اللواء الركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب في ذكرى 11 أبريل: أخطاء الرئيس البشير وحزبه ولجنته الأمنية (3)

قلت لأخي وصديقي العزيز العميد الهادي مندوب جهاز الأمن والمخابرات الوطني بالسفارة السودانية بكمبالا ونحن نتقاسم القهوة احتساءً بمكتبي وأمامنا قناة السودان يقرأ مذيعها الأخبار فيقول بأن الرئيس البشير أصدر قراراً بتعيين الفريق أول عوض محمد أحمد أبنعوف وزيراً للدفاع.. كان هذا نهايات شهر أغسطس 2015م ووقتها كان الفريق أول عوض أبنعوف سفيراً لجمهورية السودان لدي سلطنة عمان الشقيقة على الرغم من قناعتي الكاملة بأن شخصية الرجل (لا تتسق) والكلمة مطلقاً والأسوأ من ذلك عدم إمكانية أن يتماهى مع الوظيفة الدبلوماسية الرفيعة التي أسندت إليه (تشبهاً) بالدبلوماسيين إن لم يكن مثلهم.. فقلت له بالحرف الواحد (والله يا أخي هذه كارثة كبيرة) فاستغرب هذا القول ولربما لم يكن له معرفة كبيرة بشخصية أبنعوف بينما أعرف عنه (الكثير والمثير) وأستطيع أن أجلس (لامتحان) يتناول شخصيته وقد كان رئيساً لهيئة الاستخبارات العسكرية ردحاً من الزمان.. فأجبته وقد علمت سبب الحيرة والاستغراب بأن المذكور لم يقدّم للاستخبارات شيئاً وظلت إضافته (الحقيقية) فيها تقارب الصفر الكبير (بالإنجليزي) لان الصفر العربي صغير ومع ذلك استمر على رئاستها نحواً من تسع سنواتٍ (عجاف).. ومع الاحترام المبذول والانضباط المعهود إلا أن الحقائق تظل هي فلا تتبدّل ولا تتغيّر أو (تتجمّل) ولابد أن تقال ويصدح بها يوماً ما وهذا تاريخٌ قريبٌ معاشٌ ومشاهد.. فالبعض وهو يتسنم المناصب الرفيعة (فيفعل الأفاعيل) ويضع بصمات سيئة أو (لا يضع) أي بصمة ينسى تماماً أو يتناسى أنه سيأتي اليوم الذي سيكتب فيه كل ما كان يقول ويدع حسناً كان أم قبيحاً من قبل كثيرين كانوا (شهوداً على العصر).. ومجيئ عوض أبنعوف للاستخبارات التي (لا يشبهها) من جهاز المخابرات لا يمكن فهمه إلا في سياق العبارة الشهيرة التي تعبر عن الانحدار التدريجي للأسفل نحو الهاوية (كل عامٍ ترذلون).. وبشكلٍ آخر يفهم في إطار وضع (الشخص غير المناسب) في المكان غير المناسب كأحد عوامل انهيار الأنظمة والدول والذي كانت تعمل عليه مراكز قوى (داخل الدولة) تسعى لاسقاطها والذي لم (يتأخر) كثيراً مطلقاً.. لعل أهم (وظيفة يومية) لمن يتولى أمر هيئة الاستخبارات العسكرية أن يقرأ جيداً وأن يستمع جيداً وأن يكتب للجهات العليا خلاصة ما يحصل عليه استماعاً وقراءة وعوض أبنعوف كان أبعد ما يكون عن الثلاث.. ولربما كانت الأمور تسير بالبركة (بالروتين اليومي) في إحاطة القيادات الأعلى بالتقارير الروتينية التي ترد لرئاسة الهيئة من مختلف الجهات والمصادر والوكالات ولكن تظل شخصية المدير أو رئيس الهيئة وكارمزيته المعهودة والتي يعرف الجميع (غائبة)
لكم إذن أن تتخيّلوا ما هو حجم الضرر والدمار الذي حدث خلال تسع سنوات ظل فيها الرجل على رأس الاستخبارات لترتقي في مستوى الإمكانيات المادية (وتتقزّم) في مجال المخرجات الحقيقية.. وامتلأت الهيئة التي هي وحدة (فنية) خاصة جداً يفترض أن تضم فقط الضباط (الشطّار) من ذوي الخبرة والكفاءة والنضج والذكاء والفطنة إلى وحدة يمكن لأي شخص أن ينضم لها ولكم أن تضعوا تحت كلمة (أي) هذه عشرة أسطر.. لا أريد أن استمر في هذا الاتجاه كثيراً لكن الرجل أصاب الاستخبارات (بالشلل والكساح) وطغت شخصيته وأسلوب تعامله مع الآخرين الفظ الغليظ المسبب (بالمصران العصبي) وبالتالي سيفعل ذات الشيء في كل موقع يذهب إليه.. بتتبع مناصبه فقد تقلّد أبنعوف منصباً رفيعاً في جهاز الأمن والمخابرات ثم قائداً لسلاح المدفعية ثم مديراً للاستخبارات العسكرية ورئيساً لهيئتها ثم نائباً لرئيس هيئة الأركان المشتركة ثم سفيراً بالخارجية ثم وزيراً للدفاع ثم نائباً أول لرئيس الجمهورية ثم رئيساً للجمهورية.. أعتقد تبقى له أن يكون أميناً عاماً للأمم المتحدة ليكون قد تولى جميع المناصب الممكنة (والمستحيلة) مع إن شخصيته (وإمكانياته الذاتية) قد لا تؤهله لكل هذه المناصب على الإطلاق ولكنها الأيادي الخفية لإسقاط الدولة بترفيع أمثال هؤلاء
استمر ذات الخطأ في تعيين عوض أبنعوف نائباً أول مترأساً اللجنة الأمنية ولا أدري أي ثقة وضعها الرئيس البشير في شخص كهذا ليس له (قبول) وسط العسكريين بسبب أسلوب تعامله مع الآخرين وبعده عن العدالة وتكسيره اللوائح ثم ذهابه للحج كل عام (دون تغيّب).. ظل آخر شهرين من عمر نظام الإنقاذ يطوف على بعض الوحدات العسكرية يتحدث للضباط عن الاحتجاجات وتعاملهم في اللجنة الأمنية معها وكانت بعض العبارات غريبة عجيبة وأحياناً (مضحكة).. هذا التطواف كان يضم بداخله بعض العناصر التي تم تجنيدها لصالح المشروع الإماراتي باسقاط النظام ومن ثم ضرب القوات المسلحة ولكن كيف؟؟ لربما لم تكن الفكرة قد اختمرت باستخدام المليشيا في ذلك.. بعضهم كان في الصف الأول للجنة الأمنية والبعض كان في اللجنة الأمنية التنفيذية التي تتولى العمل التنفيذي وتقدم فقط تقارير عن الذي قامت به.. هذا يبرّر البطء الذي لازم إذاعة بيان عزل الرئيس البشير بسبب خلافات أعضاء اللجنة الذين كان كل منهم يتحدث من منطلق مختلف عن الآخر فقد كان هناك من يرى إذاعة رئيس الأركان للبيان باعتباره يمثل الجيش ولكن (عملاء الإمارات) يرون بأن يذيع البيان أبنعوف (وهم يخططون لأن يرفض في الاعتصام) إمعاناً في (الفوضى الخلاقة).. مع أن المنطق يقول بأن اللجنة الأمنية بكاملها تذهب غير مأسوفٍ عليها ويتولى إذاعة البيان شخص آخر ولو لم يكن رئيس الأركان الفريق أول كمال عبد المعروف ذات نفسه.. لم يحدث في تاريخ السودان وجود ضباط من خارج القوات المسلحة يكونون أعضاء في المجلس العسكري بعد الإطاحة بنظام ما وهذه من العجائب التي حدثت ومن الأخطاء الفادحة.. هذا الثلاثي لا محل له من الإعراب وأعني هنا الباشمهندس صلاح قوش حامي حمى النظام (وجاسوسه) الأول وأبنعوف نائب الرئيس وحميدتي قائد مليشيا شكلها النظام المنقلب عليه وليس هو (حمايتي) تلك الكلمة المنسوبة للرئيس البشير (إفكاً وكذباً وافتراءً).. لكن (المطبخ الخارجي) كان يعد الوجبات ويقدمها لهؤلاء فيتوافقون عليها وبعضهم غير موافق عليها وضغط الشارع يستمر والمذيع مبارك خاطر أعلن منذ الخامسة صباحاً أن بياناً مهماً سيصدر فترقبوه.. ليتوافد الناس من كل حدبٍ وصوبٍ نحو القيادة العامة ويقطعون الجسور على الأرجل في (سيول بشرية) للترحيب بالقادم الجديد وهذه هي الصور التي يحتفي بها القحاطة مأخوذة في الفترة ما بين الإعلان عن البيان وصدوره الذي كان بعد نحو من إثني عشر ساعة كاملة.. فليس هم محتجون خرجوا ضد نظام البشير (وبهذا الحجم) في الاحتجاجات فهو (توظيف معلوم) بسبب أخطاء اللجنة الأمنية بتأخيرها البيان الذي صدر ولم يكن لديه آليات لتنفيذ ما جاء فيه.. ثم إن لغة البيان وكلماته وأسلوب إلقائه كان بائساً سيئاً وهذا شيء طبيعي وقد تلاه عوض أبنعوف الذي تولى أمراً ليس بمقدوره ويصح أن نقول بالمثل استشهاداً (شعراً ما عندو ليهو رقبة).
توقعات بالإعلان الجزئي عن حكومة الأمل غدًا.. والدفاع والداخلية في صدارة التشكيل
خاص: 5munit تتجه الأنظار إلى مجلس الوزراء غدًا حيث تشير تكهنات إلى قرب إعلان جزئي ل…