيد تلو الشهيد وهكذا هي من يوم ان اقسمت ذلك القسم الغليظ ..(حتي لو ادي ذلك للمجاذفة بحياتي ).
سطر فوق العادة:
تجددت الاحزان امس بنقل رفاة الشهيد جاسم عثمان من (خمشته) الاولي الي (خمشته) الاخيرة.
(ان قدر لنا نعود)
محجوب أبوالقاسم يكتب الرسالة وصلت..حين يتكلم الشعب
لم يكن يوم أمس 13 ديسمبر 2025م يوما عابرا في تقويم الأحداث بل كان فاصلا بين مرحلتين وعنوان…





