أصل_القضية ما بين المخاض المتعسر والاحتضان التطفلي: كامل إدريس واللحظة السودانية الحرجة محمد أحمد أبوبكر باحث بمركز الخبراء العرب
“في الأوطان الموجوعة، لا يُطلب التجميل، بل التشخيص الدقيق. ولا تُقاس الحلول بحجم الضجيج، بل بوزن الأثر في معادلة الكرامة والقدرة.”
🔴 تخبط اللحظة.. أم لعنة الزمن؟
ها هو السودان، من جديد، يقف عند عتبة حكومة “مقترحة” يرأسها اسم دولي لامع كالدكتور كامل إدريس. لا شك أن للرجل رصيدًا معرفيًا ومكانة قانونية دولية معتبرة، لكن يبقى السؤال الحارق:
هل هذه الولادة المرتقبة هي مخاض وطني متعسر؟ أم مجرد احتضان تطفلي جديد يقتات على آمال الناس ثم يُعيد إنتاج الأزمة؟
⚫ حين تُختطف المبادرات الوطنية…
ما نعيشه اليوم لا يمكن عزله عن ظاهرة “الاحتضان التطفلي” التي باتت أحد أوجه السلوك السياسي في السودان ما بعد ٢٠١٩م. يدخل طرفٌ ما إلى المشهد، لا من باب الشراكة الصادقة ولا عبر تفويض جماهيري، بل من خلال تسويات رمادية، وترضيات فوقية، وأجندات مموهة لا تُعلن أهدافها كاملة. ثم ما يلبث أن يُمسك بمفاصل العملية السياسية، باسم “الإنقاذ” و”الاستقلالية” و”الخبرة”، ليُنتج نسخة أكثر هشاشة من فشل سابق.
🔵 الجسر والمورد: التشخيص
ضمن استراتيجية الجسر والمورد، التي تقوم على التحول من الهشاشة إلى التكامل المستدام عبر إدارة الموارد الوطنية بعقلية سيادية، نقرأ ما يلي:
* الخلل في السودان اليوم ليس في الأشخاص بل في منهج الاصطفاء وطريقة التشكل.
* حكومة بلا سند سيادي صلب، بلا برنامج متفق عليه، بلا بنية أمنية موحدة، هي جسد هشّ سيتكئ على الخارج في التمويل، وعلى المجاملة في التكوين، وعلى التمنّي في الفعل.
* كل مبادرة لا تُبنى على قراءة الواقع كما هو – بحروبه ونزوحه ومقاومته المدنية والعسكرية – هي وهم سياسي.
* تشكيل الحكومة بمعزل عن مركز الثقل الشعبي والعسكري في الداخل، مع الاستجابة لضغوط الخارج ومنطق “الخبير المحايد”، ليس سوى عودة ناعمة لاحتضان تطفلي جديد.
> الأمة التي تقايض الكرامة بالترضيات، ستخسر الاثنين.
* منطق “الإرضاء السياسي” لم ينتج في السودان سوى دويلات صغيرة داخل الدولة، ونخب تظن أنها تُنقذ الوطن بينما تُعيد بيعه بحسن نية.
⚪ ملامح التشخيص الحقيقي
> غياب المصارحة: لا أحد يجرؤ على إعلان من يفاوض من، ومن يختار من، ولماذا الآن؟
> أزمة الشرعية: هل يملك من يقترح الدكتور كامل إدريس شرعية الفعل؟ وهل يملك كامل إدريس شرعية القبول؟
> فوضى الأولويات: الوطن يئن تحت حصار وجوع ونزوح، بينما تُعقد الغرف المغلقة للحديث عن وزارات ومحاصصات بلا سند شعبي.
🟢 نحو خلاص لا يقبل المساومة
الحل ليس في رفض الأشخاص، بل في رفض المنهج القائم على التجاوز والترضية والاستيراد السياسي. نحتاج إلى:
١. ميثاق وطني جامع ينبع من داخل السودان لا من خارجه.
٢. شراكة حقيقية بين القوى الفاعلة على الأرض، لا تلك التي تجيد الكتابة في العواصم الباردة.
٣. قيادة انتقالية مدنية – عسكرية متوازنة، ذات مشروع واضح ومهام محددة.
٤. تحصين الإرادة الوطنية من الاختراق، سياسيًا واقتصاديًا ومعلوماتيًا.
🟡 لأن الكرامة ليست ورقة تفاوض
> الكرامة الوطنية ليست بندًا في مفاوضات تشكيل الحكومة، بل هي سقف الشرعية كلها.
فإن سقطت، ما عاد لتشكيل أو تكليف أو مؤتمر أي معنى، مهما تلألأت فيه الأسماء أو تزينت فيه البيانات.
أصل القضية،،،
إن تشكيل حكومة جديدة برئاسة الدكتور كامل إدريس ليس حدثًا بريئًا معزولًا عن السياق. فإن لم ينبنِ على قراءة عميقة لمعادلات القوة والضعف، وتفويض شعبي حقيقي، وتوازنات داخلية صلبة، فإننا أمام تكرار مُمل لحالة الاحتضان التطفلي، حيث يُعاد تدوير الفشل في عبوات براقة.
لقد شبع الناس من العناوين، وآن أوان المواقف.
فليس بعد الكرامة إلا الذل.
وليس بعد المزايدات إلا الخراب.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أَرْقاويّات كتب: ميرغني أربقاوي شكرُ النصر
📖 { *وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلّ…