شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر بصمة على درب جمعية دنقلا للثقافة والتراث النوبى مكتب القاهرة

Ghariba2013@gmail.com
حينما تطلب مني الدكتورة ست البنات حسن، هذه القامة الرائدة في العمل العام، أن أنضم إلى مسيرة جمعية دنقلا، لم يكن أمامي سوى أن أُعرب عن تقديري العميق لثقتها الغالية. لقد كان طلباً يحمل في طياته الكثير من المعاني، لا سيما وأني أعتبر نفسي جزءًا لا يتجزأ من هذه الجمعية منذ سنوات طويلة. بصمتي واضحة في مسيرتها، وشاركت في العديد من أنشطتها ومبادراتها، وساهمت بجهد متواضع في تحقيق بعض أهدافها.
وحينها أخبرت الدكتورة ست البنات أني سأواصل مسيرتي مع الجمعية ولكن من جهة استشارية، لأقدم الخبرة والنصح، وأكون سنداً داعماً للشباب الطموح الذي يقود هذه المسيرة. إلا أن تقييمي للوضع الراهن ومسيرة الجمعية في المرحلة الحالية والمستقبلية دفعني لاتخاذ قرار آخر. وعدت الدكتورة ست البنات بأني سأكون من سواعدها التنفيذية العاملة في الجمعية، وسأشارك بفعالية في كل ما من شأنه الارتقاء بالعمل، حتى نصل إلى مرحلة من الرضا التام عن أداء الجمعية. عندها فقط، أفسح المجال لشباب الجمعية لاستلام الراية ومواصلة المشوار، وأعود أدراجي للمساهمة الاستشارية.
دكتور محمد عوض محمد خير رائد لا يكذب اهله !!
في هذا السياق، لا بد لي أن أشير بكل تقدير واحترام إلى الدور المحوري الذي لعبه الدكتور محمد عوض محمد خير، رئيس جمعية دنقلا للثقافة والتراث النوبي، في تأسيس هذا الصرح الثقافي الهام. يعد الدكتور محمد عوض من أبرز الشخصيات في مجال العمل العام في دنقلا، وله إسهامات بارزة لا يمكن إغفالها، ولعل أهمها هو تأسيس هذه الجمعية التي كانت تهدف في المقام الأول إلى نشر التراث النوبي الأصيل والثقافة السودانية الغنية.
لم يقتصر دور الدكتور محمد عوض على كونه راعيًا ومؤسسًا لهذا الكيان، بل كان مشاركًا فاعلًا في اجتماعاتها، وناصحًا وموجهًا للشباب، يقدم لهم خبرته الواسعة ويوجههم نحو تحقيق الأهداف. وبفضل جهوده الكبيرة، تمكنت جمعية دنقلا من تحقيق العديد من الإنجازات الملموسة، سواء داخل السودان أو خارجه، ونجحت في أن تكون صوتًا ثقافيًا مميزًا يعكس الهوية السودانية.
تأسست جمعية دنقلا لتكون منارة حقيقية للعمل المجتمعي والثقافي، لا سيما مكتبها في قلب القاهرة حيث تتشابك دروب التاريخ مع حاضر الجالية السودانية. هذه الجمعية ليست مجرد ملتقى اجتماعي، بل هي كيان حيوي ينبض بالحياة، ومركز ثقافي متكامل، ومساحة لتبادل الخبرات وتعزيز الروابط الثقافية. لقد أثبتت الجمعية على مر السنين أنها قادرة على التكيف مع التحديات، وتقديم خدماتها بمرونة وكفاءة، سواء كان ذلك بتقديم المساعدات للمحتاجين أو تنظيم الفعاليات الثقافية التي تحافظ على الهوية السودانية في دول المهجر.
إن ما يميز جمعية دنقلا هو قاعدتها الجماهيرية الواسعة، ونشاطها البارز الذي لا يقتصر على جانب واحد، بل يمتد ليشمل أبعادًا اجتماعية وثقافية وخدمية متعددة. لقد كانت وما زالت ركيزة أساسية في حياة الجالية السودانية، ومثالاً يحتذى به في العمل العام. وبفضل خبرتها التنظيمية الواسعة، تمكنت الجمعية من إدارة الفعاليات والمبادرات بكفاءة وفعالية، لتظل في قلب المشهد السوداني بمصر.
ولكن، هذا النشاط البارز والمكانة المرموقة لجمعية دنقلا جعل من خروجها من المكتب التنفيذي للمجلس الأعلى للجالية السودانية بمصر صدمة حقيقية. هذا الخروج لا يمثل مجرد فقدان مقعد في المجلس، بل هو غياب مفتعل ومقصود لصوت فعال وشريك حيوي كان له دور أساسي في بناء هذا المجلس وتوجيه العمل المجتمعي فيه. يبدو أن “تلاعب بعض الأيادي” وصراعات السلطة والنفوذ كانت السبب في هذا الإقصاء المتعمد. إنها حملة منظمة ومدروسة لإبعاد جمعية دنقلا عن دائرة صنع القرار التنفيذي، مما يلقي بظلال من الشك على نزاهة التمثيل وعدالته.
إن ما حدث لجمعية دنقلا، هذا الكيان النشط والحيوي، يؤكد على حجم المشكلة التي تعصف بالعمل العام السوداني بمصر، ويستدعي وقفة جادة لإعادة تقييم المسيرة وتصويب الأخطاء، حتى لا نفقد المزيد من الكيانات الهامة التي تخدم مجتمعنا.
مسارات د.نجلاء حسين المكابرابي انتاج الفكرة الاقتصادية
دائما مانهتم بمتابعة الحداثة والتطوير في كافة انحاء العالم ، لكي نساهم في بناء السودان الج…