‫الرئيسية‬ مقالات وجه الحقيقة إبراهيم شقلاوي مصداقية الاتحاد الإفريقي على المحك..!
مقالات - ‫‫‫‏‫12 ساعة مضت‬

وجه الحقيقة إبراهيم شقلاوي مصداقية الاتحاد الإفريقي على المحك..!

إذا كان الاتحاد الإفريقي جادًا في التزامه المُعلَن بدعم وحدة السودان واستقراره، فإن رفع تعليق عضويته أصبح يمثل الاختبار الحقيقي لهذا الالتزام السياسي والأخلاقي ، ولتلك المصداقية التي باتت على المحك.

 

فقد دخل السودان مرحلة انتقالية جديدة، بتشكيل حكومة مدنية تحظى بدعم متزايد داخليًا وخارجيًا، مما يعكس تحوّلًا نوعيًا في مسار الأزمة. هذا التحول يجسد تجدد المشروع الوطني، واستعادة مؤسسات الدولة عبر مسار مدني يحظى بقبول شعبي ودعم دولي. ومع اكتمال الشروط التي علّق عليها الاتحاد قراره في أكتوبر 2021، يصبح استمرار تجميد العضوية منافيًا لروح الشراكة الإفريقية، ولمبدأ دعم الانتقال السياسي في السودان.

 

لكن مشاعر الغضب والخذلان لا تزال حاضرة في وجدان قطاعات واسعة من السودانيين، تجاه الأداء الإفريقي في بداية الحرب، حين تجنّب الاتحاد توصيف ما جرى بوصفه محاولة انقلابية تقودها ميليشيا مسلّحة للاستيلاء على السلطة بالقوة، واكتفى بمواقف فضفاضة تتماهى مع سرديات القوى السياسية المتحالفة مع تلك الميليشيا، والتي حظيت بدعم إقليمي واضح آنذاك.

 

كان ذلك الانحراف المبكر في التوصيف سببًا رئيسيًا في تعميق التشويش السياسي، ومنح مساحة لمن لا يستحق، على حساب الدولة وشعبها وقرارها السيادي. وقد كلّف ذلك السودان أثمانًا باهظة لا تزال تداعياتها ماثلة حتى اليوم.

 

واليوم ومع التحولات الجارية، لاسيما تعيين حكومة مدنية برئاسة الدكتور كامل إدريس، تتكوّن من كفاءات وطنية مستقلة، فإن المطالبة برفع التجميد أصبحت استحقاقًا واجبًا لا مجرد رجاء. فالحكومة الجديدة تمثل تحولًا حقيقيًا نحو الانتقال السياسي، وقد حظيت بدعم شعبي ومن أطراف إقليمية ودولية، وأعلنت التزامها الكامل بالحوار السوداني – السوداني، واحترام السيادة، واستعادة مؤسسات الدولة، مما يجعل استمرار تجميد السودان فاقدًا لأي مبررات قانونية أو سياسية أو أخلاقية.

 

إن تجربة الاتحاد الإفريقي مع أزمات مشابهة في القارة تؤكد أن تعليق العضوية لم يكن يومًا غاية في ذاته، بل أداة ضغط لحماية وحدة الدول وتهيئة بيئة التسوية. ففي مالي، وغينيا، وبوركينا فاسو، ورغم بقاء السلطة في يد الجيوش بعد الانقلابات، اختار الاتحاد الإفريقي العودة التدريجية وفتح قنوات الدعم، مراعاة لوحدة الدول وتماسكها “BBC، DW، AfricaNews، 2021-2022″ .

 

أما في الحالة السودانية، فالمشهد يبدو أكثر نضجًا ووضوحًا، بالنظر إلى الحاضنة المدنية، واستعداد الحكومة للانخراط الفاعل في الملفات القارية، ضمن موقف وطني واضح يرفض أي تدخلات تمس السيادة أو تهدد وحدة البلاد.

 

وعلى الضفة الأخرى، لا يمكن النظر إلى ما يُعرف بـ”حكومة تأسيس” إلا كسلطة موازية صُنعت خارج الإرادة الوطنية، وتستند إلى دعم خارجي مكشوف، في تكرار لنماذج مأساوية عانت منها القارة طويلًا.

 

لقد شهدنا في الصومال كيف تسببت الحكومات الموازية المدعومة خارجيًا في شلل كامل للدولة، كما تحولت ليبيا إلى ساحة صراع إقليمي بفعل تعدد “الحكومات” المصطنعة. هذه المشاريع ليست سوى أدوات استعمارية جديدة، تتغذى على تصدّع الدول، وتسعى لتفكيكها من الداخل.

 

إن استعادة السودان لمقعده في الاتحاد الإفريقي باتت خطوة ضرورة استراتيجية. فالسودان ليس دولة عادية في القارة، بل من مؤسسي المنظمة، ومحور توازن جيوسياسي فاعل يؤثر على أمن البحر الأحمر، وممرات التجارة، واستقرار القرن الإفريقي ومنطقة الساحل. ودعم حكومته الشرعية يعني، من منظور إفريقي، تعزيز الاستقرار الإقليمي، وكبح جماح مشاريع الفوضى، وإعادة الاعتبار لمفهوم الدولة الوطنية في إفريقيا.

 

ووفق ما نراه من #وجه_الحقيقة، فإن الشعوب لا تُحاسب حين تسقط، بل حين تنهض ولا تجد من يساندها. والسودان وقد بدأ نهوضه، لا يطلب مِنّة، بل يستدعي حقًا تاريخيًا في العودة إلى مقعده كشريك أصيل في بناء البيت الإفريقي.

 

وعلى الاتحاد الإفريقي، إذا أراد أن يظل إطارًا جامعًا للقارة لا مجرد منصة للمواقف الرمادية، أن يصطف الآن إلى جانب الدولة لا الميليشيا، إلى جانب الإرادة الشعبية لا الفوضى، وأن يصحح خطأ التجميد قبل أن يتحول إلى خطيئة سياسية وأخلاقية لن يغفرها السودانيون ولا التاريخ.

 

دمتم بخير وعافية.

الأحد 3 أغسطس 2025م

Shglawi55@gmail.com

‫شاهد أيضًا‬

وزير السياحة بالبحر الأحمر تلتقي رئيس منظمة “إسناد” 

زارت الأمين العام للسياحة والاستثمار والبيئة بولاية البحر الأحمر د. سامية علي أحمد أوشيك م…