حديث الساعة إلهام سالم منصور عزيزٌ أنت يا وطني

السودان… هذا الوطن العظيم الذي شاء الله أن يكون في قلب إفريقيا، يربط بين الشرق والغرب، بين الشمال والجنوب، يفيض خيراتٍ لا تنضب، ويزخر بشعبٍ عرفته الدنيا بالكرم والشجاعة والإباء.
منذ أن وُضع السودان على وجه البسيطة، حمل على كتفيه رسالة العزة والكرامة، فكان وطنًا شامخًا، لا يعرف الخضوع ولا يقبل المهانة، صابرًا رغم الجراح، مبتسمًا رغم الألم، واقفًا رغم الرياح العاتية.
ولأن السودان عزيز، كان مطمعًا لكل من أراد الهيمنة والسيطرة، فخيرات أرضه لا تُحصى، وموقعه الجغرافي جعله بوابةً تربط العالمين العربي والإفريقي.
ولكن — ويا للأسف — لم يأتِ الخطر الأكبر من الخارج كما كنا نظن، بل جاء من الداخل، من بين صفوف أبنائه الذين حملوا السلاح ضد بعضهم البعض، فصار الوطن ساحةً للصراع، وميادين القتال بدلًا من أن تكون دفاعًا عن الأرض، أصبحت اقتتالًا على السلطة.
وصدق المثل العربي القديم: “الشجرة لا يهدها إلا عريقٌ فيها”، أي أن الهدم لا يأتي إلا من الداخل.
فكم من أعداءٍ طمعوا في السودان عبر التاريخ، فوجدوه صخرةً صلبةً لا تُكسر، وجدارًا لا يُهدم. ولكن حين تسللت الخيانة من بين صفوف أبنائه، تهشمت بعض أغصانه، وتبعثرت أوراقه، وتبددت أحلامه.
إن ما يحدث اليوم في السودان لم يكن قدرًا محتومًا، بل نتيجة لغياب الوعي، وابتعاد البعض عن قيم الوطنية، وتغليب المصالح الشخصية على مصلحة الوطن.
فالحرب التي تشتعل نارها في كل شبر من أرضنا ليست حربًا بين جيشٍ وغرباء، بل بين إخوة، بين أبناء قريةٍ واحدة ودمٍ واحد، يجمعهم التاريخ وتفرقهم الأطماع.
قوات الدعم السريع هم أبناء السودان، من خيرة قبائل الغرب، عُرفوا بالفروسية والكرم والإقدام، وكانوا يومًا درعًا في مواجهة المستعمر حتى رحل عن أرضنا.
ومن الجهة الأخرى، هناك أبناء الوطن من مختلف الأحزاب والتيارات السياسية — من “قحت” وغيرها — كلهم سودانيون نشأوا تحت سماء واحدة، وتربوا على ترابٍ واحد، لكنهم نسوا ذلك، وتركوا الشيطان يغويهم بسلطةٍ زائلة وكرسيٍ لا يدوم.
لقد ضاعت البوصلة، وغاب صوت العقل، وتشتت الوطن بين صراع السلاح والكلمة، بين من يريد الحكم ومن يريد الانتقام، بينما الشعب البسيط يدفع الثمن — نزوحًا، ولجوءًا، وجوعًا، وخرابًا، وتشريدًا، ودمارًا لمدنه وقراه.
أيها السودانيون في كل بقاع الأرض…
عودوا إلى رشدكم، وتذكروا أن السودان ليس ملكًا لأحد، بل أمانة في أعناق الجميع.
تذكروا أن من يرفع السلاح في وجه أخيه، إنما يطعن وطنه بيده.
تذكروا أن دماء الأبرياء التي تسيل في الخرطوم ودارفور وكردفان والنيل الأبيض، دماءٌ سودانية طاهرة، ستسألنا يومًا: لِمَ قَتلتُموني؟
يا أبناء السودان، إن العدو الحقيقي ليس في صفوفكم، بل هو من يفرح بانقسامكم، ويستثمر في جراحكم، ويزرع الفتنة بينكم ليضعفكم.
وطنكم أكبر من الخلاف، وأقدس من الطموحات، وأغلى من المناصب الزائلة.
فاجعلوا من هذا الخراب بدايةً لنهضةٍ جديدة، ومن هذا الألم طريقًا نحو الوحدة والوعي.
ولنرفع جميعًا شعارنا الأبدي:
السودان أولًا… السودان فوق الجميع.
لأن السودان باقٍ، ونحن الراحلون.
ولأن عزته من عزتنا، وكرامته من كرامتنا.
اللهم احفظ السودان من كل سوء، واجمع كلمته على الحق، ورد أبناءه إلى رشدهم، وأعد له مجده وعزه كما كان — وطنًا عزيزًا كريمًا شامخًا، لا يُكسر ولا يُهان.
شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر السودان.. بوابة العبور إلى الاقتصاد الرقمي
Ghariba2013@gmail.com تخطو الحكومة السودانية خطوات استراتيجية ومفصلية نحو دم…





