شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر تقنيات إنترنت الأشياء: شريان إعادة إعمار السودان

Ghariba2013@gmail.com

في عالم تتسارع فيه وتيرة التحول الرقمي، وتتشكل فيه ملامح المدن الذكية، يقف معرض “الجيل القادم لإنترنت الأشياء (Next Generation IoT Expo)” في الرياض السعودية كمنصة حيوية ترسم خارطة الطريق نحو المستقبل. وبينما تتجه الأنظار إلى عاصمة المملكة، ليس من قبيل الصدفة أن تبرز أهمية هذا الحدث بالنسبة لدولة مثل السودان، التي تقف اليوم على أعتاب مرحلة تاريخية من إعادة الإعمار والتحول. فالمشاركة في هذا المعرض ليست مجرد حضور رمزي، بل هي ضرورة استراتيجية تفرضها متطلبات المرحلة الحالية.

إن ما يمر به السودان اليوم من تحديات جسيمة يتطلب حلولاً غير تقليدية. فبينما تتجه البلاد نحو إعادة إعمار ما دمرته الصراعات، وتخطط لإنشاء عاصمة إدارية جديدة، تصبح تقنيات إنترنت الأشياء (IoT) بمثابة شريان حيوي يمكنه تسريع هذه العملية بشكل لم يسبق له مثيل. إن المدن الذكية، التي ستكون محور نقاش في المعرض، ليست مجرد رفاهية، بل هي أساس لإنشاء بنية تحتية مرنة وفعالة. تخيل شبكات نقل ذكية تقلل من الازدحام، وأنظمة إمداد بالمياه والكهرباء تعمل بكفاءة قصوى، وأنظمة أمنية تستخدم أجهزة استشعار متقدمة لتوفير بيئة آمنة للمواطنين. كل هذا يمكن تحقيقه من خلال توظيف تقنيات إنترنت الأشياء التي ستعرض في الرياض.

بالإضافة إلى البنية التحتية، يعد التحول الرقمي ركيزة أساسية لبناء اقتصاد سوداني قوي ومتنوع. المعرض يجمع نخبة من الشركات العالمية والمحلية والمستثمرين، مما يتيح فرصة لا تُعوَّض للمسؤولين السودانيين والشركات الناشئة لتبادل الخبرات والاطلاع على أحدث الابتكارات. إن تبني حلول رقمية في قطاعات حيوية مثل الرعاية الصحية والنقل والزراعة يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة للتنمية المستدامة. فالمستشفيات الذكية يمكنها تحسين جودة الرعاية، والأنظمة اللوجستية الذكية يمكنها تعزيز كفاءة سلاسل التوريد، والزراعة الذكية يمكنها زيادة الإنتاجية الغذائية في بلد يمتلك إمكانات زراعية هائلة.

إن خطة نقل مقار الوزارات وإعادة هيكلة وسط الخرطوم تتطلب تفكيراً استراتيجياً يواكب العصر. وهنا يأتي دور إنترنت الأشياء كأداة رئيسية لتنفيذ هذه الخطط الطموحة. فبدلاً من بناء مدن تقليدية، يمكن للسودان أن يستفيد من هذا المعرض لتصميم عاصمة إدارية حديثة من الصفر، تكون مبنية على أسس المدن الذكية. إن هذه الخطوة ستمكن السودان من تفادي الكثير من المشاكل التي تواجهها المدن الكبيرة حول العالم، مثل الازدحام وتلوث البيئة. وستكون هذه العاصمة الجديدة بمثابة نموذج يحتذى به في المنطقة، يظهر قدرة السودان على التطلع نحو المستقبل.

باختصار، فإن المشاركة في معرض “الجيل القادم لإنترنت الأشياء” في الرياض ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة ملحة. إنها فرصة للسودان ليمتلك ناصية التكنولوجيا، ويستفيد منها في جهوده لإعادة الإعمار والتحول الرقمي. فالمستقبل هو لمن يمتلك الأدوات اللازمة لبنائه، وهذا المعرض يقدم هذه الأدوات على طبق من ذهب.