‫الرئيسية‬ مقالات للحقيقة لسان  رحمة عبدالمنعم  غوتيريش والبرهان..اتصال الهدنة 
مقالات - ‫‫‫‏‫6 ساعات مضت‬

للحقيقة لسان  رحمة عبدالمنعم  غوتيريش والبرهان..اتصال الهدنة 

للحقيقة لسان      رحمة عبدالمنعم      غوتيريش والبرهان..اتصال الهدنة 

في الأزمنة التي تصغر فيها السياسة وتتراجع أمام سطوة السلاح، يصبح مجرد اتصال هاتفي خبراً، ومجرد هدنة مؤقتة حدثاً،هكذا تحوّلت المكالمة التي أجراها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مع رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان،إلى نقطة مضيئة،ولو عابرة في سماءٍ سودانية مثقلة بالدخان.

ما بين نيويورك والفاشر، كان الاتصال يحمل من الرمزية أكثر مما يحمل من التقنية،كان غوتيريش، الرجل الذي لا تُحسد وظيفته، يحاول أن يُبقي للأمم المتحدة هامشاً أخلاقياً في حرب يبدو أن العالم قد اعتاد صورها، وأدار ظهره لروائحها، وكان البرهان، الرجل الذي يحمّله التاريخ مسؤولية دولة تتشظى، يحاول أن يقول للعالم: لسنا عاجزين عن القرار، ولو جاء من بوابة الإنسانية لا السياسة…

المكالمة القصيرة، بحسب ما رشح من بيانات الطرفين، تمحورت حول هدنة إنسانية في الفاشر – أسبوع فقط، لا أكثر،علّ الحياة تجد منفذاً تتسلل منه إلى مدينة تحاصرها المجاعة، وتغتالها مدافع مليشيا (الجنجويد)،لكن في مدينة تُعدّ فيها أيام الهدوء على أصابع اليد الواحدة، يصبح أسبوع الصمت أغلى من اتفاق دائمٍ لا يُحترم…

في خلفية الصورة، بدا واضحاً أن غوتيريش لم يجرِ اتصالاً تقنياً بقدر ما وجّه نداءً أخلاقياً،في المشهد الأمامي، أعلن البرهان موافقته،والفرق كبير بين أن تطلب الأمم المتحدة هدنة وبين أن تجد من يصغي،الموافقة الرسمية من جانب رئيس مجلس السيادة لا يمكن عزلها عن سياق داخلي تتقدّم فيه الحكومة بخطى حذرة نحو استكمال هياكلها، مع تعيين الدكتور كامل إدريس رئيساً للوزراء، وهو ما وجد ترحيباً أممياً يعكس رغبةً، أو مصلحة دولية في رؤية سودان لا يتفكك أكثر.

لكن المفارقة السودانية المعتادة، أن السياسة لا تجري حيث تجري الكارثة، فبينما كانت البيانات تصدر من العواصم، كانت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر تصرخ في بيان دامغ بأن المدينة لا تطلب دعماً سياسياً، بل فتح أبواب الحياة،هذا الصوت، الذي خرج من تحت الأنقاض، لم يكن يسأل من يجلس على الكرسي، بل من يقف على خط النار، دفاعاً عن كرامة وطن يلفظ أنفاسه بصمت.

في هذه اللحظة السودانية المتأرجحة، يصبح مجرد قبول هدنة إعلاناً للنجاة،يصبح الوقت هو الخصم الأول، لا العدو، والمساعدات شرياناً لا يحمل غذاء فقط، بل دليلاً على أن أحداً في هذا العالم لا يزال يعترف بأن هناك مدينة تُدعى الفاشر، وأناساً لم يختاروا الحرب، بل وقعت على رؤوسهم.

إن أي خطوة تقود إلى فك الحصار عن الفاشر، ولو كانت محدودة، ليست إنجازاً سياسياً بمقدار ما هي شهادة على ما تبقى من إنسانية في ميدان لا يعترف إلا بالقوة،ووراء الاتصال بين غوتيريش والبرهان، تلوح أسئلة أكبر: هل تكفي سبعة أيام لإنقاذ مدينة؟ وهل تكفي مكالمة لإنقاذ ضمير العالم من الغياب؟..

الهدنة المرتقبةإن تمّت – ليست اختباراً لنوايا الجيش ومليشيا الدعم السريع فحسب، بل للمنظومة الدولية برمتها، ولما تبقى من قدرة الأمم المتحدة على التأثير في زمن يتحدّث فيه الجميع لغة السلاح، ويصغي فيه القليل للنداء الإنساني..

ليس مطلوباً من العالم أن يصنع معجزات، بل أن يستمع جيداً لصرخات المدن التي تتساقط خارج خريطة الاهتمام،الفاشر اليوم ليست فقط مدينة سودانية، بل جرس إنذار أخلاقي، يُقرع في وجه الصمت الدولي الطويل.

‫شاهد أيضًا‬

وزيرا الدفاع والداخلية يؤديان القسم أمام رئيس مجلس السيادة

أدى القسم أمام السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ال…