للسودان ربٌّ ينصره، وللحق صوت لا يُسكت بقلم د.النذير إبراهيم محمد أبوسيل المستشار القانوني الدولي – مبعوث المحكمة الدولية لتسوية المنازعات

المستشار الاستراتيجي ومسؤول ملف السودان للتنمية المستدامة
السفير الفخري لمنظمة UNASDG
في خضمّ ما يشهده العالم من أزماتٍ وصراعات، يبقى السودان جرحًا مفتوحًا على ضمير الإنسانية، وشاهدًا على صمتٍ دوليٍّ مؤلم. بلدٌ عرفه العالم عبر تاريخه الطويل رمزًا للعزة والصبر والإباء، يقف اليوم وحيدًا في وجه مليشيات إرهابية ومرتزقة عاثوا في الأرض فسادًا، بدعمٍ خارجيٍّ معروف المصدر والاتجاه، بينما اكتفى المجتمع الدولي بمراقبة المشهد وكأنّ ما يجري على أرض السودان لا يعنيه.
⚖️ أولاً: الإطار القانوني الدولي
إنّ الحرب المفروضة على السودان ليست صراعًا داخليًا كما يحلو للبعض توصيفها، بل انتهاكٌ جسيم للقانون الدولي العام ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. فالمادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 تنص على أن:
“يمتنع أعضاء الهيئة جميعهم في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة، أو على أي نحو لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة.”
كما تُلزم المادة (2/7) من الميثاق الدول الأعضاء بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة ذات سيادة، وهو ما خرقته بعض الأطراف الإقليمية بالتورط في دعم وتسليح وتمويل مليشيات مسلحة خارج إطار الدولة السودانية الشرعية.
وفقًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، فإنّ تمويل أو تسليح جماعات مسلحة غير نظامية تُمارس العنف ضد المدنيين يُعد انتهاكًا للبند المشترك الأول في الاتفاقيات الأربع، الذي يُلزم الدول باحترام وحماية المدنيين في أوقات النزاع.
⚖️ ثانيًا: مبدأ عدم التدخل وسيادة الدولة
ينص إعلان مبادئ القانون الدولي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1970 بشأن العلاقات الودية والتعاون بين الدول على أن:
“لكل دولة الحق غير القابل للتصرف في اختيار نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، دون تدخلٍ من أي دولة أخرى.”
وهذا يعني أن أي تدخل مباشر أو غير مباشر — عسكريًا أو استخباراتيًا أو عبر تمويل وتسليح أطراف غير حكومية — يُعتبر خرقًا لهذا المبدأ ويُشكّل عملاً عدوانيًا بموجب المادة (3/ز) من قرار الجمعية العامة رقم 3314 لعام 1974، الذي يعرّف “العدوان” بأنه:
“قيام دولة بإرسال جماعات مسلحة أو مرتزقة لارتكاب أعمال عنف ضد دولة أخرى على نحوٍ جسيم.”
وهو بالضبط ما حدث في السودان من خلال دعم خارجي لمليشيات دقلو الإرهابية والمرتزقة المرتبطين بجهات إقليمية.
⚖️ ثالثًا: المسؤولية الدولية والعدالة
يقرّ مشروع لجنة القانون الدولي حول مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليًا (2001) بأنّ أي دولة تُسهِم في ارتكاب عمل غير مشروع دوليًا — كتمويل الإرهاب أو دعم جماعات مسلحة — تُعتبر مسؤولة دوليًا عن هذا الفعل وتتحمل تبعات قانونية وتعويضية.
كما تنص اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة تجنيد المرتزقة لعام 1989 في المادة (2) على أن:
“يُعد مرتكبًا لجريمة كل من يقوم بتجنيد أو تمويل أو تدريب أو استخدام المرتزقة بغرض الإطاحة بحكومة دولة أو تقويض سيادتها أو سلامتها الإقليمية.”
وما يحدث في السودان يدخل في صميم هذا التعريف القانوني، حيث تم استقدام وتمويل وتوجيه قوات مرتزقة من خارج البلاد، مما يشكّل جريمة دولية متكاملة الأركان.
⚖️ رابعًا: الواجب الأخلاقي والإنساني للمجتمع الدولي
إنّ التزامات المجتمع الدولي لا تقتصر على القوانين، بل تمتد إلى المسؤولية الأخلاقية والإنسانية المنصوص عليها في:
• الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)
• العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)
• العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966)
وجميعها تُلزم الدول بالعمل على حماية حق الشعوب في السلام، والأمن، والتنمية. وصمت المجتمع الدولي على ما يجري في السودان هو إخلال بهذه الالتزامات وازدواجية في المعايير لا يمكن تبريرها.
⚖️ خامسًا: الرسالة إلى العالم
إنّ السودان لا يطلب إحسانًا ولا يستجدي عونًا، بل يطالب فقط باحترام القوانين الدولية والعهود التي التزمت بها الأمم لحماية الشعوب من العدوان، ويذكّر العالم بأنّ السكوت على الجريمة مشاركة فيها، وأنّ التهاون مع الإرهاب تواطؤ ضد العدالة والإنسانية.
سيبقى السودان رغم الجراح أرض الكرامة والعزة والوفاء،
وسيبقى شعبه مرفوع الرأس، مؤمنًا بأنّ الله سينصره ولو بعد حين،
لأنّ للحق ربًّا لا يخذله، وللسودان ربٌّ ينصره.
حسن النخلي يكتب التحليق وسط الزحام _فاشر السلطان ترجح كفة الأوطان في واشنطن
ذهب كثير من الإعلاميين والسياسيين والمحليين إلى تأويلات عديدة حول زيارة السيد/ محي الدين …




