‫الرئيسية‬ مقالات حديث الساعة بقلم: الهام سالم منصور هيثم محمد إبراهيم… الوزير الذي صمد في قلب العاصفة وأعاد الثقة للأمل
مقالات - ‫‫‫‏‫3 أيام مضت‬

حديث الساعة بقلم: الهام سالم منصور هيثم محمد إبراهيم… الوزير الذي صمد في قلب العاصفة وأعاد الثقة للأمل

في زمن تتكسر فيه القيم تحت ضربات المصالح، وفي وطن أنهكته الحرب والدمار، يظل البحث عن مسؤول وطني حقيقي، نزيه وصامد، مهمة أشبه بالبحث عن الإبرة في كومة قش. السودان اليوم ليس كالسودان بالأمس، فالمشهد ملبد بالدخان، والظروف لا ترحم، والناس بحاجة إلى من يضعهم قبل نفسه، إلى من يختار الوطن قبل الراحة، إلى رجل يعرف أن القيادة في المحن ليست لقبًا، بل تضحية ومسؤولية.

 

ومن بين الركام، برز اسم الدكتور هيثم محمد إبراهيم كأيقونة للصمود، ونموذج استثنائي لما يمكن أن تفعله الإرادة حين تتلاقى مع الإخلاص. هذا الرجل لم يأتِ من فراغ، ولم يُمنح الثقة مجاملة أو بقرار سياسي عابر، بل كُتبت سيرته في قلب الأزمة، بحروف من صبر وعزيمة، في وقت فرّ فيه كثيرون من مواقعهم، وبقي هو واقفًا، ثابتًا، لا تهزه العواصف.

اللحظة الحاسمة: بين البقاء والرحيل

 

عندما اندلعت الحرب، كانت الخرطوم ساحة نيران، والمستشفيات تحت القصف، والأدوية سلعة نادرة. لم يكن أمام مسؤولي الصحة سوى خيارين: البقاء في الميدان أو الهروب إلى الخارج. وبينما اختار كثيرون سلامتهم، كان الدكتور هيثم يتنقل بين المستشفيات التي بقيت تعمل رغم الدمار، يرفع معنويات الفرق الطبية، يؤمّن الإمدادات بما تيسر، ويناشد المنظمات الدولية من قلب الخرطوم، لا من عواصم الاستجمام.

 

هذا الموقف وحده يكفي ليكتب التاريخ اسمه في صفحات الشرف. فالقيادة في زمن الأزمات لا تُقاس بعدد المؤتمرات الصحفية، بل بعدد الأرواح التي تُنقذ، وبالعرق الذي يُبذل في أصعب الظروف.

لم يكن وزيرًا عاديًا… بل إنسانًا قبل كل شيء

 

هيثم محمد إبراهيم لم يحتمِ خلف جدران الوزارة، بل كسر الحواجز، وذهب حيث الألم، حيث المرضى الذين ينتظرون الدواء والأمل. رأيناه يواجه تحديات جسامًا: نقص حاد في الأدوية، انقطاع الإمدادات، تدمير البنية الصحية، وحصار خانق من كل جانب. ورغم ذلك، ظل يعمل بإصرار، يضع خطط الطوارئ، ويوجه الأطباء، ويخاطب العالم من موقع الخطر، لا من بعيد.

 

كان صوت الطمأنينة في زمن الرعب، ويد العطاء في زمن الحاجة. لم يكن مجرد وزير، بل طبيبًا وإنسانًا ومجاهدًا في معركة الحياة ضد الموت.

عودة الثقة… ليست صدفة

 

اليوم، تعود الثقة إلى الدكتور هيثم وزيرًا للصحة الاتحادية، في خطوة تحمل أكثر من معنى. إنها ليست مجرد قرار إداري، بل اعتراف رسمي بأن الكفاءة تنتصر في النهاية، وأن الوطن لا يبنى بالمجاملات، بل بالأفعال. لقد أثبتت التجربة أن السودان يحتاج إلى رجال الميدان، لا رجال التصريحات، إلى القادة الذين يختارون التضحية بدل الهروب.

 

هذه العودة رسالة أمل لكل سوداني: أن هناك ضوءًا في نهاية النفق، وأنه مهما اشتدت الحرب، فإن هناك رجالًا قادرين على حماية ما تبقى من الوطن، ورسم ملامح غد أفضل.

 

معركة الصحة… أكبر من وزارة

 

قطاع الصحة في السودان اليوم ليس مجرد وزارة، بل خط دفاع أول ضد الموت، وضد الانهيار الكامل للمجتمع. فحين تسقط المستشفيات، يسقط معها الأمل في البقاء. وحين ينهار الإمداد الدوائي، يصبح المرض أكثر فتكًا من الرصاص. وهنا تتجلى أهمية وجود قائد مثل هيثم، يفهم أن الصحة ليست ترفًا، بل قضية أمن قومي، ومعركة مصيرية لا تقل عن معركة البندقية.

ختامًا: رمز للأمل والثبات

 

يا دكتور هيثم، عودتك ليست حدثًا عابرًا، بل شهادة على أن السودان ما زال ينجب الرجال العظماء. لقد اخترت أصعب الطرق، فكنت مع المرضى في عزّ النار، وحملت رسالة الصحة بصدق وأمانة في وقت كان الوطن ينزف من كل جهة.

 

عودتك اليوم هي عودة الأمل. الأمل في أن الإصلاح ممكن، في أن هناك قادة مستعدين لدفع الثمن من أجل الوطن، في أن السودان، مهما اشتدت عليه الخطوب، سيبقى حيًا ما دام فيه رجال مثلك.

 

ستظل رمزًا للثبات، وعنوانًا للأمل، وصوت الإنسانية في زمن الحرب

‫شاهد أيضًا‬

الرباعية وألعاب الهيمنة: كيف يُعاد تدوير الأزمة السودانية لخدمة أجندات الرأسمالية:- بقلم قريب الله العوض 

في خضم الأزمة السودانية المستعرة منذ أبريل 2023، والتي صنفتها الأمم المتحدة كأكبر كارثة إن…