نقطة إرتكاز د.جادالله فضل المولي يكتب :لا تخشَ من عدو الخارج… واخشَ من عدو الداخل

في عالم الأحياء، كما في الحياة، لا يكون الخطر دائماً واضحاً أو قادماً من بعيد. أحياناً، يكون العدو الأقرب هو الأخطر، لأنه يعرف كيف يتخفى، ويعرف كيف يبدو مألوفاً. هذا هو حال الخلايا السرطانية كالجاسوس في جسم الإنسان، التي تُعد من أذكى وأخطر الأعداء لأنها لا تأتي من الخارج، بل تنشأ من داخل الجسد نفسه.
الجهاز المناعي البشري مُصمم ليتعرف على الأجسام الغريبة مثل البكتيريا والفيروسات ويهاجمها فوراً. لكنه يفشل في كثير من الأحيان في التعرف على الخلايا السرطانية ، لأنها ببساطة تنشأ من خلايا الجسم نفسه.تحمل نفس البصمة الوراثية.لا تُصدر إشارات واضحة بأنها عدو. إنها كالجاسوس الذي يتخفى في زي مواطن، يعيش بيننا، ويتحدث لغتنا، ويعرف كيف يمر دون أن يُكتشف.
ما يجعل هذه الخلايا أكثر خطورة هو قدرتها على تغيير هويتها باستمرار ، مما يُربك الجهاز المناعي.إذا هاجمها جزء من المناعة، تختبئ وتعيد تنظيم نفسها.تُرسل إشارات كيميائية توحي للخلايا الطبيعية بأنها صديقة، فتُمنح الأمان.وهكذا، تنمو هذه الخلايا بشكل غير منضبط، وتنتشر في أنحاء الجسم، دون أن تواجه مقاومة حقيقية.
في الحياة، كما في الجسد، العدو الخارجي واضح. البكتيريا والفيروسات تُهاجم من الخارج، ويمكن طردها بسهولة. لكن العدو الداخلي، ذاك الذي يشبهنا،ويعرف كيف يتسلل،ولدية القدرة علي التمويه هذا هو الأخطر. الإنسان لا يتعثر بالحجارة الكبيرة، بل بالحجارة الصغيرة التي لا ينتبه لها.
لا تخشَ من عدو الخارج، فهو مكشوف ويمكن مواجهته وبالمناعة الطبيعية.بل اخشَ من عدو الداخل، الذي يتسلل في صمت،ويُخفي نواياه خلف الأقنعة ويستطيع التمويه سواء في الجسد أو في المجتمع أو في النفس، الخطر الحقيقي هو من يعرفك جيداً، ويعرف كيف يخدعك.حفظ الله السودان وشعبه.
meehad74@gmail.com
الهندي عزالدين التحية لجيشنا العظيم ومنظومة الصناعات الدفاعية
ودّعنا فجر أمس ، من محطة السد العالي في “أسوان” الجميلة الرائعة ، ركاب القطار …