‫الرئيسية‬ مقالات نقطة إرتكاز  د.جادالله فضل المولي  يكتب :ود أم بعلو: شماعة الفشل السياسي في السودان
مقالات - ‫‫‫‏‫4 ساعات مضت‬

نقطة إرتكاز  د.جادالله فضل المولي  يكتب :ود أم بعلو: شماعة الفشل السياسي في السودان

في الثقافة السودانية، حين يبكي الطفل بلا سبب، يُقال له إن ود أم بعلو جاك، فيسكت خوفاً من شخصية وهمية لا وجود لها إلا في خيال الكبار. واليوم، يبدو أن بعض المسؤولين في الدولة السودانية قد استعاروا هذه الفكرة، وابتكروا نسختهم السياسية من ود أم بعلو، ليعلقوا عليها كل فشل، وكل إخفاق، وكل أزمة تتفاقم دون حلول.

 

ففي كل مرة يتعثر فيها أداء الدولة، يخرج علينا مسؤول حكومي أو سياسي ليشير إلى الطابور الخامس، ذلك المصطلح الفضفاض الذي بات يُستخدم كغطاء جاهز لتبرير العجز، وتبرئة الذات، وتوجيه اللوم إلى جهات مجهولة لا تُسمى ولا تُحاسب وكأن هذا الطابور هو ود أم بعلو الجديد، يُستدعى عند الحاجة، ويُخيف الناس دون أن يظهر، ويُسكت النقد دون أن يُواجه.

 

لكن السؤال الذي لا يطرحه أحد داخل أروقة السلطة من هو هذا الطابور الخامس؟ هل هو فعلاً شبكة منظمة داخل أجهزة الدولة تعمل على تقويض الأداء الوطني؟وإذا كان كذلك، فلماذا لم يُكشف؟ ولماذا لم يُحاسب؟ ولماذا لم يُفعل القانون ليكون هو الفيصل، بدلاً من إطلاق الاتهامات في الهواء؟ أم أن الطابور مجرد خيال سياسي، يُستخدم لتغطية الفشل، تماماً كما يُستخدم ود أم بعلو لإسكات الطفل دون تفسير؟.

 

المسؤول السوداني، حين يشتكي من اختراق مؤسسات الدولة، لا يشتكي إلى جهة رقابية، ولا إلى سلطة قضائية، بل يشتكي إلى شعب مغلوب على أمره، لا يملك أدوات التغيير، ولا يملك حتى حق المعرفة.فماذا يُنتظر من مواطن أنهكته الحرب، وأرهقته الأزمات، أن يفعل حين يسمع مسؤولاً يتحدث عن مؤامرات داخلية دون أن يقدم دليلاً أو حلاً؟ هل المطلوب أن يصدق بصمت؟ أم أن يشارك في لعبة التبرير الجماعي؟.

 

السياسيون في السودان، بدلاًمن مواجهة الواقع، باتوا يتقنون فن صناعة الأعذار. يختلقون الحجج الواهية، ويعيدون تدوير الخطاب ذاته هناك من يعرقل، هناك من يتآمر، هناك من لا يريد النجاح. لكنهم لا يقولون من هو، ولا يواجهونه بالقانون، ولا يضعون حداً له، وكأنهم يفضلون وجوده ليظل شماعة جاهزة لكل فشل قادم، وكل مشروع متعثر، وكل وعد لم يتحقق.

 

في دولة تحترم نفسها، لا يُترك الفشل بلا مساءلة، ولا تُطلق الاتهامات دون تحقيق، ولا يُحمى الأداء الضعيف بالخطاب العاطفي. القانون هو الفيصل، والمحاسبة هي الطريق الوحيد لاستعادة الثقة، أما التلويح بـود أم بعلو السياسي دون إجراءات فعلية، فهو هروب من المسؤولية، وتكريس لثقافة الإفلات من العقاب.

 

الشعب السوداني لا يحتاج إلى فزّاعات سياسية، بل إلى أفعال حقيقية. يحتاج إلى مسؤول يعترف، ويصحح، ويحاسب، لا إلى من يشتكي دون أن يتحرك. فالوطن لا يُبنى بالخوف، ولا بالاتهامات بل بالشفافية، والعدالة، والإرادة السياسية التي تضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار.

‫شاهد أيضًا‬

بالواضح فتح الرحمن النحاس حكومة التمرد المولود الكسيح..لاتعرف لكيانها وجود ولامرسي..جيفة يعافها المتحلقون حولها..!!

مولود لقيط مشوه أسموه حكومة وفق تعريف (عقلية) التمرد وأذنابه في مايسمي بتأسيس، والإسم بالط…