‫الرئيسية‬ مقالات الشعب الذي خرج يوما ليس حباً في قحت.. بل خرج حبا في التغير  زين العابدين أحمد عبدالرحمن 
مقالات - ‫‫‫‏‫3 أيام مضت‬

الشعب الذي خرج يوما ليس حباً في قحت.. بل خرج حبا في التغير  زين العابدين أحمد عبدالرحمن 

فعندما خرج الناس بالملايين يهتفون، يرفعون شعارات الثورة، ويملؤون الميادين، لم يكن في قلوبهم شغفٌ بحزب، أو انتماءٌ لحاضنة سياسية واضحة، بل كانت نفوسهم ممتلئة بالغضب، بالحزن، بالخذلان، وبالحلم كذلك.حلم التغير الديمقراطي

لم يكن الناس يعرفون تفاصيل “تجمع المهنيين” حينها، ولا يدركون مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير…

لكنهم كانوا يعلمون شيئاً واحداً: أن عهد الكيزان يجب أن ينتهي.

فالالتفاف الشعبي العريض لم يكن تصويتاً سياسياً، ولا تأييداً أعمى، بل كان رفضاً قاطعاً لثلاثة عقود من القهر، الفساد، التمكين، والتشريد.

إعلان الحرية والتغيير نفسه، لم يكن مشروع دولة متكامل، ولا رؤية استراتيجية محكمة، بل كان ميثاقاً للحد الأدنى… وثيقة تتلاقى عندها آمال البسطاء، وآلام المعذبين، وأحلام الثوار.

فالثورة لم تكن ملكاً لأحد، ولم يصنعها حزب.

صنعتها دموع الأمهات، وأنّات المعتقلين، وصبر الأجيال.

ولهذا السبب، كل من ظن أن الشرعية الثورية تُمنَح لمجرد التوقيع على ميثاق، فقد أخطأ الفهم.

الشرعية تولد من نبض الجماهير، من تضحيات الشارع، لا من مقاعد الاجتماعات المغلقة.

ولذلك أيضاً، خسر كثيرون بعد الثورة لأنهم لم يفهموا هذه الحقيقة البسيطة:

فالشعب لا يمنح ثقته حباً فيكم… بل كرهاً لمن ظلموه.

فلا تخونوا ظنهم، ولا تكرروا أخطاء من ثاروا ضدهم.

فالشعب الذي هتف يومًا “شكراً حمدوك”، لم يكن يعرف شيئًا عن خلفيته السياسية أو انتماءاته، ولم يكن يعرفه أصلًا، لكنه كان يظن أنه رجل مرحلة، يحمل ملامح الأمل والتغيير… وهكذا اختار أن يثق، ولو مؤقتًا، فقط لأنه كان يبحث عن بديل يخرجه من النفق.

والشعب الذي قال “تجمع المهنيين يمثلني”، لم يكن يعرف من هم أعضاء التجمع، ولا مكوناته، ولا هياكله. فقط آمن بأن هناك جهة ما تُنظم هدير الشارع وتمنح غضبه شكلاً سياسيًا.

لكن حين انقشع الضباب، وعرف الناس من هم القحاته وكيف يفكرون، وكيف يتصارعون، وكيف يفشلون… لم يتردد الشارع في قلب الطاولة، وقالها صريحة:

قحت لا تمثلني”

لأنها ببساطة خانت روح الثورة، وانشغلت بالمناصب، وتاهت في دهاليز السلطة، ونَسيت من منحها هذا التفويض الشعبي العابر للمكونات.

الثورات الحقيقية لا يمنح فيها الناس صكوك الولاء، بل يضعونك تحت المجهر، فإن أحسنت قادوك، وإن خنتهم لفظوك… وهذا ما حدث تمامًا.

‫شاهد أيضًا‬

نقطة إرتكاز  د.جادالله فضل المولي  يكتب: جبر الخواطر… عبادة القلوب في زمن الانكسار السوداني

في زمنٍ تتكاثر فيه الجراح وتضيق فيه السبل، يبقى جبر الخواطر أعظم ما يُقدمه الإنسان لأخيه ا…