متفرقات من المشهد السياسي السوداني بقلم : فتح الرحمن يوسف سيدأحمد

تتعالي الأصوات بين مؤيدة ورافضة كلما برزت مبادرة خارجية لمناقشة الأزمة في السودان دون التفكير في الإجابة علي السؤال المهم وهو لماذا تتوالي المبادرات الخارجية والتي بلا شك تعتبر تدخلا صارخا وسافرا في الشأن الداخلي السوداني؟
وللحقيقة والناريخ فإن الإجابات علي هذا السؤال تتعدد لكن كلها
توضح مدي عجز نخبنا السياسية عن إنتاج مشروع سياسي سوداني خالص يتكئ علي قاعدة من التراضي الوطني والقدرة علي تجاوز سلبيات الماضي وكبح جماح آفة الإقصاء المتجزرة في النفوس .
والأسوأ من ذلك كله فقدان كثير من السياسيين السودانيين الثقة في كل ماهو سوداني وهذا دليل علي ضعف الإرادة الوطنية لديهم وإنهزامهم نفسيا وافتتانهم بكل ماهو خارجي بل وخضوعهم وانكسارهم وانقيادهم .
أما إرادة الشعب وعزته وسيادة دولته فهي آخر مايفكرون فيه .
صحيح إن في عالم السياسة ليست الدول جزرا معزولة عن بعضها نسبة لتداخل المصالح السياسية والأمنية والإقتصادية لكن أن يسمح بالتساهل في تداول الأزمة السودانية بين عواصم العالم من قبل الأجنبي والمتاجرة بها بواسطة بعض السودانيين والتسليم لكل ماهو خارجي وكأنه المخرج وطوق النجاة مما نحن فيه الآن هو نوع من الغباء والسذاجة السياسية .
كثيرون يعولون علي دور بعض الدول التي أبدت موقفا إيجابيا تجاه السودان وشعبه منذ بداية حرب الكرامة ولكن علينا أن نعي بأن تقلبات السياسة والمصالح يمكن أن تحدث تغييرات مفاجئة في مواقف تلك الدول في أي لحظة ثم إن التجارب الماثلة تخبرنا أنه ليست هنالك مواقف مجانية تمنح لأجل خاطر عيون السودانيين ، ولذلك يجب ألا نترك فراغا يملأه الغير بالمبادرات التي غالبا مايتم تغييب السودان عن التواجد فيها بل نحن من يجب أن يتقدم بمبادرات الحل ونشغل الآخرين بها عبر الكثير من شركائنا الخارجيين .
*ماجدوي أدوات المواجهة الحالية وماهي المطلوبات؟*
بالنظر لأدوات مواجهة المؤامرة التي تحاك ضد السودان داخليا وخارجيا نجد أن هنالك تباطؤ في الحركه وقصور في الرؤية ، فعسكريا لابد من الإسراع في الحسم العسكري في محوري دارفور وكردفان لأن التأخير يمنح المليشيا وأعوانها وقتا كافيا لتعديل موازين القوة ميدانيا وحشد الدعم السياسي والسعي نحو جلب إعتراف بعض الدول خاصة بعد الإعلان عن حكومة تأسيس .
النظر الي حكومة تأسيس بأنها حكومة أسافير فيه تبسيط مخل لأن تأسيس لم تكن تتجرأ علي إعلان تلك الحكومة مالم تجد الضوء الأخضر والوعود القاطعة من بعض الدول ذات التأثير الفاعل في كل مايتعلق بالسودان ، وعليه فإن التأخير في إتخاذ القرارات المناسبة وإحداث الحراك المناسب بشكل حاسم يهزم مشروع المواجهة ويؤخر الحسم .
أما علي مستوي السياسة الداخلية فإن خطوة تشكيل حكومة د. كامل إدريس تعد خطوة إيجابية رغم ماصاحبها من تحفظات لكن التأخير في إستكمال هياكلها ومؤسساتها أمر غير محمود لأن ماينتظر د.كامل وحكومته من مهام كبيرة يستدعي التقدم سريعا نحو الخطوات القادمة .
وأهم المؤسسات التي يجب أن تستكمل سريعا هي المؤسسة العدلية من قضاء ونيابة ومحكمة دستورية ، ثم المؤسسة التشريعية والتي يجب أن يري كل السودانيوون أنفسهم في تمثيلها بمكوناتهم
المختلفة وقطاعاتهم التقليدية والحديثة .
*تفعيل مشروع الحوار الوطني*
من المهم جدا بدء مشروع الحوار الوطني الذي يجب أن يقوده رئيس الوزراء بإعتباره شخصية وطنية مستقلة أجمعت علي مساندته كثير من المكونات علي أن يكون الحوار سوداني خالص ولا يستثني أي مكون مهما كانت التحفظات وتترأس لجانه شخصيات مستقلة وأن يعقد داخل السودان وأن تمنح ضمانات الحماية الكافية لكل الراغبين في المشاركة حتي من مكون صمود فكثير منهم ينتظرون إشارات العودة بعد أن اتضحت الرؤية أمامهم وهذه الخطوة أتمني أن يتم الإعلان عنها قبل إجتماع الرباعية المزمع إنعقاده في نهاية أغسطس القادم ، فلاسبيل لمواجهة أي مؤامرة خارجية بجبهة داخلية هشة ومهترئة وأن أي فراغ داخلي يغري الخارج للتدخل .
**الحراك الإقليمي والدولي:*
من المعروف أن العلاقات الدولية مبنية علي المصالح والسودان يتمتع بميزات نسبية عديدة تتمثل في موقعه الجغرافي وموارده المتعددة وعليه لابد من حراك إقليمي ودولي يعزز بكادر دبلوماسي مؤهل وملف متكامل يعرض من خلاله سبل التعاون الممكن مع الدول علي المستوي الإقتصادي والأمني والسياسي فالحراك المستمر الذي يفتح فرص التعاون وتبادل المصالح يحدث إختراقا لا محالة خاصة بعد إستتباب الأمن في مساحات واسعة من السودان وعودة السودانيون الي مدنهم وقراهم لإعمارها وتطبيع الحياة فيها .
*حراك سودانيو المهجر :*
لعب سودانيو الخارج دورا مهما في مواجهة المؤامرة بأدوات كانت فاعلة جدا في المراحل الأولي من الحرب أما الآن فإن تغيرات المشهد وتطوراته تستدعي تطوير أدوات الحراك الخارجي المساند للدولة السودانية وجيشها الوطني والقوات الرديفة لأن العمل الهتافي الذي يتمثل في المسيرات والوقفات الإحتجاجية أمام سفارات بعض الدول المتآمرة أصبح محدود الأثر وتضائلت نسبة تفاعل سودانيو المهجر معه، وعليه فإن إبتداع أدوات ووسائل جديدة أمر في غاية الأهمية مع السعي الجاد والصادق نحو طرح مبادرات لتذويب الخلافات وتوحيد جهود كل المكونات التي تصطف الي جانب معركة الكرامة والسيادة الوطنية في الخارج.
*هنالك حالة من الركود والخمول وكأننا ننتظر أن تتنزل علينا المعجزات وتتحقق الأحلام دون جهد منا فحللقات المؤامرة لم تنتهي بعد ومشروع تقسيم السودان لا يزال في بداياته وعلينا شحذ الهمم وتوحيد الجهود وتوسيع الأفق والرؤي وإبتكار أدوات جديدة وفاعلة للمواجهة .
٢٧ يوليو ٢٠٢٥م
الدعم السريع في الرمق الأخير ركابي حسن يعقوب
ما يقرب من 28 شهراََ مرت على إطلاق ميليشيا الدعم السريع الرصاصة الأولى بهدف الاستيلاء على …