‫الرئيسية‬ مقالات للحقيقة لسان رحمة عبدالمنعم  «التيك توك السوداني».. منبر التفاهة والتحريض!
مقالات - ‫‫‫‏‫يومين مضت‬

للحقيقة لسان رحمة عبدالمنعم  «التيك توك السوداني».. منبر التفاهة والتحريض!

منصات التواصل الاجتماعي ليست في ذاتها نعمة ولا نقمة، إنما هي أداة في يد مستخدمها، تماماً كما تكون السكين وسيلة للطهو أو وسيلة للقتل، غير أن ما يجري على منصة “تيك توك” السودانية يثير الريبة والقلق، لا على الذوق العام فقط، بل على تماسك ما تبقى من هوية هذا المجتمع الجريح.

 

في غمرة الحرب ومعاناة الوطن، تحوّل “تيك توك” إلى مسرح عارٍ، ليس فقط بالمعنى الأخلاقي، بل بالعجز الكامل عن تقديم أي محتوى له صلة بالعقل أو الذوق أو الوطنية، ومن اللافت أن هذه المنصة، التي كان من الممكن أن تُستثمر في بث رسائل الصمود والتوعية، أصبحت مرتعاً للتعري، واستجداء الإعجابات، والتكسب من جسد المرأة ومن التفاهة البصرية، دون أدنى اعتبار لحرمة المجتمع، أو احترام لما يمر به السودان من مآسي وانهيار.

 

ما يُبث اليوم على “تيك توك” من قبل “البلوغرز” و”اليوتيوبرز” السودانيين لم يعد مجرد خفة ظل زائدة أو سلوكاً فردياً شاذاً، نحن أمام ظاهرة جماعية منظمة، تروّج للفجور والانحلال، وتستغل غياب الرقابة الأمنية والتربوية لبث محتوى خادش للحياء، يساهم في انهيار منظومة القيم، وقد أصبح لزاماً على السلطات السودانية، في ظل هذه الحرب التي نخوضها، أن تتحرك كما فعلت نظيرتها المصرية، التي ضبطت العشرات من صانعي المحتوى المنحرف، ووجدت في حوزة بعضهم مخدرات ومشغولات ذهبية ومبالغ مشبوهة، واكتشفت أن خلف الفيديوهات المليئة بالضحك الرخيص، تُدار شبكات دعارة وتبييض أموال.

 

ولا تقتصر الكارثة على الابتذال الأخلاقي فقط، بل إن أخطر ما في هذه الظاهرة هو تسلل بعض الناشطين عبر “تيك توك”ليحولوه إلى منبر لتحريض الشباب ضد الدولة، والطعن في الجيش، الذي يخوض معركة وجود ضد مليشيا لا تقل خطورة عن الانحلال الرقمي ذاته، إن دعاة التفكيك هؤلاء، سواء داخل السودان أو في منافيهم، لم يكتفوا بالهروب من ساحات النضال الحقيقي، بل أقاموا خيمتهم في “اللايفات”، يحرضون ويكذبون ويشوهون صورة القوات المسلحة.

 

والسؤال الذي ينبغي أن يُطرح بجدية: لماذا لا تتحرك السلطات السودانية لملاحقة هؤلاء؟ لماذا تُترك الساحة مفتوحة لشذاذ الأفق وموتى الضمير ليهدموا ما تبقى من جدران الحياء والعقل والانتماء؟

 

إن ما يحدث اليوم لا يمكن السكوت عليه، وعلى أجهزة الدولة الأمنية والقانونية، أن تبادر بشن حملات صارمة ضد كل من يثبت تورطه في الترويج لمحتوى مخل أو في التحريض على أمن الوطن، سواء كانوا داخل السودان أو خارجه، يجب أن يُدرج هؤلاء على قوائم الملاحقة، لا فرق بين من يبيع المخدرات ومن يبيع صورة الوطن بثمن رخيص.

 

“تيك توك” لم يعد مجرد تطبيق في السودان، تحوّل إلى جبهة حرب ناعمة ضد القيم، ضد الحياء، وضد الجيش،والمطلوب اليوم ليس فقط إغلاق بعض الحسابات، بل فتح أعيننا على المعركة الأخلاقية التي نخوضها… معركة لا تقل شراسة عن المعركة في الميدان.

‫شاهد أيضًا‬

رئيس تحالف أبناء الشمال: زيارة د. كامل إدريس للقاهرة بداية موفقة ومؤشر خير للسودان

وصف د. الفاتح صالح إدريس الفكي، رئيس تحالف أبناء الشمال، زيارة رئيس الوزراء د. كامل إدريس …