حمدوك والمؤامرة على استقرار السودان: بين الحرب وتفكيك الدولة بقلم: حمد يوسف حمد

لم يكن عبد الله حمدوك مجرد شخصية إدارية تولت رئاسة الحكومة الانتقالية في لحظة استثنائية من تاريخ السودان، بل كان رمزًا لتقاطع المصالح الدولية والإقليمية مع النخب المحلية المتصارعة، في وقت يُراد فيه تفكيك الدولة السودانية لا إصلاحها. لكن السؤال الجوهري: هل كان حمدوك جزءًا من مخطط لتشتيت السودان؟ أم مجرد أداة في لعبة أكبر منه؟
خلف الواجهة المدنية.. هندسة صراع ممنهج
حين جاء حمدوك إلى المشهد السياسي، رُوّج له على أنه “الرجل الاقتصادي النزيه” و”الخبير الأممي” القادر على إنقاذ البلاد من أزماتها، لكن سرعان ما تكشفت خيوط اللعبة:
تم إقصاء الجيش تدريجيًا من المعادلة السياسية دون تسوية حقيقية.
اُستُخدمت واجهة مدنية هشة تقودها قوى لا تملك قواعد جماهيرية، بل تنفذ أجندات الخارج.
فُرضت شروط صندوق النقد الدولي دون أي حماية اجتماعية، ما أدى إلى تفاقم الفقر والانفجار الشعبي.
بين الانقلاب والمسرحية: أين كان حمدوك؟
عندما وقع “انقلاب 25 أكتوبر 2021″، عاد حمدوك إلى منصبه باتفاق مع الجيش، في مشهد بدا أقرب إلى صفقة خلف الكواليس لا إنقاذ للثورة. ثم استقال فجأة، تاركًا البلاد تغرق أكثر في الفراغ السياسي والانهيار الاقتصادي.
وهنا تتعالى الأسئلة:
هل كانت عودته محاولة “لإعادة تعويم النظام” لا أكثر؟
من الذي ضغط عليه للاستقالة في اللحظة الحرجة؟
ولماذا غاب عن المشهد تمامًا بعد اندلاع الحرب، بينما كان يُفترض به لعب دور وطني جامع؟
المخطط الأكبر: تفكيك السودان باسم “الانتقال”
منذ بداية المرحلة الانتقالية، ظهرت مؤشرات على وجود مخطط خارجي لإعادة هندسة السودان عبر:
إضعاف الجيش وتفكيك المؤسسة العسكرية.
شرعنة قوات الدعم السريع كقوة موازية، تمهيدًا لتقسيم البلاد أو إدارتها بنظام لامركزي هش.
تعميق الصراع الإثني والجهوي، وإشغال الشارع بمعارك جانبية.
تغييب الإرادة الوطنية الجامعة لصالح نخب مدنية مستوردة من الخارج سياسيًا وثقافيًا.
حمدوك: دور وظيفي أم مشروع استعماري؟
لم يكن حمدوك وحده، بل كان يمثل تيارًا مدعومًا من العواصم الغربية والمنظمات الدولية، يتبنى خطابًا ناعمًا لكنه يُطبّق سياسات قاسية تنزع السيادة وتُضعف الدولة.
لقد مهدت تلك السياسات الطريق للصراع الحالي بين الجيش والدعم السريع، حين تجاهلت خطر التسلح الموازي، وشرعنت وجود قوى أمنية خارجة عن الدولة.
بين المسكوت والمفتضح
الحقائق بدأت تظهر:
مخططات تقسيم السودان لم تعد خيالًا، بل تُناقش في غرف مغلقة وتُسرّب للعلن على استحياء.
التدخلات الدولية صارت أكثر فجاجة، من دعم الدعم السريع علنًا إلى فرض مواقف على القوى المدنية.
القوى التي كانت ترفع شعار “المدنية”، أصبحت أدوات صراع وفوضى لا أكثر.
آخر الكلام : السودان ليس للبيع
إن ما جرى خلال فترة حمدوك، وما بعدها، ليس سوى فصل من مؤامرة كبرى تستهدف تفكيك السودان سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا. وعلى القوى الوطنية أن تعي:
أن الصراع ليس بين مدني وعسكري، بل بين مشروع وطني حقيقي ومخطط دولي للتفتيت.
أن المرحلة تتطلب قيادة واعية، صلبة، تمتلك مشروعًا سياديًا، لا موظفين أمميين بشعارات زائفة.
أن الشعب السوداني وحده القادر على إعادة بناء دولته، إذا كسر أوهام “المجتمع الدولي” ومخططات نُخب الفنادق.
إسناد تستعرض تجربة الجزيرة في التعايش السلمي بعد الحرب
استضافت مبادرة إسناد لدعم السودانيين المتأثرين بالحرب، في منتداها الشهري، البروفيسور عبد ا…