‫الرئيسية‬ مقالات أصل_القضية من سلسلة الجسر والمورد حين تتلعثم الدولة… من يملأ الفراغ؟  محمد أحمد أبوبكر – باحث بمركز الخبراء للدراسات الإنمائية
مقالات - ‫‫‫‏‫7 ساعات مضت‬

أصل_القضية من سلسلة الجسر والمورد حين تتلعثم الدولة… من يملأ الفراغ؟  محمد أحمد أبوبكر – باحث بمركز الخبراء للدراسات الإنمائية

أصل_القضية  من سلسلة الجسر والمورد حين تتلعثم الدولة… من يملأ الفراغ؟  محمد أحمد أبوبكر – باحث بمركز الخبراء للدراسات الإنمائية

من يتعمد أن تَبدو رموز في الدولة عاجزة عن الكلام؟؟!
هناك ظاهرة متكررة ليست بسيطة: في ساحات الإعلام الرسمية وعلى منبر المنصات الرقمية، نرى شخصيات تمثل مؤسسات الدولة — وزراء، سفراء، خبراء رسميون — تتلعثم في خطابها العربي، تتخبط في عرض ملفاتها، وتغيب عنها البصيرة المهنية في شرح ما تدّعي معرفته. هذا النكوص اللغوي والمعرفي ليس اضطرابًا أسلوبياً فحسب؛ بل هو مؤشر استراتيجي يجب أن نقرأه بجدية.

أولاً: قراءة الظاهرة — بين الصوت والفراغ

عندما يفشل المتحدث الرسمي في إقناع جمهوره بلغة واضحة ومحترفة، تحدث عدة نتائج متزامنة:

●يضعف مصداقية المؤسسة أمام الجمهور المحلي والدولي.

●يخلق فراغًا رمزيًا يملؤه البديل الإعلامي — مؤثرون، قوى سياسية، أو جهات خارجية تتقن صناعة الصورة.

●يتحول الخطاب إلى لعبة شكلية لا محتوى لها: كلمات متقطعة، شعارات متكررة، وافتقاد لأدلة أو بيانات تقنع العقل قبل العاطفة.

السؤال الجوهري هنا: لمصلحة من هذا الإخفاق؟ هل هو نتيجة ضعف مهني مجرد؟ أم أنه مخطط مدروس يخدم أجندات داخلية أو خارجية؟

ثانياً: الفرضيات التحليلية (لماذا يحدث ذلك؟) بحسب قراءة الجسر والمورد

١. تعمد التهميش المؤسسي: قد يكون هناك من يُفضّل وجود وجوه تمثل فقط الطابع الرمزي دون أن تكون فاعلة معرفيًا، لأن الوجه الضعيف أسهل في التحكم والتوجيه.

٢. ضعف الاستثمار في الكادر المؤسسي: مؤسسات الدولة التي أجبرت على الترشيد أو التجزيء أو فقدت استمرارية التدريب تفقد “منهج الكلمة” و”منهج العرض الاحترافي”.

٣. الهيمنة الإعلامية للصور على المحتوى: في عصر الانطباع، يصبح أهمّ ما لدى بعض القائمين هو الظهور، لا الإقناع؛ لذا تُكرَّس طاقات لصناعة المشهد وصقل الشكل بدل صقل المضمون.

٤. أدوات حرب إدراكية داخلية وخارجية: أطراف معنية بإضعاف ثقة المواطن في مؤسساته تستفيد من إظهارها متلعثمة وغير قادرة على الدفاع عن مشروعها.

٥. قلة المساءلة والشفافية: عندما لا تُسأل المؤسسة عن نتائجها بشكل حقيقي، تقل الحوافز لتطوير مهارات المتحدثين الرسميين أو تحسين بياناتها.

ثالثاً: تبعات أمنية واستراتيجية

هذا العجز الكلامي لا يبقى مجرّد إحراج بل يتحول إلى ثغرة استراتيجية:

●إضعاف الشرعية: المواطن يبحث عن مرجع يثق به، فإذا ما خوّل لهذا المرجع أن يتحدث بثقة ومهنية ذهب ولاؤه الإعلامي إلى بديل أقل وطنية أو أكثر تأثيرًا.

●سهولة الاستقطاب: الفضاء المعلوماتي يمتلئ ببدائل، وغالبًا ما تكون أبسط وأكثر جاذبية (حتى لو كانت مضللة).

●تعريض السياسة العامة للخطر: قرارات لا تُشرح أو سياسات لا تُسوّق مهنياً تفشل في التطبيق وتصبح عرضة للاحتكاك والرفض الشعبي.

> “اللغة ليست مجرد كلمات — إنها سلاح ومحرّك شرعية.”

رابعاً: من يربح ومن يخسر؟

الرابحون: جهات تسعى لملء الفراغ الرمزي — من تأثيريين بلا عمق علمي، إلى قوى سياسية تبتغي قاعدة شعبية، إلى جهات خارجية تستثمر في تشويه صورة الدولة.
الخاسرون: المواطن والدولة والمنظومة المهنية الحقيقية. خاسر آخر هو المستقبل السياسي للدولة عندما تتآكل آليات التفسير والإقناع المهني.

خامساً: ماذا نفعل؟ — مقترحات استراتيجية عملية وفق رؤية الجسر والمورد

١. برنامج وطني لتقوية مهارات الناطقين الرسميين
تدريب دوري في الخطاب السياسي، العرض الإعلامي، إدارة المعلومة، وصياغة الرسائل الاستراتيجية مع فرض معيار شفافية ووضوح.

٢. آليات مساءلة واضحة
تعريف مؤشرات أداء لقياس قدرة المتحدث على توصيل الرسالة وفهم الجمهور، وربط ذلك بتقارير مختصة تقيم الأداء.

٣. إعادة بناء قنوات إعلامية مؤسسية محترفة
دعم مكاتب الاتصال في الوزارات بمختصين، صحفيين استقصائيين، ومحلّلين قادرين على إنتاج سرد موضوعي ومدعوم بالبيانات.

٤. حملة وطنية للوعي الإعلامي
تثقيف المواطن ليطلب المعلومة الموثقة ويتمكن من فرز الحقائق من الزيف؛ هذا يقلل من أثر البدائل الرنانة.

٥. بناء رموز وطنية حقيقية
تسليط الضوء على الكفاءات الحقيقية في الميدان، وربط قصص نجاحهم بمشروعات تنموية ملموسة، لا بالادعاء الإعلامي الفارغ.

#أصل_القضية : لغة الدولة أمانة

حين تتلعثم لغة من يمثل الدولة، ليس فقط صوتًا يغيب، بل ثقة تنهار. الحاجة اليوم إلى خطاب مؤسسي واضح، متزن، ومقنع، ليست رفاهية بل أمر أمني استراتيجي.
دعوتي: لنجعل من الكلمة أداة إعمار لا تلميع، ومن المهنية معيارًا لا استثناءً. فالسؤال الذي طرحناه — «لمصلحة من الذي يحدث؟» — لا ينبغي أن يبقى سؤالًا بل يجب أن يكون نقطة انطلاق لعمل مؤسساتي يعيد الاعتبار للشرعية، ويصون أمننا الوطني من عزفِ أصواتٍ لا تسندها معرفة.

‫شاهد أيضًا‬

       5minute ينعي رئيس المفوضية القومية لحقوق الانسان الأسبق مولانا حرية اسماعيل

نعى أليم يقول الحق سبحانه وتعالى:(تبارك الذى بيده الملك وهو على كل شئ قدير*الذى خلق الموت …