‫الرئيسية‬ مقالات همسة في أذن السيد رئيس الوزراء عن جهاز المغتربين أتحدث عادل عسوم
مقالات - ‫‫‫‏‫3 أسابيع مضت‬

همسة في أذن السيد رئيس الوزراء عن جهاز المغتربين أتحدث عادل عسوم

وقعت على نشرة صادرة من الأمانة العامة لجهاز تنظيم شؤون السودانيين في الخارج في عام 2022، تفسد بأن عدد المهاجرين السودانيين بلغ 10 مليون مهاجر في العالم، منهم 950 الف مهاجر سوداني في المملكة العربية السعودية.

انتهى.

ولعل العدد أكبر من ذلك بكثير،

وقد قدر لي التواصل مع غالب الأمناء العامين لجهاز المغتربين السودانيين، وكان ولم يزل لي تواصل مع بعضهم، بدءا من الأستاذ تاج الدين المهدي رحمه الله، والأخ -الإقتصادي- كمال علي مدني والأديب كرار التهامي، وسبق لي ان عرضت على بعضهم بعضا من الرؤى، ومن ذلك الإفادة من التجربة الهندية بالذات، لما في البيئة الهندية من شبه بما عندنا، ومن ذلك الصناعات الغذائية الصغيرة لتحويل العديد من منتجاتنا الغذائية الى مواد وسيطة عوضاً عن تصديرها كمادة خام، في سياق مايعرف لدى أهل الإقتصاد والتجارة ب add value، حيث يتضاعف الدخل عندما ننأى بأنفسنا عن تصديرها كمواد خام ونظل بقرة حلوب لغيرنا، من ذلك الفواكه العديدة من مانجو وموز وتمور ومحاصيل زراعية ومواشي وجلودها وصمغ عربي وغير ذلك مما أفاء الله علينا به من موارد ومنتجات، وبين أيدينا أسواق ممتدة ودول عديدة تبحث عن المنتجات (العضوية) ويصل الحال ببعضها مرحلة الهوس للحصول على منتجات غذائية عضوية، فتجد الفارق في سعر العبوة كبير جدا!

أليس من الممكن الخلوص الى استراتيجية مدروسة للتعامل مع هؤلاء العشر ملايين سوداني ليكونوا الشريحة الأساس لنهضة (تصنيعية) ممتدة؟!

ومعروف أن السودانيين انهم من اكثر شعوب العالم ارتباطا وجدانيا بوطنهم الاول وإن نالوا هوية دولة أخرى؟! بل يظل ارتباطهم بالسودان متصل الى الجيل الثاني على اقل تقدير، وبالتالي تظل اياديهم سخية بالمال وصلا لرحم فيه أو استثمار على اديم أرضه ومائه وسمائه، يضاف اليهم نصف اخر يقيم في دول الخليج وبعض دول افريقيا وآسيا ودول اخرى،

وكم من دول استطاعت الإفادة من تحويلات ومدخرات وشخوص مغتربيها فجعلتها وجعلتهم من اهم مصادر خبرتها وفي توفير العملة الصعبة للصرف على وارداتها، بل وصل الحال بدولة مثل أثيوبيا ان استعانت بهم للصرف على مشروعات استثمارية وتنموية ضخمة مثل سد النهضة وخط القطار الحديث الذي يربط اثيوبيا بدولة جيبوتي وصلا بالعاصمة اديس ابابا ومدن أخرى.

وهناك لبنان الذي تعتبر وزارة المغتربين فيه من أهم الوزارات في الدولة بما ترفد الخزينة العامة من عملات،

وكذلك مصر، فقد ظلت تحويلات امغتربيها من أهم مصادر العملة الصعبة بعد وزارة السياحة، بل استطاعت تلك التحويلات ان تفوق ايرادات السياحة وقناة السويس خلال سنوات قريبة.

 

من اليسر للجهاز وضع سياسة تقنع المغترب بالاستثمار في ذلك والاستعاضة عن ما يسمى بالحوافز الحالية بمكائن ومعدات مصنوعة في الهند ودول شرق آسيا بسيطة ولاتعقيد تقني فيها وهي في مقدور غالب المغتربين ان لم يكن كلهم، وترفق كل معدة بألواح للطاقة الشمسية، تكون متناسبة مع تأهيل المغترب الأكاديمي او خبراته المكتسبة، فيحصل كل مغترب بما يعادل مجموع تحويلاته النقدية في القنوات البنكية الرسمية معصرة زيت او ماكينة تحويل ثمار النانجو الى مكثفات bulb، وكذلك مكائن تحويل ثمار المانجو الى قمردين ثبت بأنه أفضل من قمردين المشمش الذي نستورده من دول أخرى، وهذه الصناعات معلوم عنها انها تتطور مع الوقت والخبرة وقد وصل الحال ببعض الأسر في الهند وسريلانكا ان تحصلت على إجازة واختام مؤسسات جودة عالمية مثل نستلي Nestle وغيرها لتباع في العديد من الأسواق الأمريكية والأوربية.

لا ينبغي أن يظل هذا الجهاز ماض في سياسات سابقة

خجولة ومبتسرة تتعامل مع المغترب السوداني بذات النظرة القديمة (حافز العفش) وأحيانا (عربة مستعملة)، وعروضات (الإسكان) وغيرها من رؤى غالبا مبتسر وليس فيه من الفائدة الكثير للمغترب ثم يصطدم بموانع داخليه عديدة منها التعارض مع موجهات وزارات أخرى، فلاتتحقق -حتى- هذه الوعود، وبذلك يصبح الجهاز (دوما) مثار نقمة من المغتربين، وللعلم يمكن لكل الطروحات السابقة ان تستوعب في الطرح الذي ادعو له وهو تحويل المغتربين الى شريحة أساسية في حراك التصنيع في السودان.

أدعو الى إلغاء (كل) الضرائب على المغتربين السودانيين، فلا يوجد مغترب يدفع ضريبة بلا مقابل وهو الذي يعيش خارج بلده، ومعلوم ان الضرائب تكون عادة مقابل خدمات تقدمها الدول لمواطنيها، فليكن التعامل مع التحويل من المغترب في القنوات الرسمية، ينال مقابله الكثير ومن ذلك قطعة ارض سكنية واخرى استثمارية تتبعها تسهيلات بنكية مجزية للبناء اضافة الى عطايا اخرى عديدة طالما ألتزم وأكمل المبلغ المرصود للتحويل دون أن يرتهن ذلك بالعودة النهائية الى بلده إذ هناك من يستقر حيث يعيش ولكن تكون لديه الرغبة في الوصل بالجذور.

هذه سياسات العديد من الدول من حولنا، منها أثيوبيا، وكذلك المصري الذي يدفع لبلده عُشر مايدفعه السوداني لبلده وعلى الرغم من ذلك ينال اعفاءات (كاملة) على كل ما يؤمن له حياة مستقرة لدى عودته، منها تسهيلات للسكن واعفاءات للأثاث بل يصل الامر الى سيارة معفاة تماما من الجمارك وكذلك كل مايعينه على نشاط استثماري من اجهزة ومعدات ومواد تعينه على استثمار جديد للاستقرار النهائي في بلده.

ولعمري فان الفارق مابيننا وبين اولئك وهؤلاء هو عدم تمكن حكومتنا من استقطاب مدخرات المغترب السوداني وتحويلاته فتعمد الحكومة الى تطفيشه بما تفرضه من ضرائب تثقل كاهله فيجد نفسه مضطرا الى التحويل من خلال قنوات السوق الاسود ملايين أضعاف ما تنتزعه منه الحكومة من ضرائب وزكاة ورسوم خدمات تثقل الكاهل،

فلو انا افترضنا بأن العشر ملايين مغترب سوداني هؤلاء ادرجوا في مضابط جهاز المغتربين واعتبرنا بان متوسط مايتوقع ايراده من ضرائب وزكاة ورسوم خدمات بواقع خمسمائة دولار سنويا فلنقايس الامر مع ماقرأته من قبل بان تحويلات المغتربين السودانيين من خلال قنوات السوق الاسود خلال عام 2014 لوحده تجاوزت المليار دولار على اقل تقدير، وذلك من خلال متابعة لحجم العملات الصعبة التي تُدولت في السوق السوداني بنهاية ذاك العام!

لتراهن حكومتنا على تحويلات المغتربين دون هذه الضرائب التي تنفر ولا تكاد تضيف الكثير الى الخزينة، وليكن التعويل على الاستثمار الداخلي -مهما صغر ماعونه- وذلك من خلال تغيير اسلوب الجبايات العقيم والذي ادى الى جَبِّ ايما نية لاستثمار للعديد من السودانيين لما عانوه من وطأة الضرائب والجبايات العديدة ومنها جباية (النفايات)! حتى وصل الامر بالعديد من المستثمرين الصغار الى ايصاد ابواب موائل استثماراتهم والانخراط في الاستثمارات الجبانة في تجارة الأراضي والعقارات حتى اصبح سعر متر الأرض في بعض أنحاء العاصمة السودانية اغلى من رصيفه في مانهاتن قبل الحرب، أما كبار المستثمرين فحدث ولاحرج، فقد استقبطهم أثيوبيا الجارة بسبب قانون استثمار مغري، حيث الارض بالمجان والاعفاءات الضريبية لسنوات الى أن تستقر المنشأة وتبدأ في جني الارباح وهي -أي الضرائب- بعد ذلك لاتقارن البتة بكم وحجم الضرائب التي اعتدنا عليها في السودان.

السعي الى النهوض بالزراعة والتصنيع الزراعي والحيواني الى مداه الذي يليق بالسودان (السلة للغذاء) زرعا ومنتجات حيوانية، وفي البال تجارب العديد من الدول، مثل ماليزيا التي زرع شعبها اكثر من مليون فسيلة نخلة زيت فاذا بماليزيا بعد اعوام قلائل تصبح في طليعة منتجي ومُصدِّري زيت النخيل في العالم، والتحية واجبة لقائدها مهاتير محمد رحمه الله وليكن لك فيه أسوة حسنة يارئيس وزرائنا دكتور كامل إدريس، وبالمناسة هناك فرصة لاتعوض بأن يصبح السودان من أهم الدول الصانعة لألواح الطاقة الشمسية solar panels لما فيه من رمال قوامها أنقى انواع ثاني أوكسيد السيليكون SO2 في قيزان كوري في الولاية الشمالية وكذلك في ولايات كردفان! وكذلك تجربة هولندا في مجال الألبان والسودان يفضلها في الأرض والماء والزرع!، وتجربة أستراليا في مجال تربية الخراف وفي الاعتبار عشرات الآلاف من شبابنا المتخرين في كليات الزراعة والبيطرة والانتاج الحيواني ممن ينخرطون الان في اعمال ووظائف لاعلاقة لها البتة بمساقات دراستهم، هذا ان وجدوا لهم وظيفة في الأصل!

اقول ذلك وفي الخاطر الكثير مما وصل اليه العالم من تقانات حديثة منها البيوت المحمية وتقانة التهجين والتحسينات السلالية، وقد استطاع العديد من علمائنا وطلاب الدراسات العليا لدينا الخلوص الى نتائج مذهلة حتى لبعض مراكز البحوث العالمية!

وهناك ايضا الكثير المثير مما يمكن ان يصبح موئلا لصادر تتعطش له جل اسواق العالم -ان لم يكن كلها- ومن ذلك صمغنا العربي الذي علمت بانه عماد لاكثر من ثلاثة آلاف نوع من الصناعات الغذائية والدوائية، دعم من عوالم البروبيوتك الذي يمكن لصمغنا العربي الدخول في صناعاته أدوية ومكملات غذائية لايوازيها بترول ولاغاز طبيعي!

لا أود التكرار، ولكن يحز في النفس ان نكون بهذه الموارد العطية من ربنا، وامكانياتنا المهولة بأن نصبح في صدارة منتجي ومصدِّري الكثير ومن ذلك مكثفات المانجو التي ذكرت من قبل، وفي الخاطر غابات المانجو في جنوب كردفان والنيل الازرق، وكذلك العديد من الفواكه كالبرتقال والليمون والقريب فروت الذي اثبتت الدراسات الكيميائية والطبية بأنه افضل مذيب للكولسترول في الدم ثم منتجات عديدة كالشمام/القاليا المرغوب جدا في أوربا، ثم حب البطيخ الذي يباع نصف الجرام منه على متن الطائرات بما يعادل الدولار الامريكي، وكذلك منتجات الجلود وهذه بقليل من التقانة يمكننا ان نحيل الآلاف من المشتغلين فيها يدويا الى منتجين تنافس احذيتهم ومحافظهم الجلدية الK shoes والكريستيان ديور، وتترى منتجات لنا أخرى كالكركديه والتبلدي وكذلك القمح الذي اثبتت التجارب بان الولاية الشمالية لوحدها يمكنها ان تكفي العالم العربي ان زرعت قمحا، وكذلك الذرة الذي يتم تصدير الأطنان منه الى دول مجاورة كغذاء أساس في مزارع الدجاج و الحمام بأقل الأسعار، وفي الإمكان وبكل يسر جعله أساسا للعديد من الصناعات الغذائية أو على الأقل to add value بالتعامل معه وتغليفه ليباع كعلف لكذا وكذا، فهل اقتصرت (الشطارة) على سوانا وتجاوزتنا؟!

وهناك بيوت خبرة عالمية عديدة منبثة ومتاحة في دول العالم تمتلك كل مايلزم من تقانة وخبرة وحتى المال، والعديد منها مافتئ يبحث عن فرص للاستثمار في أيما بقعة يسودها السلام في هذا العالم، وان لم نجد فهناك العديد من الحكومات او الشركات او البنوك في دول ليس بيننا وبينها مايضير مثل تركيا وماليزيا والصين، ولدينا مغتربينا ممن اكتسبوا خبرات عديدة في ارجاء هذا العالم المترامي الأطراف،

فلماذا لا نفعل ذلك بدلا عن المراوحة في مكاننا بإجترار واعادة السياسات السابقة؟!

انها همسة في أذن الأمين العام القادم، وهي من قبل همسة في إذن رئيس وزرائنا (المغترب) الكتور كامل إدريس.

والله من وراء القصد

adilassoom@gmail.com

‫شاهد أيضًا‬

مسارات د.نجلاء حسين المكابرابي  انتاج الفكرة الاقتصادية 

دائما مانهتم بمتابعة الحداثة والتطوير في كافة انحاء العالم ، لكي نساهم في بناء السودان الج…