‫الرئيسية‬ مقالات شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر الشمالية.. بوابة السودان لإعادة الإعمار والشفافية
مقالات - ‫‫‫‏‫5 ساعات مضت‬

شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر الشمالية.. بوابة السودان لإعادة الإعمار والشفافية

شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر  الشمالية.. بوابة السودان لإعادة الإعمار والشفافية

Ghariba2013@gmail.com

 

لا شك أن الحديث عن “إعادة إعمار السودان” يمثل بصيص أمل وسط ركام الحرب والدمار. وفي خضم الاستعدادات الحثيثة لملتقى رجال الأعمال المصري السوداني، برزت أصوات تحدد مسارات هذه العملية الوطنية الشاملة. ومن بين تلك الأصوات، كان لحديث والي الولاية الشمالية، الفريق ركن عبدالرحمن عبدالحميد إبراهيم، في الورشة التحضيرية الثانية، صدىً بالغ الأهمية، كونه يضع أطراً حاسمة لنجاح أي خطة إعمار قادمة: الإطار اللوجيستي والمادي (التمويلي).
لقد أشار والي الولاية الشمالية، بوضوح، إلى أن الولاية الشمالية هي المدخل لإعادة البناء لحدودها مع مصر. وهذه الرؤية ليست مجرد إشارة جغرافية، بل هي تحديد لموقع استراتيجي حيوي. ففي سياق التركيز على “الربط اللوجيستي” كعمود فقري للتنمية المشتركة، تصبح الشمالية البوابة البرية والنهرية الأكثر فاعلية لتدفق الموارد والمواد اللازمة للإعمار من مصر الشقيقة. إن موقعها المتاخم يمنحها ميزة تنافسية كقاعدة انطلاق للمشروعات، وكممر لتصدير المنتجات الزراعية وغيرها، وهو ما ذكره الوالي صراحةً بإشارته إلى ممرات الربط مع مصر لتصدير المنتجات.
كما أن تأكيد الوالي على أن الولاية الشمالية “تزخر بالعديد من مجالات الاستثمار منها الزراعة الحديثة والطاقة الشمسية والمعادن والسياحة” يرسخ فكرة ضرورة توزيع جهود التنمية بعيداً عن حصرها في العاصمة الخرطوم، كما جاء في تقرير آخر عن كلمته. هذا التوزيع العادل للتنمية يعتبر ركيزة أساسية لأي عملية إعمار مستدامة ووطنية لا مركزية، تهدف إلى معالجة جذور التفاوت الإقليمي.
لكن الأهم من تحديد البوابة اللوجيستية والاستثمارية، هو طرح الوالي الحاسم فيما يخص الإطار المالي لعملية الإعمار. إذ شدد الفريق إبراهيم على ضرورة إنشاء صندوق وطني لإعادة إعمار السودان، تُدار أمواله بشفافية مطلقة، تحت إشراف مشترك من الدولة والمجتمع المدني والمغتربين.
هذا الطرح يمثل ضمانة لا غنى عنها لنجاح أي جهد إعماري. إن الحديث عن “الشفافية المطلقة” في إدارة أموال الصندوق هو بمثابة درس مستفاد من التجارب السابقة ومن واقع الظروف الحالية التي يمر بها السودان. فإذا كان الهدف هو بناء الثقة وجذب الاستثمارات الخارجية، وتعبئة الموارد الوطنية من المجتمع المدني والمغتربين، فلا بديل عن إدارة مالية نزيهة ومكشوفة تخضع للمساءلة. الإشراف المشترك من الدولة والمجتمع المدني والمغتربين يضمن الشمولية والمصداقية، ويحول دون أن تكون عملية الإعمار مجرد مشروع تسيّره مصالح ضيقة.
في الختام، يمكن القول إن حديث والي الولاية الشمالية لم يكن مجرد استعراض لفرص ولايته، بل كان بمثابة خارطة طريق مبدئية تجمع بين: (1) تحديد نقطة الانطلاق اللوجيستية (الشمالية)، (2) تنويع مجالات الاستثمار التنموي، و(3) وضع شرط الشفافية والإشراف المشترك كحجر زاوية لتمويل الإعمار. وإذا ما تم تبني هذا الإطار الشفاف واللامركزي، فإن السودان سيمتلك الأساس المتين لنهضة حقيقية تبدأ من بوابة الشمال نحو كل ربوع الوطن.

‫شاهد أيضًا‬

نيابة مكافحة التهريب إعلان بالنشر لإعلان حجز بالرقم (2025/214)