الالتزامات القانونية والدولية الملزمة للمجتمع الدولي والإجراءات العملية لمواجهة مليشيا آل دقلو الإرهابية والمرتزقة وداعميها بقلم د. النذير إبراهيم محمد أبوسيل المستشار القانوني الدولي – مبعوث المحكمة الدولية لتسوية المنازعات

يشهد السودان مرحلة حرجة من تاريخه الحديث بعد سقوط مدينة الفاشر في قبضة مليشيا الدعم السريع الإرهابية، في انتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي الإنساني، ولحقوق المدنيين العزّل الذين يواجهون القتل والتهجير القسري والإبادة الجماعية.
لقد تجاوزت هذه المليشيا كل القيم والأعراف الدولية، وارتكبت جرائم حرب موثقة تشمل الإعدامات الميدانية والاغتصاب والنهب، ما يستدعي تحركًا عاجلًا من كل أحرار وحرائر الشعب السوداني ومن المجتمع الدولي قبل أن تتكرر مآسي دارفور على نطاق أوسع.
أولًا: إجراءات عاجلة مطلوبة فورًا
1. فتح ممرات إنسانية آمنة للمدنيين تحت إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لضمان وصول المساعدات ومنع استهداف الفارين.
2. فرض عقوبات دولية صارمة وشاملة على قادة المليشيا الإرهابية وكل من يموّل أو يسهّل جرائمها من دول أو أفراد.
3. تجفيف منابع التمويل والدعم الخارجي، خصوصًا من الدول الإقليمية المتورطة في تغذية الصراع وتقويض استقرار السودان.
4. توثيق الجرائم والانتهاكات فورًا عبر فرق تحقيق دولية لضمان المحاسبة القانونية العادلة وعدم إفلات الجناة من العقاب.
5. تأمين وحماية المدنيين والصحفيين والعاملين الإنسانيين من أي استهداف مباشر أو أعمال انتقامية.
ثانيًا: تحرك دبلوماسي وقانوني
• عزل هذه المليشيا سياسيًا ودبلوماسياً ومنع أي محاولة للاعتراف بها ككيان شرعي أو طرف سياسي.
• على مجلس الأمن الدولي اتخاذ قرارات صارمة ضد المليشيا الإرهابية وداعميها، وتسريع التحقيق في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي ارتكبت في دارفور.
• تفعيل قرارات حظر السلاح على جميع الأطراف الخارجة عن القانون، مع مراقبة صارمة لخطوط الإمداد والتمويل غير الشرعية.
• تنسيق سوداني–عربي–إفريقي موحد لمواجهة أي محاولة لتقسيم السودان أو إقامة حكومة موازية غير شرعية في دارفور.
ثالثًا: مسار العدالة وبناء السلام
إن استعادة الأمن والاستقرار في السودان لن تتحقق إلا عبر التفكيك الكامل لهذه المليشيا الإرهابية، وإعادة هيكلة المنظومة الأمنية على أسس وطنية ومهنية تحفظ هيبة الدولة ووحدتها.
كما يجب إطلاق عملية مصالحة وطنية شاملة تقوم على العدالة والمساءلة وجبر الضرر، بإشراف دولي وإقليمي يضمن استقلال القرار السوداني.
الإطار القانوني الدولي لتفكيك المليشيات المسلحة
وفقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي رقم 1556 (2004) و1591 (2005) الخاصة بالسودان، فقد نصّ المجلس بوضوح على ضرورة نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في دارفور، ومحاسبة قادتها على الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين.
كما أكّد القرار 1325 (2000) على مسؤولية الدول في حماية المدنيين، وخاصة النساء والأطفال، من آثار النزاعات المسلحة، بما في ذلك منع الجماعات غير النظامية من إعادة التسلح أو المشاركة في أي عملية سياسية قبل تفكيكها ومحاسبة أفرادها.
ويستند ذلك إلى مبدأ دولي مستقر مفاده أن أي كيان مسلح غير تابع للدولة ويستخدم القوة خارج إطار الشرعية الدستورية يُعد تهديدًا مباشرًا للسلم الأهلي والأمن الإقليمي، مما يفرض على المجتمع الدولي واجب التحرك عبر الوسائل السياسية والقانونية والدبلوماسية، بما في ذلك:
• دعم الحكومة الشرعية في جهود بسط الأمن ونزع سلاح المليشيات.
• تعزيز دور الآليات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي والإيقاد في مراقبة وقف إطلاق النار وحماية المدنيين.
• إنشاء آلية دولية مشتركة للمساءلة تتولى التحقيق في الجرائم والانتهاكات لضمان العدالة ومنع الإفلات من العقاب.
وتستند هذه الإجراءات إلى المواد (33–38) من ميثاق الأمم المتحدة التي تشدد على حل النزاعات بالوسائل السلمية مثل التفاوض والوساطة والتحكيم، بما يحفظ سيادة الدول ويمنع انهيار النظام القانوني الوطني.
الأساس القانوني الدولي
كما نؤكد أن أي ضغوط أو مبادرات تهدف إلى فرض هدنة شكلية تمكّن المليشيا وداعميها من إعادة تنظيم صفوفهم، هي مخالفة صريحة لأحكام القانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة، وتشكل تهديدًا مباشرًا لوحدة السودان واستقراره وسيادته.
وتنص المادة (1/2) من ميثاق الأمم المتحدة على ضرورة “الامتناع عن التهديد بالقوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة”.
كما تنص المادة (3) المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 على حظر منح أي امتياز أو وضع قانوني للأطراف المسلحة غير النظامية التي تمارس العنف ضد المدنيين أو الدولة الشرعية.
وبناءً على ذلك، فإن أي هدنة أو تسوية تُمنح لتلك المليشيا تمثل انتهاكًا لمبدأ عدم الاعتراف بالكيانات الناتجة عن استخدام القوة المسلحة غير المشروعة، وهو مبدأ مستقر في القانون الدولي العرفي، وأكدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 2625 (XXV) لعام 1970 بشأن العلاقات الودية بين الدول وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
خاتمة
إن صمت المجتمع الدولي أمام جرائم مليشيا آل دقلو الإرهابية (الدعم السريع المحلولة) هو تواطؤ غير مباشر مع القتلة.
إن السودان اليوم يقف على مفترق طرق:
إما دولة قانون وعدالة وسيادة،
أو فوضى تُدار بالسلاح والإرهاب والمرتزقة.
وعليه، نطالب الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، والمنظمات الحقوقية الدولية، باتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة لحماية الشعب السوداني، ومحاسبة كل من تورّط في هذه الجرائم البشعة ضد الإنسانية.
كما نؤكد أن الضغط الحقيقي يجب أن يُوجّه إلى مليشيا آل دقلو الإرهابية وداعميها، لا إلى الشعب السوداني أو حكومته الشرعية ومؤسسات دولته الوطنية المعترف بها دوليًا.
من حروفي خالد الفكي سليمان مليشيات آل دقلو تكتب فصول الإبادة الجماعية بدماء الأبرياء فى الفاشر
khalidfaki77@gmail.com في واحدة من أبشع صور الإبادة الإنسانية في التاريخ المعاصر، تواصل مل…





