إتجاه البوصلة بقلم/الجزولي هاشم استراتيجيات بناء السلام المجتمعي… من التعايش إلى التحصين

في واقع ما بعد الحرب، لا يكفي توقيع الاتفاقات ولا الصور الجماعية في القاعات الرسمية. السلام الحقيقي يبدأ من داخل المجتمع، من الأحياء والأسواق والمدارس، ومن المزارع ومجالس القرى… حيث تسكن الذكريات، وتحتدم الجراح.

بناء السلام المجتمعي لا يتم بخطاب عابر، بل باستراتيجية متكاملة تعترف بأن العنف يبدأ حين يغيب الإنصاف، ويتراكم التساهل ويأمن المجرم العقاب، وتنعدم الثقة.

أول الاستراتيجيات: *المصارحة والمكاشفة*. لا يمكن طي صفحة الصراع دون مواجهة الحقيقة، والاعتراف بالأخطاء، وجبر الضرر، والاعتذار الصادق.

وثانيها: *العدالة الانتقالية*، والتي تضمن أن لا ينجو الجناة، ولا يُظلم الأبرياء، ولا تُدفن الحقائق تحت طاولة الموازنات السياسية.

وثالثها: *تمكين المجتمعات المحلية*، بتعزيز دور الشباب، والمرأة ، والإدارات الأهلية، وإعادة توزيع الموارد بعدالة، وبناء اقتصاد محلي مقاوم للفقر والصراع.

ورابعها: *إصلاح التعليم والإعلام*، فهما خط الدفاع الأول في مواجهة خطابات الكراهية، وبناء أجيال تعرف أن التنوع ثروة، لا لعنة.

وخامسها: *وجود مؤسسات أمنية مجتمعية* ذات وجه إنساني، مثل الشرطة المجتمعية، تكون حارسة للتعايش، لا مستفزة له.

إن بناء السلام المجتمعي لا يأتي بمرسوم، بل بإرادة واعية تعي أن المصالحة ليست ضعفًا، بل شجاعة، وأن الوقاية خير من الصدام.فإما أن نبني السلام من القاعدة… أو نعيد إنتاج الصراع بأسماء جديدة.