إتِّجاه البوصلة. بقلم/ الجزولي هاشم. ” مقدمة المستقبل ومطلوبات الواقع “

في خضم حربٍ ممتدةٍ تهزّ كيان السودان وتُعصف بأمنه المدني والعسكري معًا، لم تعد الأولويات تُقاس بالقوة وحدها، بل بما تملكه الدولة من عقلٍ استراتيجي، وقدرةٍ على تعبئة المجتمع، وإدارة مواردها بحنكة. المطلوبات هنا ليست رفاهية أيديولوجية، بل خطوات عملية تُنقذ الدولة وتعيد ضبط بوصلة الوطن نحو سيادةٍ وأمن مستدامين.
1. الوحدة الصلبة للقوات المسلحة.
الأساس الذي لا يقبل المساومة هو وحدة المؤسسة العسكرية كهيكل منسجمٍ متماسك. يتطلب ذلك تعزيز آليات التنسيق بين القيادات، ضبطًا صارمًا للانضباط، وسد ثغراتٍ تنظيمية تتيح استغلالها من الخصم أو الميليشيات. وحدها مؤسسة موحدة تستطيع الحفاظ على الجبهة الداخلية وتحريك القدرات الوطنية بفعالية.
2. التعبئة والاستنفار الشامل.
الأمن مسؤولية وطنية لا تحتكرها وحدها الكتائب. تعبئة المقاومة الشعبية وتوسيع قاعدة الاحتياط عبر برامج استدعاء وتدريب سريع ومدروس يؤدي إلى رفع الجاهزية القتالية، ويحوّل الحراك الشعبي لشبكة فعّالة تحمي المدن والريف معًا.
3. التسليح والتقنية.
الحروب اليوم تُحسم بجزءٍ كبير عبر تفوّقٍ تقني. توفير إمداد لوجستي متنوع ومستمر، مع استثمار نوعي في قدرات مثل الطيران المسيّر، الحرب السيبرانية، والاستخبارات الحديثة، سيمنح القوات قدرة على كشف المخاطر والرد المباشر بكفاءة.
4. تأمين المدن والمراكز الحيوية.
لا تكفي الخطط الهجومية دون حماية المواطن ومرافق الحياة. إقامة أحزمة دفاع حول عواصم الولايات والمدن الكبرى، تأمين خطوط الإمداد، ومنع التسلل والتجسس، هي إجراءات تُحافظ على استمرارية الدولة وتُبقي نبض الحياة عامرًا.
5. الردع والضربات الاستباقية.
الردع الفاعل يتطلب عمليات نوعية مدروسة تقوّض قدرات العدو وتفشل مخططاته، مع تركيز على ضرب مصادر التمويل وغرف العمليات الداعمة للميليشيات. ذلك لا يعني إهمال القوانين والضوابط، بل توظيف قوة منظمة لتحقيق أثرٍ استراتيجي واضح.
6. حماية المدنيين
حماية المدنيين ليست بعدًا إنسانيًا منفصلًا عن العمل العسكري؛ بل عنصر تكتيكي واستراتيجي. الدمج بين العمليات العسكرية والعمل الإنساني، وتنسيق حقيقي مع المجتمعات المحلية، يُولّد ثقةً ويُحسّن جودة المعلومات الاستخبارية، ويُنقذ الأرواح ويقلل الهجرات الناجمة عن الصراع.
7. الرسالة الإعلامية العسكرية
الميدان لا يُحسم منفردًا دون معركة الوعي. بناء خطاب وطني تعبوي، يكافح الحرب النفسية والشائعات ويشرح أهداف العمليات لضمان شرعية داخلية ودعم مجتمعي. إعلامٌ شفاف ومدروس يخفف من الفراغ المعلوماتي الذي تستغله القوات المضادة.
8. الدبلوماسية العسكرية والسيادية
في زمن التحالفات والتمويلات الخارجية، فإن فضح الدعم الخارجي للميليشيات وبناء علاقات إقليمية تدعم سيادة السودان أمرٌ حيوي. الدبلوماسية يجب أن تكون امتدادًا لقدرات القوات، لا بديلًا عنها — فعلاقات سليمة تُقوّي الموقف السياسي وتضغط لوقف الدعم الخارجي.
خلاصة وتوصيات سريعة
المطلوب اليوم ليس مجرد تقوية السلاح، بل تطوير العقل: إدارة متماسكة، تعبئة وطنية، تقنية متقدمة، حماية للمواطن، وخطاب إعلامي ودبلوماسي يفرض الحق ويكشف الباطل. خطوات عملية ممكنة على مستوى القيادة والسياسات والشارع، وتبدأ بقرار واضح لتوحيد الجهود وترتيب الأولويات وفق خطة زمنية مرنة ومؤخرة للنتائج.
نداء أخير:
الأمن والسيادة مسؤوليتنا جميعًا
جيشًا ومدنيين، مؤسساتٍ ومجتمعات. إذا أردنا أن نُعيد بوصلة السودان إلى مكانها الصحيح، فعلينا أن نعمل بعقلٍ رزينٍ وقلبٍ ثابت، وأن نضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
وفي الختام، تبقى البوصلة لا تخطئ طالما كان الاتجاه واحدًا: حماية الإنسان، حفظ الأرض، واسترداد الكرامة.
*حسبنا الله ونعم الوكيل.
*نصر من الله وفتح قريب.
حديث الكرامة كالوقي ..بشاعة المجازر تهز صمت المنابر الطيب قسم السيد
يبدو أن السودان قد احكم خطته لتعزيز مساره الدبلوماسي، بنهج فاعل ومؤثر،عبر المنابر الدولية …





