نقطة إرتكاز  د.جادالله فضل المولي  يكتب: الخرطوم تستحق أن تتنفس

في لحظة فارقة من تاريخ السودان يقف الوطن على عتبة التغيير بين خيار البناء وخطر الانهيار فالبلاد لا تُعمر إلا بأهلها ولا تُهدم إلا بأيديهم وما تمر به الخرطوم اليوم ليس مجرد أزمة صحية بل اختبار حقيقي للوعي والمسؤولية

الذباب يتكاثر والباعوض يملأ الأجواء والأمراض تنتشر في صمت بينما القمامة تتكدس في الأزقة وتتحول البرك الراكدة إلى مصانع مفتوحة للأوبئة كل ذلك يحدث في عاصمة كانت يوماً عنواناً للحضارة والنقاء واليوم تصرخ طلباً للنجدة.

لابد من نفرة تنطلق لنظافة الخرطوم وكل المدن وعلي ان لاتكون حملة موسمية بل نداء وطني لإحياء المدينة وإعادة الاعتبار لكرامة الإنسان فيها هي دعوة لأن نعيد للطرقات لونها وللأحياء روحها وللناس حقهم في بيئة نظيفة لا تفتك بهم ولا تسرق صحتهم.

الخرطوم لا تحتاج إلى شعارات بل إلى أيدٍ تعمل إلى شباب يحملون المكان كما يحملون الحلم إلى مواطنين يدركون أن النظافة ليست ترفاً بل واجب وأن رش البرك ليس مهمة جهة واحدة بل مسؤولية جماعية.

حين ننظف الخرطوم فنحن لا نكنس الأوساخ فقط بل نكنس الإهمال واللامبالاة ونفتح نافذة جديدة للشفاء والانطلاق وحين نرمي القمامة في مكانها فنحن نرمي معها ثقافة الفوضى ونزرع مكانها نظاماً يحترم الإنسان.

الخرطوم تستحق أن تتنفس تستحق أن تُحترم تستحق أن تُخدم كما تخدم هي الجميع فلتكن هذه النفرة بداية جديدة لا لنظافة الشوارع فقط بل لنظافة الضمير ولنظافة الفعل ولنظافة النية تجاه وطن يستحق الأفضل دائماًعنواناً للحضارة والنقاء واليوم تصرخ طلباً للنجدة.

تبني الأوطان بسواعد بنيها وتهدم كذلك. حفظ الله السودان وشعبه من كل فتنة ومن كل طامع في أرضه وكرامته.