الدار السودانية للكتب .. “سراج المعرفة” يستعيد الضياء بقلم- خالد الفكي سليمان

قنديل من قناديل الثقافة والآداب في الخرطوم أضيء بعد ظلام دامس، فإعادة افتتاح الدار السودانية للكتب، بعد عامين من الإغلاق بسبب الحرب، يُعد بارقة أمل في سماء الفكر و الثقافة السودانية، وعودة روح الإبداع والفنون والآداب إلى العاصمة.
وأكاد أقطع جازماً بأن دار السودانيين للكتب لم تكن محل للبيع فقط بل هي شريان من شرايين الحياة الثقافية والإدبية والإمتاع الفكري والروحي، وحديقة أرجون تفوح منها أفخم وأزكي روائح الإبداعات ومنتوج الكتَاب على مختلف مشاربهم وطرائقهم، فالمبني العتيق هذا وراءه رواية شيقة الفصول دونها المؤسس الراحل المقيم عبد الرحيم محمد مكاوي،منذ ستينيات القرن الماضى.
مكاوي ربما لم يدر بُخلده وهو يُنشئ كشكاً صغيراً لبيع وتداول الكتب حينها بالقضارف بأن هذا الحلم سيكون يوماً صرحاً من الصروح السودانية ذات الاثر الفعَال على وجدان أهل العلم والمعرفة ويمثل أحدي أدوات تشكيل الرأي العلمي والثقافي للسودانيين ومتتبعي مسار الأغلفة… كيف.. لا .. والدار السودانية للكتب هى أكبر دار عرض متخصصة في بيع الكتب في السودان والعالم العربي.
رغم مأساة الحرب ووجهها القبيح على الخرطوم ، يقيني إن الشارع الثقافي والفكري ينظر إلى إستعادة نشاط الدار بعودة الروح والنبض لمؤسسات العاصمة المختلفة، ودون شك فيها تشجيع لمختلف دور النشر والإنتاج الفكري والثقافي لإطلاق _ يد الإعمار ـ وآمل أن أري قريباً عودة نشاط دار النشر بجامعة الخرطوم، ودار عزة، وعودة رواد سوق البوسته، ومعرض مفروش الشهري “أتني” ، والكتب علي أرصفة ممرات مدرسة كمبوني بالخرطوم، وغيرها من مؤسسات بناء وتسوير الفكر بذائقات المعرفة والعلم وروائع المنتوج البشري.
إستنئاف الدار السودانية للكتب لنشاطها يجدد التأكيد على أن “الخرطوم تقرأ والقاهرة تكتب وبيروت تطبع” ، كما تؤكد دور الخرطوم الريادي في الثقافة العربية وأن كانت الخرطوم تخطت ذلك وطبعت أبرز العناوين لمبدعي سودانيين فى مختلف المجالات الفكرية والثقافية، كما تمثل العودة فرصة لاستعادة الذاكرة الثقافية والتاريخية، و تعزيز الثقافة والتعليم، والهوية الثقافية الوطنية التى عمدت عصابات آل دقلو الإرهابية لتخربيها وتفكيك جدار المجتمع السوداني الفكري والإبداعي التاريخي.
كل ثقة بأن عزيمة السودانيين قادرة على هزيمة مخططات طمس الهوية القومية ومحو الأرث الفكري،بالنظر إلى جرائم الجنجويد بحق المؤسسات والدور ذات البعد التاريخي والمعرفي مثل دار الوثائق المركزية ومتحف السودان، كيف إذا علمنا إن الدار السودانية تحوي على نحو ثلاثين ألف عنوان في مختلف المجالات، ولنا أن نتخيل دلالات تمزيف وحرق هذه العناوين على حركة الإحياء الفكري والمعرفة السودانية.
ندعو ونناشد، خاصة أهل المعرفة والفكر وعشاق القراءة ورواد معرض الكتب بالتكاتف والعمل جنباً إلى جنب مع إدارة “دار الكتب” التى يقودها -الأثر الطيب- أحمد مكاوي لإستعادة عظائم العناوين والكتب النادرة بعد عمليات سرقات وتخريب عصابات آل دقلو، بما في ذلك نسخ نادرة يزيد عمرها عن 100 عام.
بالواضح فتح الرحمن النحاس لن يصلح العطار ماأفسده الدهر.. صائدو التمرد أم صائدة البمبان..؟!! ماعاد بيننا مكان لزمن الموات..!!
عشرات المواقف خلال عدة تظاهرات رأينا فيها من يلتقطون قنابل الدخان (البمبان) ويردونها علي أ…