‫الرئيسية‬ مقالات القرار قرار الشعب السوداني  بقلم: د. النذير إبراهيم محمد أبوسيل المستشار القانوني الدولي
مقالات - ‫‫‫‏‫6 ساعات مضت‬

القرار قرار الشعب السوداني  بقلم: د. النذير إبراهيم محمد أبوسيل المستشار القانوني الدولي

القرار قرار الشعب السوداني   بقلم: د. النذير إبراهيم محمد أبوسيل  المستشار القانوني الدولي

في خضم المتغيرات الدقيقة التي يمر بها السودان، تبرز حقيقة قانونية ووطنية لا تقبل التأويل:

الحق في تقرير المصير والسيادة الوطنية من حق الشعب السوداني وحده، وفقاً لما نصت عليه المادة (1/2) من ميثاق الأمم المتحدة التي تؤكد على “حق الشعوب في تقرير مصيرها واختيار نظمها السياسية بحرية تامة”.

إن أي مشروع سياسي أو أمني لا ينبع من إرادة هذا الشعب ويتوافق مع مصالحه العليا لا يمكن أن يكون مقبولاً أو مستداماً، لأن السيادة الوطنية لا تُمنح من الخارج ولا تُفرض عبر فوهات البنادق.

لقد تعرضت بلادنا لسنوات من المعاناة بفعل جماعات مسلحة ومليشيات مارست أفعالاً تخالف القانون الدولي والإنساني، وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهو ما تجرّمه بوضوح اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولات الإضافية لعام 1977، ولا سيما المواد (3) و(51) و(75) التي تحظر الاعتداء على المدنيين أو استخدام القوة ضدهم خارج إطار الدولة الشرعية.

ومن هذا المنطلق، يظل المبدأ القانوني واضحاً وثابتاً:

لا مقبولية لأي وجود سياسي أو عسكري لمليشيا ال دقلو الإرهابية أو داعميها داخل مؤسسات الدولة أو على أرض السودان. فالقانون الدولي، من خلال قرار مجلس الأمن رقم (2178) لسنة 2014، يؤكد على منع تمويل أو تسليح أو دمج الجماعات المسلحة غير النظامية في أي مؤسسات رسمية، لما يشكله ذلك من تهديد مباشر للأمن والسلم الوطني والدولي.

إن إدماج فاعلين مسلحين تورطت أياديهم في انتهاكات جسيمة داخل هياكل الدولة أو السماح لهم بوجود رسمي، يُعد من الناحية القانونية انتهاكاً لمبدأ احتكار الدولة لاستخدام القوة الشرعية الذي نصت عليه المادة (4) من العهد الدولي الخاص بحقوق الإنسان المدنية والسياسية، ومن الناحية السياسية يمثل تكريساً لحالة الفوضى والانقسام، ويقوّض فرص المصالحة الوطنية ويهدد السلم الأهلي.

ولنا في تجارب الأمم أمثلة حيّة تؤكد هذه القاعدة:

فقد رفض المجتمع الدولي إدماج المليشيات المسلحة في مؤسسات الدولة في كل من سيراليون وليبيريا وكولومبيا قبل خضوعها لعمليات نزع السلاح وإعادة التأهيل والمساءلة القانونية. كما نصت اتفاقيات الأمم المتحدة لدمج الجماعات المسلحة (DDR) على أن أي عملية إدماج يجب أن تسبقها آليات عدالة انتقالية ومحاسبة صريحة لمرتكبي الجرائم، وليس مكافأتهم بالسلطة أو النفوذ.

لذلك، فإن أي محاولة لفرض وجود سياسي أو عسكري لتلك المليشيا الإرهابية داخل مؤسسات الدولة السودانية، ستُعد انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي، وتهديداً مباشراً للسلم والأمن الوطنيين، كما أنها ستفتح الباب أمام نزاعات أهلية جديدة لا تُحمد عقباها.

وعليه، فإنني أؤكد – بصفتي القانونية والدولية – أن على المجلس السيادي الانتقالي السوداني وحكومة الأمل، وعلى المجتمع الدولي ومؤسساته والوسطاء الإقليميين، أن يدركوا بأن إرادة الشعب السوداني حاسمة وغير قابلة للمساومة، وأن أي مسار لا يحترم هذه الإرادة، ولا يستند إلى مبادئ العدالة والمساءلة، لن يُنتج سلاماً حقيقياً ولا استقراراً دائماً.

إن دعم السودان اليوم لا يكون بتسويات هشة أو بترضية أطراف مسلحة، بل يكون بترسيخ دولة القانون والمؤسسات، وفصل السلاح عن السياسة، وضمان العدالة للضحايا، وإشراك القوى الوطنية والمجتمع المدني في صياغة مستقبل الدولة.

وفي الختام،

يبقى المبدأ راسخاً:

القرار قرار الشعب السوداني،

ولا يملك أحد في الداخل أو الخارج أن يفرض عليه واقعاً مرفوضاً أو وصاية مرفوضة.

وأي وجود لتلك المليشيات داخل مؤسسات الدولة سيكون نذيراً بحربٍ أهليةٍ لا تُحمد عقباها، وخرقاً صارخاً لكل الأعراف والمواثيق الدولية التي تحمي سيادة الشعوب وحقها في الأمن والسلام.

‫شاهد أيضًا‬

وزير الشباب والرياضة يعلن استعداد وزارته للتعاون الكامل مع الصندوق في رعاية الطلاب 

أكد وزير الشباب والرياضة البروفيسور أحمد آدم أحمد ، استعداد وزارته للتعاون الكامل مع الصند…