‫الرئيسية‬ مقالات ماذا بعد نيويورك.. قراءة مختلفة  بقلم: المستشار القانوني الدولي لتسوية المنازعات والمستشار الاستراتيجي لمنظمة التنمية المستدامة (UNASDG) وسفيرها الفخري لدى جمهورية السودان د. النذير إبراهيم محمد أبوسيل
مقالات - ‫‫‫‏‫يومين مضت‬

ماذا بعد نيويورك.. قراءة مختلفة  بقلم: المستشار القانوني الدولي لتسوية المنازعات والمستشار الاستراتيجي لمنظمة التنمية المستدامة (UNASDG) وسفيرها الفخري لدى جمهورية السودان د. النذير إبراهيم محمد أبوسيل

ماذا بعد نيويورك.. قراءة مختلفة   بقلم: المستشار القانوني الدولي لتسوية المنازعات  والمستشار الاستراتيجي لمنظمة التنمية المستدامة (UNASDG)  وسفيرها الفخري لدى جمهورية السودان  د. النذير إبراهيم محمد أبوسيل

كتب الأستاذ عثمان ميرغني مقالاً بعنوان “ماذا بعد نيويورك” تناول فيه مقارنة بين زيارة رئيس الوزراء السابق د. عبدالله حمدوك إلى نيويورك عام 2019 وزيارة رئيس الوزراء الحالي البروفيسور كامل إدريس.

وبينما اتسم المقال بقدر من الحنين لتلك المرحلة، فإن من الواجب على القارئ والمتابع أن ينظر للصورة بمنظار أكثر عمقاً، بعيداً عن المقارنات السطحية.

أولاً: حمدوك ومشروع الأجندات الخارجية

ما حدث في فترة ما بعد ثورة ديسمبر لم يكن مجرد انفتاح على العالم، بل كان جزءاً من خطة مدروسة لتطويع القرار السوداني وإلحاقه بمحاور خارجية.

• رفع السودان من قائمة الإرهاب ارتبط بشروط وإملاءات سياسية وأمنية، لم يكن للسودان خيار سوى قبولها.

• مؤتمرات برلين وباريس لم تكن برامج إنتاج حقيقية، بل وعود مشروطة مرتبطة ببرامج المؤسسات الدولية المانحة.

• والأخطر أن تلك المرحلة مهّدت لتفكيك مؤسسات الدولة وإضعاف بنيتها، الأمر الذي ظهر أثره لاحقاً في الحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023، حيث تكشّف أن كثيراً من القوى الخارجية التي دعمت المرحلة السابقة كانت جزءاً من صناعة الأزمة الحالية.

إن تصوير تلك المرحلة وكأنها “عصر ذهبي” فيه ظلم للحقائق؛ فقد كان حمدوك جزءاً من مشروع خارجي هدفه إعادة صياغة السودان على مقاس مصالح دولية، وليس على أساس المصلحة الوطنية العليا.

ثانياً: كامل إدريس وواقع مختلف

اليوم يأتي البروفيسور كامل إدريس في ظرف مغاير تماماً؛ السودان يئن تحت وطأة حرب مدمرة أنهكت الدولة والمجتمع.

• مهمته ليست “الترويج الدعائي”، بل إعادة وضع السودان على خارطة الاهتمام الدولي من جديد، في وقت تسعى فيه قوى إقليمية ودولية لفرض واقع بديل عبر دعم مليشيات وكيانات موازية.

• لقاءاته في نيويورك – حتى وإن بدت للبعض رمزية أو بروتوكولية – هي خطوات تأسيسية لتثبيت وجود السودان الرسمي في المحافل الدولية، ومنع عزله أو تجاوزه.

• وهو يعمل في بيئة لا تسمح بالمنجزات السريعة، بل تتطلب دبلوماسية تراكمية صبورة تُبنى نتائجها على المدى المتوسط والبعيد.

ثالثاً: الحاجة لخطاب واقعي

الأزمة الراهنة ليست مجرد “إخفاقات حكومة الأمل” كما قد يُصوَّر، وإنما هي نتيجة تراكم مشروع خارجي استغل الثورة وأفرغها من مضمونها. وما نعيشه اليوم هو حصاد تلك السياسات التي مهّدت الطريق للانقسام والحرب.

وعليه؛ فإن المطلوب منّا كسودانيين هو أن نتجاوز لغة المقارنات بين الأشخاص، ونركز على كيفية إعادة بناء الدولة الوطنية على أساس المصلحة العليا للسودان، لا على أساس إرضاء المانحين أو تنفيذ وصفاتهم الجاهزة.

✍️ الخلاصة:

• حمدوك كان واجهة لمشروع خارجي مكّن للأجندات التي انفجرت لاحقاً في شكل حرب.

• كامل إدريس جاء في ظرف وطني صعب ليحاول تثبيت وجود السودان في الساحة الدولية وسط الركام.

• المطلوب اليوم خطاب واقعي يُعيد الثقة للشعب، ويكشف الحقائق بعيداً عن التزييف الإعلامي.

‫شاهد أيضًا‬

الهندي عزالدين  التحية لجيشنا العظيم ومنظومة الصناعات الدفاعية

ودّعنا فجر أمس ، من محطة السد العالي في “أسوان” الجميلة الرائعة ، ركاب القطار …