نقطة إرتكاز د.جادالله فضل المولي يكتب: حين يصبح العشب أزرقاً

في زمنٍ اختلطت فيه الألوان وتحوّلت فيه الحقائق إلى وجهات نظر وقف الحمار أمام الثعلب ليُعلن بكل ثقة أنّ لون العشب أزرق الثعلب الذي قضى عمره بين الغابات والمروج لم يُصدّق ما يسمع حاول أن يُقنع الحمار أن العشب أخضر كما خلقه الله كما تراه العين كما تعرفه الطبيعة لكن الحمار أصرّ على رأيه وكأنّه يملك الحقيقة المطلقة.
ذهبا إلى القاضي وكان الأسد ليحكم بينهما فكان الحكم صادماً لا للحمار الذي خالف الواقع بل للثعلب الذي تجرّأ على مناقشته حُكم عليه بالجلد لا لأنه أخطأ بل لأنه جادل من لا يُجادَل من لا يُصغي من لا يُغيّر رأيه حتى لو رأى الحقيقة تمشي أمامه.
القصة ليست عن الحيوانات بل عن الحكومات تُشبه الحمار في عنادها في إنكارها في تمسّكها برأيٍ لا يسنده دليل ولا يُبرّره منطق حكومة ابوظبي التي تقول إنّها لا تدعم مليشيات الدعم السريع رغم البراهين رغم الوثائق رغم الأدلة المادية التي تُثبت العكس حكومة تُجادل في لون العشب وتُعاقب من يُصحّح لها الرؤية.
الحكمة ليست في معرفة اللون بل في معرفة من يستحق أن تُناقشه لأنّ بعض الآراء لا تُناقش وبعض العقول لا تُقنع وبعض الحكومات لا تُحاور لأنها لا تُريد أن تسمع ولا أن ترى ولا أن تعترف.
الأسد لم يُعاقب الثعلب لأنه كاذب بل لأنه أضاع وقته في جدالٍ لا يُثمر في نقاشٍ لا يُغيّر في محاولةٍ لإقناع من لا يُقنع وهكذا تفعل الولايات المتحدة الأمريكية وتُعاقب من يُحاول أن يُصحّح تُقصي من يُحاول أن يُنقذ تُجلد من يُحاول أن يُنير الطريق.
حين يصبح العشب أزرقاً في عيون الحمار لا تُضيّع وقتك في الشرح لأنّ الحقيقة لا تُجدي مع من يُنكرها عمداً ولا تُقنع من يُكذّبها عناداً ولا تُغيّر من يُحاربها خوفاً من أن يُحاسب.
في هذا العالم لا يُعاقب من يُخطئ بل من يُصحّح الخطأ لا يُجلد من يُزوّر بل من يُفضح التزوير لا يُقصى من يُضلّل بل من يُكشف التضليل.
وهكذا يبقى الحمار في منصبه يُقرّر لون العشب ويُصدر البيانات ويُدافع عن رأيه بكل ثقة بينما يُجلد الثعلب لأنه تجرّأ على قول الحقيقة.
فهل نُصدّق الحمار أم نُجلد مع الثعلب أم نُغيّر الغابة كلها ونزرع فيها عشباً لا يُجادل أحد في لونه.
meehad74@gmail.com
الهندي عزالدين التحية لجيشنا العظيم ومنظومة الصناعات الدفاعية
ودّعنا فجر أمس ، من محطة السد العالي في “أسوان” الجميلة الرائعة ، ركاب القطار …