العودة للخرطوم اشواق وتحديات  (2-3) عباسة مصطفي حسين 

وتفرقت باهل السودان السبل وهم يفرون من حرب قاسية اجبرتهم على ترك ديارهم .. وتبعثروا في دول الجوار افرادا وجماعات وكانت مصر وليبيا وتشاد وجنوب السودان ويوغندا واثيوبيا وارتريا هي الخيارات القريبه بحكم الجغرافيا والاقل تكلفة ماليه بينما اختار الميسورين نوعا ما السعوديه والإمارات وسلطنة عمان والبحرين ورواندا وتركيا ملاذا آمنا وتبقى المعاناة هي ذاتها وان تعددت الملاجئ .

اول ما يبحث عنه اللاجئ عند وصوله هو المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لضمان الحصول على كرت المفوضية باي لون (ابيض اصفر ) بغرض الاقامة المؤقتة والمساعدات الإنسانية التي تعينه على تحمل نفقات الحياة ومتطلباتها المتجددة . وهنا تبدأ اولى مظاهر الشقاء..الصفوف متراصة قبل شروق الشمس والزحام امام بوابات المفوضية لا تخطئه العين الاطفال والنساء والشيوخ يشكلون اكثرية المنتظرين للتسجيل وملامحهم الشاحبة تعكس عمق معاناتهم. وفي الجانب الاخر تطل مشكلة التكيف مع ثقافة الدول المستضيفة وقوانينها وعاداتها معضلة وتحدي امام اللاجئ السوداني..اذا لم تعد المائدة السودانية هي الخيار الامثل خاصة مع عدم توفر المال ولم يعتاد اهل السودان السكن الرأسي والعمارات والطوابق وايقاع الحياة السريع . ومع كل ذلك تاثرت الدول المستضيفة بالثقافه السودانية فاصبحت الحنه والبخور السوداني واحدة من اشهر المطلوبات النسائيه وذاع صيت الجدلة وعرفوا الوجبات السودانية القراصة والعصيدة والتقليه وغيرها واصبح تداول المفردات العامية السودانية شائعا اوساط الشعوب الاخرى ..واصبح تطبيق بنكك طوق النجاة . اعتمدت عليه كثير من العائلات في توفير احتياجاتها الحياتية بدعم الابناء والاصدقاء والمعارف اذ ان المفوضية لم توفر ما يوفي هذه الاحتياجات من سكن وعلاج وتعليم وكساء وغذاء ..

الكل هناك يتابع اخبار الحرب باهتمام بالغ ويتفقد اهله وبيته بالتواصل المستمر ويجد ان البيت قد نهب وان جاره قد قتل وان صديقه مفقود وان جارته او قريبته قد اغتصبت وغيرها من انتهاكات الحروب اللعينه …ولايوم يمر بلا حزن .

والحرب تدخل عامها الثالث بدت تلوح اشارات وبشارات عودة الخرطوم لحضن الوطن او عودة الوطن لحضن الخرطوم وارتفعت الاصوات تنادي بالعودة للخرطوم .