حديث الساعة بقلم: إلهام سالم منصور الصحافة الإلكترونية ومنصات الفكر… مركز عبدالله حسين الدولي نموذجًا رائدًا

في ظل التحولات العميقة التي شهدتها الساحة الإعلامية، خصوصًا بعد انحسار الصحافة الورقية وانتقالها إلى الفضاء الإلكتروني، برزت حاجة ماسة إلى منابر جديدة تملأ الفراغ الذي تركه غياب النقاشات المفتوحة، والمناظرات الفكرية، والندوات السياسية والثقافية التي كانت ركيزةً من ركائز الحياة العامة.
لقد أدى هذا التحول الرقمي السريع إلى تغييب مساحة الحوار البنّاء، وتراجع حضور المؤتمرات والمنتديات الفكرية، واقتصار التناول الإعلامي على التغطيات السطحية عبر المنصات الإلكترونية السريعة. ومع هذه الحاجة المتزايدة لمنابر مسؤولة، كان لا بد من ظهور مؤسسات فكرية عميقة، تعيد صياغة الدور الإعلامي والثقافي والسياسي، وتوفر مساحة حقيقية للنقاش والتبادل.
وهنا يبرز مركز عبدالله حسين العاقب الدولي للدراسات السياسية والاستراتيجية كأحد النماذج الرائدة التي استجابت لهذا التحدي، فجمع بين الرسالة الأكاديمية، والطرح الإعلامي المسؤول، والروح الوطنية الخالصة. يتكوّن المركز من كوكبة نيرة من العلماء، والفقهاء، والمفكرين، والإعلاميين، وأصحاب التخصصات المختلفة، الذين يسعون جميعًا لتقديم محتوى معرفي يعالج قضايا الوطن في السياسة، والاجتماع، والثقافة، والأمن، والاقتصاد.
ويتولى قيادة هذا المركز قامات وطنية مرموقة، على رأسهم الدكتور بشارة حامد جبارة والأستاذ عمر سيكا، وهما من أصحاب الرؤى المتقدمة في قضايا الحكم والدولة، ومن الداعمين لفكرة بناء السودان على أسس متوازنة بين مدنية الدولة وسيادة القانون وهيبة القوات المسلحة.
وقد قدم المركز خلال الفترة الماضية عددًا من الندوات المهمة، منها:
ندوة اجتماعية حول المخدرات
تحت عنوان “انتشار المخدرات وسط الشباب السوداني بعد الحرب”، قدّمت الدكتورة جلالة عوض الكريم موسى، المدربة الدولية لدى الأمم المتحدة، ومحاضِرة في إدارة مكافحة المخدرات بوزارة الصحة الاتحادية، قراءة عميقة لأسباب تفشي هذه الظاهرة، خاصة في مناطق النزوح والمحاور المتأثرة بالحرب. طرحت المحاضِرة عدة توصيات عملية لاحتواء الظاهرة، مشددةً على أهمية التوعية والإدماج المجتمعي ودور الدولة في حماية الشباب باعتبارهم ذخيرة المستقبل.
ندوة سياسية – تجارب نظم الحكم في السودان
وفي الشق السياسي، ألقى سعادة الفريق شرطة محجوب حسن سعد محاضرة بعنوان:
“تجارب نظم الحكم في السودان من 1969 إلى 2019″، تناول فيها بالنقد والتحليل مسار الحكم منذ انقلاب مايو، مرورًا بكل الأنظمة التي تعاقبت على السودان، مؤكدًا أن ما حدث في البلاد لم يكن ثورات بالمعنى العميق، بل “انتفاضات” لم تحقق التحول الحقيقي.
دعا الفريق محجوب إلى تكوين حكومة هجينة، تجمع بين الكفاءة العسكرية والمدنية، محذرًا من تكرار تجارب الأنظمة الفاشلة. وأكد أن تحقيق الأمن وإصلاح الاقتصاد يجب أن يكونا أولويتين، مع ضرورة إعادة بناء الدولة عبر الاستثمار في الموارد القومية والولائية، وتفعيل دور القوات المسلحة كصمام أمان للدولة والمجتمع.
كما أشاد بالدور البطولي الذي يلعبه الشباب السوداني في الحركات المساندة للقوات المسلحة، داعيًا إلى:
منحهم أعلى الرواتب والامتيازات.
دمجهم في مؤسسات الدولة الرسمية.
توظيفهم في قطاعات الإنتاج والخدمة.
ضمّهم تحت لواء القوات المسلحة السودانية لضمان احترافيتهم واستدامة دورهم.
منبر للمفكرين والإعلاميين
تميّزت المحاضرات التي أقامها المركز بمداخلات نوعية من إعلاميين، وعلماء، وخبراء في مختلف المجالات، مما أعطى للنقاشات بعدًا عمليًا ومهنيًا وطنيًا. والجدير بالذكر أن المركز يضم في صفوفه نخبة من الإعلاميين أصحاب الأقلام الحرة، الذين ما زالوا يجاهدون بالكلمة، ويدافعون عن الوطن من خلال المنصات الفكرية، رافعين راية الوعي الوطني، ومساندين لقوات الشعب المسلحة بالقلم كما بالسلاح.
في الختام
إن مركز عبدالله حسين العاقب الدولي للدراسات السياسية والاستراتيجية يمثّل نموذجًا حيًّا لما تحتاجه الساحة السودانية اليوم: منبرًا حرًا، علميًا، ووطنيًا، يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويعيد لمهنة الإعلام والسياسة بعدها العميق والمستنير.
فلهم التحية والتقدير… قيادةً وأعضاءً، بكل قاماتهم السامية، ومواقفهم المشرفة، ورسالتهم النبيلة في خدمة السودان وأهله.
إسناد تستعرض تجربة الجزيرة في التعايش السلمي بعد الحرب
استضافت مبادرة إسناد لدعم السودانيين المتأثرين بالحرب، في منتداها الشهري، البروفيسور عبد ا…