نقطة إرتكاز د.جادالله فضل المولي بكتب: حين تنقلب الفوضى على صانعها

في منطقة تعج بالتقلبات والنزاعات، تتكرر الأنماط وإن اختلفت الأسماء والخرائط.وما نراه اليوم في السودان من حرب ممتدة، تغذّيها أطراف خارجية عبر دعم لوجستي وسياسي مكشوف، يُعيد إلى الأذهان دروساً مؤلمة من تجارب دول أخري كان أبرزها الصراع الطويل بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى.
كل حريق يبدأ بشرارة خارجية، من الواضح أن الحرب في السودان لم تعد شأناً داخلياً خالصاً؛فالدعم الذي تتلقاه مليشيات الدعم السريع سواء من دول أفريقية مجاورة أو قوى إقليمية، لم يعد خافياً. هذا الدعم يشمل تمرير السلاح والذخائر، دعماً لوجستياً وفنياً. وحتى مرتزقة يعبرون الحدود. طالما استمرت هذه التدخلات، فإن أمل وقف الحرب يظل بعيد المنال.
التجربة الإيرانية تُظهر كيف أن الدول التي تدعم الحروب بالوكالة لا تظل بمعزل عن تداعياتها.عندما انتقلت المواجهة الإيرانية للدول الداعمة لإسرائيل وأمريكا هرول الجميع للسلام طالبين التوسط لإيقاف الحرب.ايضاً عندما إنتقلت الحرب إلى الداخل الامريكي والإسرائيلي، شعرتا بثقل ما زرعتا خارج حدودهما. ونفس القاعدة تنطبق على الدول التي تمد النزاع السوداني بأسباب الحياةحين تذوق من نفس الكأس سيدرك صانعو الفوضى حجم الكارثة التي ساهموا فيها، وسينكمش دورهم أمام ارتداد العنف إليهم.
في عالم السياسة، لا يُحترم لا القوي ،ولا يُحترم الطرف المنقسم، ولا يُؤخذ بيده الضعيف حتى لو كان مظلوماً. فإيران وإن كانت موضع خلاف دولي، إلا أن وحدتها الداخلية وتحركها الاستراتيجي منحاها قوة تفاوضية.أما السودان فإن انقسام مكوناته وتعدد الجبهات أعاق بناء موقف موحد يُجبر الخارج على مراجعة تدخله.
ماهوالطريق إلى إنهاء النزاع وتجفيف منابع الفوضى؟.إذا أُريد للحرب أن تقف، فلن يكون ذلك بالصراخ الوطني وحده، بل عبر استراتيجية تحاصر الدعم الخارجي للمليشيات ،سياسياً ولوجستياً وأمنياً. يجب أن يُسلط الضوء على طرق الإمداد، ويُكشف المتورطون في تأجيج الصراع، وهم معروفين ومع تحرّك دبلوماسي يحشد الرأي العام ضد من يغذّي الحرب من وراء الستار.
الرسالة واضحةحين يُصدَّر العنف، لن يبقى في الخارج طويلاً ، وسرعان ما يرتدّ إلى صانعيه. والمأساة السودانية لن تنتهي بالنيات الطيبة فحسب، بل بإرادة موحّدة توقف النزيف، وتمنع تحويل البلاد إلى مسرح لصراعات الغير. حين تنقلب الفوضى على صانعها، يسقط قناع الحياد، ويظهر الوجه الحقيقي للدمار. حفظ الله السودان وشعبه.
meehad74@gmail.com
في رحاب الوطن استفتاء شعبي بدون توجيه أو عنوان كتب /اسامه مهدي عبد الله
اليوم السبت الموافق ١٣/١٢/٢٠٢٥م ، كان يوم تاريخي في السودان ، يوم النداء عبر الميديا ابقوا…





