إتجاه البوصلة بقلم/الجزولي هاشم “الأوطان تتآكل من الداخل: حين تصبح القبيلة بديلاً عن الدولة”

في زمن الحرب، لا تنفجر فقط المدافع على خطوط النار، بل تنفجر أيضًا القيم في عمق المجتمعات. وما يشهده السودان اليوم من تعمد لتفكيك في النسيج الاجتماعي، هو أخطر من دمار البنية التحتية، لأن الأوطان تُبنى بالناس قبل الحجر، وبالولاء للمشترك الوطني قبل الانتماء للقبيلة أو الجهة.
لقد أدت الحرب التي اجتاحت البلاد إلى نزوح الملايين، وتشظي المجتمعات، وتبدل مراكز الثقل السكاني، لكن الأخطر هو تصعيد الصوت القبلي والجهوي على حساب صوت الوطن كمحاولة لصناعة تأييد كتلي باسم القبائل والجيهة وتعميق جراح المجتمع.
باتت القبيلة مظلة النجاة، والانتماء الضيق وملجأ الأمان، في غياب مشروع وطني جامع، بعد هزيمة مشروع المليشيا وحاضنته تأسيس الدولة تحتاج لعقد اجتماعي يؤكد على أن الدولة قادرة أن تكن حاضنة للكل ولاحاجة لحواضن ضيقة .
إن التسييس الخطير للانتماءات القبلية والجهوية، واستخدامها كأداة للتحشيد السياسي أو المسلح كماتفعل المليشيا المتمردة وتأسيس الخائنة، بات يُشكل تهديدًا حقيقيًا لوحدة السودان، ينبغي مقاومة مشروع التشظي بمزيد من التماسك المجتمعي ،وأي تراخي وترك المسألة دون توعية الكل خاصة المغرر بهم من البسطأ قد يتسبب في حروب صغيرة داخل الحرب الكبرى، تكون كلفتها أفدح وأطول مدى.
بعد هزيمة مليشيا الخراب ومشروع تأسيس التأمري نحتاج إلى إطلاق مشروع وطني يعيد تعريف السوداني بأنه “مواطن” أولاً، قبل أن يكون ابن قبيلة أو جهة.
نحتاج إلى خطاب سياسي راشد، لا يستثمر في الانقسام، وإلى إعلام يعزز الوحدة لا يكرّس الكراهية، والي مناهج تربية تبني وجدان سليم للأجيال القادمة.
المجتمع السوداني بحاجة إلى إعادة ترميم نفسي وثقافي وإعلا القيم التي تعيد الثقة بين مكوناته ، وتُعلي من شأن المواطنة، وتفتح الباب للمصالحة المجتمعية.
نحن نواجه حربًا مزدوجة: حرب السلاح، وحرب الهوية.ولا خلاص إلا بالتماسك المجتمعي، الذي هو صمام الأمان في وجه كل مشاريع التقسيم والتفكيك المتعمدة .
إتجاه البوصلة للعقلاء: لا تتركوا القبيلة تأكل الدولة… ولا تجعلوا الانتماء القبلي أوالجهوي يعلو على الوطن.
حديث الكرامة كالوقي ..بشاعة المجازر تهز صمت المنابر الطيب قسم السيد
يبدو أن السودان قد احكم خطته لتعزيز مساره الدبلوماسي، بنهج فاعل ومؤثر،عبر المنابر الدولية …





