‫الرئيسية‬ مقالات كتب عماد الدين يعقوب: ميليشيا أولاد حمدان من حُكم السودان.. إلى حُكم الفُرْقان
مقالات - ديسمبر 23, 2024

كتب عماد الدين يعقوب: ميليشيا أولاد حمدان من حُكم السودان.. إلى حُكم الفُرْقان

مشكلة الجناح السياسي – المتحول من قحت إلى تقدم – لميليشيا الجنجويد والتي أوردتهم موارد الخيبة والفشل والتيه والعزلة، هي أنهم أقاموا خططهم للاستيلاء على السلطة والحكم على ما تهوى أنفسهم وما تزين لهم به أخيلتهم المعتلة، خططوا لعمليتهم الانقلابية في 15 أبريل 2023 على طريقة منتجي الأفلام السينيمائية وكتاب السيناريوهات، حيث تتم صياغة السيناريو وأحداث الفيلم وفقاََ لخيال الكاتب، ومن ثم يتم إخراجها حرفياََ على النمط الذي يسير عليه السيناريو، وهو أمر الأساس فيه أنه يتم التحكم فيه بصورة مطلقة، فليس هناك عائق يمكن أن يفسد مسار أحداث وحيثيات السيناريو أو القصة لأن الأمر كله خيال في خيال..

هكذا وبهذه الطريقة السينمائية بنى الجناح السياسي لميليشيا آل دقلو الإرهابية خططه للاستيلاء على السلطة بقوة سلاح الميليشيا الإرهابية، ولم تحسب قحت/تقدم أي حساب لأي ظروف أخرى قد تعترض طريقهم وهم ينفذون مخططهم الآثم..

وكان مبلغ علمهم أنهم ومع زوال شمس الخامس عشر من أبريل ستكون السلطة في قبضتهم يتبادلون التهاني فيما بينهم بنجاح الخطة، ويتعاطون أنخاب الإحتفال البهيج بقرع الكؤوس بعضها ببعض على طريقة سادتهم من عرب وعجمان ،

ويتربع كبيرهم الذي سوّل لهم وأملى لهم على عرش الحكم ليكون الحاكم بأمره، الآمر الناهي لشعب قوامه 45 مليون نسمة أو يزيدون في دولة لها تميزها الجغرافي والديمغرافي وتكتنز أرضها بالثروات الهائلة ماظهر منها وما بطن، تدين له كلها بالسمع والطاعة والولاء هو وحلفائه من عناصر هم للسماسرة أقرب منهم للساسة، نكرات لم يعرف عنهم خبرة أو دربة أو صيت لا سياسياً ولا اجتماعياََ ولا ثقافياََ.

هكذا كانت الصورة في خيالهم المريض حتى ساعة التنفيذ..

لكن الله مالك الملك الذي ما قدروه حق قدره شاءت أقداره وتصريفه ألا تتحقق هذه الأماني وهذه الخطط وأن يفتضح أمرهم ويخيب مسعاهم ولا يقدروا على شيء مما كسبوا..

كانوا يريدون حكم السودان وتأسيس إمارة آل دقلو العلمانية التي يعز فيها أهل المعصية ويذل فيها أهل الطاعة، ويعبد فيها غير الله، يطاع فيها الشيطان، ويدنى ويكرم فيها عبدة الأوثان وتخمد فيها نار القرآن، ويسود فيها المثليون من الإناث والذكران.

فأبى الله إلا أن يرد كيدهم في نحورهم وأن يبطل مخططهم، وتطاول عليهم العهد فقتل منهم من قتل وهرب منهم من هرب وتقطعوا أمرهم بينهم زبراََ.

وتقلص حلمهم وانكمشت أمانيهم في السلطة من الهيمنة الشاملة على الحكم وتشكيل حكومة تكون سَلَمَاََ لهم تدير البلاد من أقصاها إلى أدناها من داخل القصر الجمهوري الممرد بالقوارير، تقلص هذا الحلم وبعد عشرون شهراََ من محاولة الاستيلاء على الحكم إلى مجرد تشكيل حكومة في المنفى!!

نعم حكومة في المنفى خارج حدود السودان ربما في جناح فندقي في إحدى العواصم الباردة أو الصحراوية حسبما يقرر الممول الإقليمي وكيفما يريد..

وحتى هذه الحكومة (الديليفري) ولأن قلوبهم شتى وأفكارهم متفرقة مختلفون حولها ، ومنقسمون حيالها إلى فئتين، فئة تنادي وتدعو إلى تشكيلها فوراََ دون إبطاء، وأخرى تعارض وترفض تشكيلها وتصفها بأنها قفزة في الظلام..!!

الفئة الأولى المنادية بتشكيل حكومة منفى تقودها ثلة من قيادات ما يسمى بالجبهة الثورية وقليل من قادة التنظيمات السياسية المجهرية أبرزهم طه عثمان وسليمان صندل والتعايشي والطاهر حجر..

هذه المجموعة تصر على تشكيل حكومة منفى واستطاعت أن تدرجها كبند مهم للتداول والنقاش في اجتماعات الهيئة القيادية لتقدم، بل ذهبت أكثر من ذلك إلى التهديد بالانسلاخ من تقدم إذا لم يتم قبول هذا البند من قبل الهيئة القيادية، وزادوا على ذلك اتهام عنصري جهوي بأن معظم مكونات تقدم هم في الأصل (جلابة) لا يختلفون عما أسموهم (مجموعة بورتسودان)، وأن خلافهم مع هذه المجموعة خلاف في المصالح فقط..!!

وتنشط هذه المجموعة المنادية بتشكيل حكومة منفى هذه الأيام وبصورة محمومة لاستقطاب مؤيدين من داخل المجموعة الرافضة وذلك بتقديم اغراءات ووعود

بمغانم كثيرة يأخذونها سياسية ومادية ستعود عليهم حال تشكيل حكومة المنفى..

أما الفئة الثانية الأخرى الرافضة لتشكيل حكومة منفى فتضم في داخلها شخصيات وقيادات رغم هوانها إلا أنها أرفع شأناََ ووزناََ و تأثيراََ داخل تقدم، ولها علاقات إقليمية ودولية قوية على مستوى الحكومات وعلى مستوى المنظمات، ومن أبرز قيادات هذه الفئة ياسر عرمان وبابكر فيصل، وخالد سلك وفيصل محمد صالح وعدد من ممثلي تجمع المهنيين وحزب الأمة القومي ولجان المقاومة.

هذه الفئة استطاعت وحتى الآن أن تقف حجر عثرة أمام مقترح تشكيل حكومة منفى، وبعض قادة هذه المجموعة وصف سلوك مجموعة سليمان صندل بأنه عنصري وابتزازي وينطوي على تهديد ومحاولة لفرض رأيهم بالقوة، وبعضهم عبر عن استيائهم من العنجهية – على حد وصفهم – التي يتعامل بها ممثلي الجبهة الثورية معهم.

وكانت مجموعة سليمان صندل قد سعت للترويج لمقترح تشكيل حكومة منفى إعلامياً ومن خلال رسائل دعائية للتأثير على الرأي العام بغرض نيل تأييده للمقترح، داخلياََ وخارجياََ ومن ذلك تصريحات بيريللو المبعوث الأمريكي الخاص للسودان الذي كان داعماََ للمقترح.

إلا أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل، حيث لم يجد المقترح صدى لدى الرأي العام داخل السودان حيث قوبل بالرفض والاستهجان وأظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الرأي العام شارك فيه 43 ألف شخص أن 85٪ منهم يرفضون مقترح تشكيل حكومة منفى، مقابل 14٪ يؤيدون المقترح، ويرى 80٪ من المشاركين في الاستطلاع أن تشكيل حكومة منفى لن يجد اعترافاََ دولياََ، في مقابل 10٪ منهم يرون أنه سيجد اعترافاََ دولياََ.

وإزاء هذا الانقسام على صعيد تقدم حول تشكيل حكومة منفى و الذي يتوقع ان يتعمق وربما يصل إلى الانشقاق قريباً ، تعالت أصوات قيادات مجموعة صندل إلى تشكيل حكومة في مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع، وهكذا تقلصت مرة أخرى أحلام هؤلاء الأوباش المتمردين في الحكم من حكم الدولة السودانية بأسرها من الداخل ، إلى حكم السودان عبر حكومة منفى في الخارج، إلى حكم أجزاء صغيرة متفرقة من السودان تتواجد فيها جيوب وشراذم من الميليشيا الإرهابية تنتظر مصيرها المحتوم ، ومع تقدم الجيش والقوات المتحالفة معه على الأرض واقتحامهم لمنطقة (الزرق) الاستراتيجية والمهمة بالنسبة للميليشيا والسيطرة عليها من قبل الجيش والمشتركة وفرار الميليشيا الإرهابية منها، وفقدان الميليشيا لمستودعات ضخمة من العتاد العسكري والغذائي والاتصالي مضافاََ إليه رفض الحزب الشيوعي لفكرة تشكيل حكومة في مناطق تواجد الميليشيا، وكذلك حزب المؤتمر السوداني، والتجمع الاتحادي الذين يرفضون الفكرة ويرون أنها ستصب فقط في مصلحة ميليشيا الدعم السريع الإرهابية، وأن حكومة من هذا النوع لن تستطيع القيام بمطلوبات الحكم المختلفة.

مع كل تلك التطورات المهمة فإن كل المؤشرات تشير إلى موت الفكرة، فكرة تشكيل حكومة منفى أو حكومة في مناطق تواجد ميليشيا الدعم السريع الإرهابية في بعض القرى والفرقان والتي هي الآن في وضع لا يحسد عليه وتشرف على النهاية وتلقي الضربة القاضية ليطويها الماضي، ويسجلها التاريخ في صفحاته كأسوأ تجربة مرت في تاريخ السودان، وكنموذج للفشل والانحطاط والتردي الأخلاقي والقيمي، وتبقى وقائعها شاهداََ على أن الخيانة والمكر السيء لا يحيق إلا بأهله وأن المجرم مصيره الهلاك، كان الرجل الهالك الثاني في ترتيبه في سُلّم السلطة، ويمتلك قناطير منقطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث لكنه طمع في أن يستحوذ على البلاد كلها وزين له شياطين قحت عمله فرآه حسناً وأوقعوا به وأوردوه مورد الهلكة فذهب خالي الوفاض من كل ذلك، حاملاََ معه وزره وأوزار الذين قتلهم وشردهم ودنس شرفهم وروعهم ونهب أموالهم بغير حق وأستخف قومه فأطاعوه.. وأوردهم هذا المورد الذي هم فيه فبئس الورد المورود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بالواضح فتح الرحمن النحاس ستنطفئ نار الحرب وتفرهد الحياة.. المستقبل سيطوي فداحة الحرب.. لاوقت للأحزان ولطم الخدود.. ولامجال لداء السياسة والعمالة..!!

لئن كانت شريعة الغاب في أحط صورها التي انتهجتها مليشيا التمرد وأشعلت بها الحرب وبثت بها (ا…